مقاومة الضفة الغربية تورط الكيان الإسرائيلي في «جبهة ثانية».. ما الذي ينتظره بايدن لإعلان صفقته «النهائية» ‏الجديدة وأي فرص لنجاحها؟

تشرين – مها سلطان:
ما بين الغضب الذي تظهره الإدارة الأميركية من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.. وبين ما نشرته ‏صحيفة «واشنطن بوست» أمس حول صفقة «نهائية» سيطرحها الرئيس الأميركي جو بايدن في الأيام القليلة المقبلة، ‏تبدو واشنطن عالقة أكثر فأكثر في دائرة العجز عن تحريك مسار التفاوض.. على الأقل هذا ما يظهر بالعموم، إلا إذا ‏كانت الكواليس تخفي مزيداً من المواقف التآمرية، أو أن الغضب الأميركي متعلق بنتياهو فقط، فيما الحرب الوحشية ‏على غزة ما زالت تحتفظ بضوء أخضر كامل من إدارة بايدن.‏
ما هو مهم حالياً، وحيث إن بايدن وحزبه الديمقراطي يحتاجان بصورة ملحة إلى تحييد غزة عن السباق الرئاسي، أو ‏على الأقل احتواء تداعياتها على مرشحة الحزب كامالا هاريس التي تظهر فشلاً مزمناً في التعامل مع ملف غزة.. ما ‏هو مهم حالياً هو صفقة بايدن التي يقول عنها «نهائية»، وإذا ما أخذنا بالاعتبار فشل كل الصفقات والفرص (الأخيرة ‏والنهائية) طوال الأشهر الـ11 الماضية، فإن الصفقة المنتظرة لن يكون مصيرها أفضل، لكن السؤال هنا: هل إن فشل ‏صفقة بايدن الجديدة سيقود إلى تخلي إدارة بايدن أو انسحابها من مسار التفاوض؟ وماذا يعني أن يقول بايدن إنه لا ‏يتفاوض مع نتنياهو وإنما مع (زملائي ومع مصر وقطر)؟ وهل إن إدارة بايدن بصدد تحييد نتنياهو في الأيام المقبلة لضمان تمرير الصفقة؟ خصوصاً أن تصريحات بايدن التي ‏هاجمت نتنياهو وحملته مسؤولية عرقلة التفاوض، ما زالت تثير جدلاً واسعاً متصاعداً داخل الكيان الإسرائيلي، في ‏حين أن نتنياهو لا يتراجع ولا يُظهر إشارات تراجع في ظل هجمة بايدن، وبرأي أغلب المحللين والمراقبين فإن ‏نتنياهو سيبقى يماطل ويناور إلى حين إتمام الانتخابات الأميركية على أمل أن دونالد ترامب هو من سيفوز فيها.‏

تساؤلات مركّزة حول ما إذا كان الغضب الأميركي متعلق بنتنياهو فقط فيما الحرب الوحشية على غزة ما زالت ‏تحتفظ بضوء أخضر كامل من إدارة بايدن

‏ من بايدن إلى ترامب
عملياً فإن الكيان الإسرائيلي بات يتعامل مع إدارة بايدن كإدارة انتقالية، ورغم أن استطلاعات الرأي ما زالت تعطي ‏هاريس الأفضلية على ترامب وبفارق خمس نقاط (وهي نسبة كبيرة وحاسمة) إلا أن الكيان الإسرائيلي، ونتنياهو ‏تحديداً، لا يكترثان لهذا الفارق، أو أن التخطيط يتجه نحو تحقيق أكبر المكاسب (تصعيداً) في ميدان غزة وفي الإقليم، ‏في سبيل إجبار الإدارة الأميركية القادمة، أياً كانت، ديمقراطية أم جمهورية، على الأخذ بالوقائع الجديدة على الأرض، ‏ويبدو أن هذا ما يسعى إليه نتنياهو أياً يكن حجم ما يقال وينشر عن الخلافات بينه وبين واشنطن، وأياً يكن أيضاً حجم ‏التصعيد العالي المخاطر الذي سيقدم عليه، وأياً يكن من شأن التظاهرات التي تخرج ضده منذ أيام بعد مقتل ستة من ‏الرهائن.‏
هذا ونحن لم نتحدث عن محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الذي يعمق أزمة التفاوض، ويضع الجانب المصري في ‏الموقف الذي لن يقبل التفاوض على أي بند لا يضمن الأمن القومي الكامل المتعلق بمحور فيلادلفيا.. وإذا ما كان ‏نتنياهو يصر على عدم الانسحاب من فيلادلفيا (بزعم أنه الممر الرئيسي لتسليح حماس)، فهذا يعني أن الإدارة ‏الأميركية خسرت مسبقاً الجانب المصري فيما يخص الصفقة النهائية التي سيطرحها بايدن، وهذا أمر متوقع طالما بقي ‏نتنياهو على رأس حكومة الاحتلال، وطالما أنه سيعرقل كل صفقة/خطة لا تجيز للكيان الإسرائيلي (احتلال) محور ‏فيلادلفيا بصورة رسمية وصريحة.‏
وعليه فإن مسألة مقتل الرهائن الست، التي تم وضعها في إطار التطور المفصلي على مسار المفاوضات وأنها ستدفع ‏باتجاه الوصول إلى تسوية، لا يبدو أنها ستغير شيئاً على أرض الواقع، وهو ما تعترف به إدارة بايدن نفسها إذا ما ‏أخذنا بالاعتبار أن بايدن – كما يبدو – لا يلقي بثقل وازن خلف الصفقة النهائية التي ما زالت في سياق ما أوردته ‏صحيفة «واشنطن بوست»، من دون تفاصيل.. بايدن نفسه لم يتحدث عنها حتى تلميحاً، وهذا يعني أن ما نشرته «واشنطن ‏بوست» هو لجسّ النبض فقط، وهو باتجاه نتنياهو تحديداً. أما إذا تقدم بايدن في الأيام المقبلة للإعلان عنها، فهذا يعني ‏أمرين: إما إنه تلقى موافقة إسرائيلية عليها، أو إنه لا يملك خياراً إلا طرحها حتى لو كانت نتيجتها الفشل، فالولايات ‏المتحدة عملياً لا تستطيع الانسحاب من جبهة غزة، وهي شريك أساسي فيها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن غزة ‏هي نقطة البداية لترتيب كامل الوضع الأميركي في المنطقة.‏. وهذا الأمر هو ما يلعب عليه نتنياهو، ويعرف أنه في المواجهة مع إدارة بايدن (الانتقالية) هو في الجانب الأقوى، أقله ‏حتى موعد الانتخابات الأميركية في الـ5 من تشرين الثاني المقبل. ‏

جبهة الضفة
وفيما يواصل الكيان الإسرائيلي توسيع جبهة غزة باتجاه الضفة الغربية، نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليوم ‏الثلاثاء ما سمته «تحولاً خطراً في استراتيجية المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تجاه الضفة الغربية»، وقالت: إن هذه ‏المؤسسة قررت اعتبار الضفة الغربية ميدان قتال ثانياً بعد العمليات الخطرة التي نفذتها الفصائل الفلسطينية مؤخراً، ‏وأضافت: «لقد أدت أحداث الأيام القليلة الماضية إلى تغيير في السياسة، وسيتم تعريف الضفة الغربية على أنها ساحة ‏ثانية بعد غزة، وهي قنبلة تنفجر بالفعل وليست موقوتة».‏

هل فشل صفقة بايدن «النهائية» الجديدة سيقود إلى تخلي إدارة بايدن أو انسحابها من مسار التفاوض أم إن المسألة عبارة عن جسّ نبض باتجاه إقليمي؟

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أنه منذ بداية الحرب تم تعريف الضفة الغربية على أنها «ساحة ثانوية»، لكن الهجمات ‏الأخيرة أثبتت للمسؤولين أن هذا لم يعد ممكناً، والآن يعمل الجيش الإسرائيلي بموجب تعريف الضفة كساحة ثانية ‏مباشرة بعد غزة.‏
وتابعت: في الوقت الحالي تجدر الإشارة إلى أن هذا مجرد توجيه أولي، وسيستغرق التغيير الكبير في هذا المجال بعض ‏الوقت، ومع ذلك من المتوقع قريباً تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية في كل أنحاء الضفة الغربية، وتوضح ‏المؤسسة الأمنية أن «عملية جنين ليست نهاية القصة».‏
وأضافت: إن «الهجمات الخطرة الأخيرة والهجوم المزدوج في غوش عتصيون (شمال مدينة الخليل) والهجوم في ‏ترقوميا (حاجز ترقوميا غرب الخليل) تثبت أن هناك حاجة إلى معالجة جذرية كبيرة في القطاع بأكمله، ففي غضون ‌‏48 ساعة فقط تحولت الضفة الغربية من قنبلة موقوتة إلى قنبلة في طور الانفجار».‏

الكيان يماطل ويخطط باتجاه تحقيق مكاسب أكبر «تصعيداً» في ميدان غزة والإقليم في سبيل إجبار الإدارة الأميركية ‏القادمة- جمهورية كانت أم ديمقراطية- على الأخذ بالوقائع الجديدة

وذكرت أن «الجيش الإسرائيلي مصمم على الوصول إلى شهر تشرين الأول (شهر الأعياد)، حيث يكون المشهد في الضفة ‏الغربية أكثر هدوءاً من الوضع الحالي، مشيرة إلى أنه ليس من المحتمل أن تندلع حرب «شاملة»، لكن من المتوقع ‏أن تتوسع العملية العسكرية قريباً لتشمل مناطق أخرى في الضفة الغربية.‏

جبهة الشمال
بالتزامن تواصل جبهة الشمال/جنوب لبنان، سياق التصعيد المتبادل، في عودة إلى قواعد الاشتباك السابقة كما يبدو، من ‏دون أن يعني ذلك أن هذه القواعد لن تكون في دائرة التهديد مرة أخرى، بفعل جرائم الاغتيالات التي يواصلها الكيان ‏الإسرائيلي.‏
وكانت المقاومة اللبنانية/ حزب الله، أعلنت اليوم الثلاثاء عن استهداف 9 مواقع للجيش الإسرائيلي في القطاعين الشرقي ‏والغربي من جنوب لبنان، وقال حزب الله في عدة بيانات له: إن عناصره استهدفوا أمس الإثنين 10 مواقع للجيش ‏الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث استهدفوا مبنى يستخدمه جنود الجيش الإسرائيلي في مستعمرة المنارة، وفي ‌‏مستعمرة أفيفيم.‏
كما قصف عناصر حزب الله انتشاراً لجنود الجيش الإسرائيلي في ‏مرتفع «عداثر» بقذائف المدفعية، وقصفوا ‏مستعمرات عين ‏يعقوب وجعتون ويحيعام بصليات من صواريخ الكاتيوشا لمرتين على التوالي، كما قصفوا موقع ‏المنارة وموقع زبدين في ‏مزارع شبعا وموقع الرمثا في تلال ‏كفرشوبا وموقع بياض بليدا ‏بقذائف المدفعية وإصابته ‏إصابة مباشرة، وفقاً للبيان ذاته.‏
وأوضح في أحد البيانات أن الجيش الإسرائيلي قصف 21 بلدة في جنوب لبنان، حيث أغارت الطائرات الحربية ‏الإسرائيلية على بلدات شيحين، حولا، الجبين مجدلزون، زبقين، ياطر، بليدا، يارون، مركبا، حانين، وقصف ‏بالمدفعية الثقيلة بلدات عيترون، حانين، يارون، شبعا، بليدا، العديسة، وأغارت الطائرات المسيّرة على بلدتي ياطر ‏والناقورة، ومشّط بالأسلحة المختلفة بلدات، عيتا الشعب، رميش، وكفركلا.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار