«مسموعيات» وألقاب «ديلفري»!
بعد عرض أي عمل درامي ترى العيون تنجذب بانبهار وإعجاب بأداء فنّان معين وكيف تقمّص الشخصية التي يؤديها ورسم ملامحها، كأنها حقيقية، لكن في أغلب الأحيان يغيب عن البال إبداع الجنود المجهولين الذين رسموا شكل الشخصية من الخارج لناحية “المكياج أو اللباس أو حتى تشكيل الوجه” إلى حدّ جعلها حقيقية ومبهرة بنسبة كبيرة، فينسب النجاح فقط إلى الفنان، وبالتأكيد هنا لا ننكر دور إبداع الفنان في تجسيد حركات الشخصية والوصول بها إلى أبعد حدود التشابه والكثير من فنانينا مبدعون وأكثر، لكن أين ذكر من عمل على هيئة الشخصية لناحية الشكل الخارجي؟ ألا يستحق أن يشاد بعمل من قام بهذا الإبداع؟!
ما يحصل في الدراما لهذه الناحية، يمكن إسقاطه تماماً على ما يجري في بعض مؤسساتنا، لكن بفارق، هو أن إبداع الممثل في الدراما يفتقر إليه الكثير من متقلّدي المراكز والمسؤوليات في العديد من المناصب، فتراهم يصعدون على أكتاف غيرهم من دون جهد أو تعب!.. إذ نسمع أن فلاناً احترافي ومهني في عمله، و”يطرش” صيته المزيّف، مع أن إنجازه لا يرقى إلى تلك الدرجة، بل اعتمد ويعتمد في نجاحه و”بهرجته” على إنجازات صنعها من هم أدنى منه في المسؤولية ولكن للأسف تنسب إليه ويصبح كأنه انتشل “الزير من البير”، بينما هو في الواقع يتوكأ على غيره من جنود مجهولين يعملون بصمت من دون أن يذكرهم أحد أو حتى يحسّ بما هو ملقى على كاهلهم من مهمات قطف هو ثمرتها “على الجاهز”!.
هذا الصيت وتعويم تلك “المسموعيات الجيدة” عن كفاءات بعض المعنيين المتسلّقين على أكتاف غيرهم لبلوغها، للأسف يوصلانهم إلى أعلى من مراتبهم، ويجعلان رؤساءهم في العمل أو أصحاب القرار منبهرين بهم، بل يتمسكون بهم وبمهنيتهم “المصطنعة”، وهنا الطامة الكبرى، إذ كان ذلك سبباً جوهرياً بتراجع أداء بعض المؤسسات، ربما لأنه كان خفيّاً أو ربما مكشوفاً، ولكن يتم التغاضي عنه لاعتبارات معينة أو شخصية.
لذلك تُرى الخبرات لم تنل حقها، وكفاءتها مغيّبة، ما يدفع أصحابها إلى البحث عمن يقدّرها خارج الحدود أو في القطاع الخاص، وهذا ينعكس على تراجع أداء المؤسسات، ليبقى صاحب الحظوة والصّيت المزيف أمام امتحان صعب من التراجع في الإنجاز وصولاً إلى الفشل، وبعدها يعلن المبررات والأعذار ويسقط الأسباب على الظروف، بينما السبب فيه وفي من اختاره لمهام تفوق خبراته وكفاءته المزعومة.
فهل ينظر إلى تلك الأمور في القادم من الأيام، وتتم مراجعة ما أنجزه الشخص فعلياً قبل ترقيته أو تكليفه بمواقع “فضفاضة” قد لا “يحمله رأسه” على تصديق الوصول إليها؟!