من يسمع الرئيس الأميركي جو بايدن وهو يقول «حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة» يعتقد أن الحرب ستنتهي خلال أيام، أو يعتقد أن بايدن قادر على إنهائها متى أراد، أو يعتقد أن الحرب محصورة فقط في غزة، أو أن الاستعصاء هو في غزة فقط.
من يسمع بايدن يتحدث بهذا المنحى بعد 11 شهراً تقريباً من الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، لا بد أن يتساءل: من يخاطب بايدن؟ لمن يتوجه بحديثه؟ مَنْ ما زال يستمع إلى مثل هذا الحديث؟ هل إنه في كامل صورة الميدان؟ وهل هو جزء من القرارات التي تتخذ بخصوص غزة، والمنطقة عموماً؟ وهل باتت هناك حالة تحييد له، من نوع ما، بانتظار على من سيرسو مزاد الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً أن الكيان الإسرائيلي لا يخفي انتظاره لعودة دونالد ترامب؟
لن نقول إن الأفضل لماء وجه بايدن ألا يتحدث عن غزة، خصوصاً عندما يُبدي تفاؤله بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لأن بايدن سيستمر في هذا الحديث، وإن كان أحداً لم يَعُد يُعرهُ أهمية، حيث سياقات غزة وميادينها تجاوزت بكثير جداً ما يتحدث عنه بايدن.. فالمسألة لم تعد في غزة، والحديث ينسحب على وقف إطلاق النار في عموم المنطقة، في ظل أن المنطقة بدورها تجاوزت كل قواعد الاشتباك السابقة باتجاه قواعد ردع جديدة، وهو ما تعترف به أميركا نفسها، ومن ينظر إلى عموم تحركاتها العسكرية في المنطقة يدرك أنها بصدد الضغط بقوة في المرحلة المقبلة بهدف العودة إلى القواعد السابقة أو إرساء قواعد جديدة أوسع تشمل الخصوم المستجدين.
الاعتقاد العام، يتجه نحو استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، أقله حتى انتهاء الانتخابات الأميركية، وبعد ذلك حديث آخر، لأميركا والمنطقة.. أما من الآن وحتى يتم ذلك فإن كل حديث لبايدن هو حديث «انتقالي» لا يُعتدّ به، ومع ذلك لا بد من رصد التحركات الأميركية وعدم إغفال التفاصيل، خصوصاً حيث توجد القواعد الأميركية.
والاعتقاد العام أيضاً بأن المسار سيبقى ثابتاً على متغيرات لا يمكن التنبؤ بنتائجها إلا بنسبة محدودة، وإذا كانت المنطقة تجنبت حتى الآن حرباً أوسع، رغم المنعطفات المتفجرة التي مرت بها، إلا أن الخطر ما زال يكمن في الزوايا، وما أكثرها.