عود على بدء.. أزمة التسويق تشدد الضغوط على موسم الحمضيات والخط البياني لزراعتها إلى انخفاض

تشرين- رشا عيسى:

رغم أنّ الواقع الإنتاجي مبشرٌ هذا الموسم، لكن الملاحظ أنّ الخط البياني لزراعة الحمضيات في انخفاض وخاصة باللاذقية، وهذا التراجع يسجل على الصعيد النوعي للأشجار، في حين أن الانتعاش في عمليات التسويق الخارجي للحمضيات خلال العام الفائت، وتجاوز بعض العقبات كالسعر الاسترشادي أعطى دفعًا ايجابيًا نحو المزيد من حضور الحمضيات السورية في الأسواق الخارجية وبالتالي قدرتها على المنافسة، ليبقى العراق على رأس قائمة الوجهة التصديرية للحمضيات، تليه دول الخليج ثم لبنان وروسيا الاتحادية.

الحمضيات التي دخلت قائمة التصنيف كـ(محصول إستراتيجي) غير معلن رسميًا، لكنه معلن بالأدبيات المتعارف عليها ضمن المنطقة الساحلية، لا يبدو أن هذا المنتج ومع كثرة الاجتماعات التي تبحث معالجة التسويق قادرة على نيل رضا المزارعين المستنزفين من تكاليف الإنتاج المرتفعة والريعية القليلة، وكأن الثقة شبه معدومة بين الأطراف الرسمية والمزارعين، والسبب يعود تراكميًا لسنوات ومواسم مضت لم تصل فيها الوعود حد التنفيذ، لتبقى بيارات الحمضيات أو الليمون-وفقًا للتسمية المحلية الساحلية- محافظةً على وجودها ونوعيتها الخالية من الأثر المتبقي للمبيدات والتي لا تزال مرغوبة في الأسواق الخارجية.

الحمضيات وإن بدأت تفقد هذا الوهج الإستراتيجي المحلي مع عدم القدرة على تصريف الكمية الأكبر من الإنتاج، و مزاحمة زراعة الموز والأفوكادو اللتين تحظيان بمباركة وزارة الزراعة لعوائدهما الاقتصادية الجيدة، لا يزال قسم من مزارعيها يحافظون على بياراتهم، ويحاولون إعطائها الريات الكافية من المياه والأسمدة المطلوبة – إن وجدت-، إضافة إلى التقليم، ولا يزالون صامدين مع بساتينهم في أرضهم حتى الآن لا تغريهم الزراعات الاستوائية لزراعتها، ولا يجدون لديهم الخبرة على التعامل معها زراعيًا ولا تسويقيًا, ويفضل البعض الحفاظ على زراعة الحمضيات لأنه أتقن فن التعامل معها، والبعض يحاول الحفاظ عليها لكونه إرثاً عائلياً.

688 ألف طن

تقديرات الموسم الحالي حوالي 688 ألف طن من كافة الأصناف وفقًا لوزارة الزراعة، لتبقى العيون شاخصة باتجاه الأسواق الخارجية لتصريف أكبر كمية من هذا الإنتاج، وأيضًا إلى السوق الداخلية التي تستوعب أنواع الحمضيات كافة، حيث تتكفل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بعمليات التسويق الداخلية، ولكن لا يزال العمل محدودًا، حيث تمّ منح المؤسسة السورية للتجارة سلفة 7 مليارات لتعزيز قدرتها على تسويق الإنتاج خلال الموسم السابق، وتم تسديد 800 مليون منها حتى الآن وفقًا لبيانات وزارة الزراعة التي أوضحت أنه تم تكليف المؤسسة السورية للتجارة بشراء عشرين ألف طن من الإنتاج، مع التركيز على تسويق أكبر كمية ممكنة منها خلال فترة ذروة الإنتاج، وتم تسويق حوالي 5000 طن داخليًا.

أما عمليات استجرار المحصول بهدف التصنيع المحلي، التي يأمل مزارعو الحمضيات أن تأخذ حقها الطبيعي في المناطق الساحلية حيث المنتج الرئيس فيها الحمضيات، لا يزال الاستجرار لمعامل العصائر أيضًا بحدوده الدنيا، ولا توجد إحصاءات لحاجة المعامل الموجودة للحمضيات أو بيانات صريحة لحاجتهم.

مؤشرات التسويق

وزارة الزراعة ذهبت بتحضيراتها لهذا الموسم نحو ضرورة معرفة مؤشرات التسويق للموسم الحالي مع دراسة ما تمّ خلال الموسم الفائت من إخفاقات وإيجابيات و تقديم خطتها للموسم الحالي، ليؤكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال المهندس محمد حسان قطنا خلال الاجتماع الذي جرى مؤخرًا حول موسم الحمضيات في وزارة الزراعة أهمية التشارك مع القطاع وتفعيل دوره في عمليات التصنيع والتسويق،لافتًا إلى أن الجهود منصبة حول تسهيل عمليات التسويق والتصدير، وتقديم كافة أشكال الدعم بما يضمن الاستفادة من كامل المحصول وتحقيق عائد اقتصادي جيد للفلاح وللدولة.
وحول إن كان هناك تراجع في المساحة المزروعة أرجع الأسباب إلى توسع المخططات العمرانية والتوسع السكاني على حساب الأراضي، موضحًا أنّ عمليات القلع تتم وفق شروط معينة خاصة إن كانت الأشجار هرمة وبموجب تراخيص منظمة أصولاً.

قطنا: تراجع في المساحة المزروعة بسبب توسع المخططات العمرانية والتوسع السكاني على حساب الأراضي

آليات متنوعة

بدوره وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور محمد سامر الخليل أكد لـ( تشرين) أنّ العمل جارٍ على تحسين آليات التسويق الخاصة بهذا المنتج، متمنياً الوصول الى آليات مستقرة تحقق الدخل المناسب لمزارعي الحمضيات، لافتاً إلى أن آليات التسويق متنوعة، جزء منها التسويق الخارجي عبر التصدير، وجزء عبر المقايضة، وجزء من التسويق الاستهلاك المحلي، وجزء للعصائر وجزء من خلال “السورية للتجارة”.
وقال الخليل: خلال الموسم الفائت تم تصدير مئة ألف طن وهو رقم أفضل من السنوات السابقة، والجهود منصبة لتصدير هذه المادة، وكان هناك عدد من الإجراءات دفعت إلى رفع كمية التصدير من خلال الدعم الذي قدمته الحكومة عبر هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بوزارة الاقتصاد و تحمل جزءاً من تكلفة الشحن، وأيضًا بما يتعلق بالسعر الاسترشادي وجملة من الإجراءات التي ساعدت على وصول هذا المنتج إلى الأسواق الخارجية، مضيفًا: إن أبرز الأسواق الخارجية للحمضيات هي العراق بالمرتبة الأولى، ثم دول الخليج ولبنان وروسيا الاتحادية،لافتًا إلى أنّ طموحنا أن تكون النتائج في الموسم الحالي أكبر لما فيه مصلحة المنتج والفلاح، مؤكداً أنّ الحكومة تعمل على تقديم كل التسهيلات والدعم لتسويق محصول الحمضيات المحلي والخارجي والتصنيع بما يسهم في تخفيف تكاليف الإنتاج وتحقيق عائد اقتصادي أفضل للمزارعين

الخليل: الحكومة تعمل على تقديم كل التسهيلات والدعم لتسويق محصول الحمضيات المحلي والخارجي والتصنيع بما يسهم في تخفيف تكاليف الإنتاج وتحقيق عائد اقتصادي أفضل للمزارعين

استجرار 20 ألف طن
من جهتها، وزارة الصناعة تخطط لاستجرار 20 ألف طن، كما بين الوزير عبد القادر جوخدار، وكان قد تم تكليف وزارة الصناعة- وفقاً لكتاب مجلس الوزراء تاريخ 4 /10/2023 – التنسيق مع أصحاب معامل العصائر لوضع برنامج استجرار أكبر كمية ممكنة من الحمضيات بما يتوافق مع الطاقة الإنتاجية الكلية للمعامل وتقديم تقارير يومية عن الكميات المستجرة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالإضافة للتنسيق المستمر لاستثمار صالات الوزارة والبالغة 6 صالات مع “السورية للتجارة” .

جوخدار: وزارة الصناعة تخطط لاستجرار 20 ألف طن

الخط البياني في انخفاض

اللاذقية التي تتربع على عرش الحمضيات السورية مساحة وإنتاجًا، أوضح مدير زراعتها المهندس باسم دوبا أمام الاجتماع التسويقي في وزارة الزراعة فالخط البياني لزراعة الحمضيات في انخفاض و هناك تراجعٌ على الصعيد النوعي للأشجار، مبينًا في الوقت ذاته أنه تم خلال العام الفائت تجاوز العديد من العقبات، مع وجود تحسن مقارنة بالعام السابق من الناحية التسويقية، مؤكداً أنه يوجد في محافظة اللاذقية أكثر من 30 ألف هكتار من الحمضيات، والإنتاج المتوقع لهذا العام 544 ألف طن وهو رقم مميز جدًا وهذا العام شهد استقرارًا من الناحية المائية في المحافظة جعل واقع المحصول بشكل عام جيد.

دوبا: تم خلال العام الفائت تجاوز العديد من العقبات، مع وجود تحسن مقارنة بالعام السابق من الناحية التسويقية

وتحدث دوبا عن أبرز العقبات التي كانت موجودة وصار إلى حلها، ومنها السعر الاسترشادي للحاويات وكان 8000 دولار وتم تخفيضه وأصبح 2000 دولار كما تمّ تخفيض أجور النقل بنسبة 25% بفترة الذروة، و10%خارج الذروة.
وأيضًا الكشف ضمن ساحة طرطوس وتمّ تشكيل لجان بكل محافظة من عدة جهات معنية من وزارة الإدارة المحلية والزراعة وسوق الهال واتحاد الفلاحين تقوم بإعداد التقارير لتتبع العملية التسويقية وموافاة الجهات المعنية بالعقبات التي تعترض هذا العمل.

مليون عقبة

رئيس اللجنة المركزية للتصدير في اتحاد الغرف الزراعة السورية إياد محمد بيّن أننا نحاول الوصول إلى وجهة نظر مشتركة لنؤمن أكبر نسبة تسويق من الإنتاج العام للموسم 2024 و 2025.
وتحدث عن وجود مليون عقبة من ارتفاع التكاليف من مرحلة الزراعة للفرز والتوضيب، وعدم الحصول على الوقود اللازمة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد، وتكاليف التخليص الجمركي، والتكاليف الموجودة كلها تزيد من تكاليف المنتج ما يضعف المنافسة في الأسواق الخارجية.

43.5 ألف هكتار
وفقًا لبيانات وزارة الزراعة تبلغ المساحة المزروعة بالحمصيات بحدود 43.5 ألف هكتار ويبلغ متوسط الإنتاج لفترة عشر سنوات من (2014-2023) نحو 850 ألف طن منها 80% منها في اللاذقية و20% في طرطوس .
كما تبلغ حاجة القطر في المناطق الآمنة من المادة حوالي 350-400 ألف طن ترتفع وتنخفض حسب الأسعار والأوضاع الصحية والاجتماعية.
وبلغ متوسط الكميات المصدرة خلال عشرة سنوات نحو 90 ألف طن سنويا، وتمّ تصدير الإنتاج إلى أكثر من 20 دولة حول العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار