المقداد ولافروف: الاستمرار بتعزيز الاستقرار في سورية وعدم السماح للغرب بإعاقة هذه الجهود
عقدت جلسة مباحثات رسمية بين الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين وسيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية حيث تم استعراض تطورات الأوضاع في سورية وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وكانت وجهات النظر متطابقة حول أهمية الاستمرار في تعزيز الاستقرار في سورية وعدم السماح للغرب بإعاقة هذه الجهود والحفاظ على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية.
وأكد الجانبان على أهمية استمرار العملية السياسية حيث عبرا عن الارتياح لعقد الجولة السابعة للجنة مناقشة الدستور الشهر المقبل مشددين على وضع حد لأي تدخل خارجي في عمل اللجنة.
وأدان الوزيران المقداد ولافروف الإجراءات القسرية أحادية الجانب اللامشروعة المفروضة على سورية والتي تعتبر السبب الأساس في زيادة معاناة السوريين وإعاقة عملية إعادة الإعمار والجهود الرامية لعودة المهجرين السوريين إلى وطنهم.
ورحب الجانبان بالتطور المطرد لعلاقات التعاون بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات منوهين بالدور المهم الذي تضطلع به اللجنة السورية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني في فتح آفاق جديدة للتعاون بينهما.
وحول تطور الأوضاع في أوكرانيا أدان الوزير المقداد الهجمة وحملات التضليل والافتراء التي تطلقها الولايات المتحدة والغرب ضد روسيا الاتحادية والتي من شأنها تأجيج التوتر على الساحة الدولية وتهدف إلى الحد من الدور الروسي الفاعل والمتصاعد على الساحة الدولية مجدداً وقوف سورية الثابت إلى جانب روسيا الاتحادية في مواجهة السياسات الغربية الرعناء التي تشكل تهديداً جدياً للسلم والاستقرار والأمن في العالم.
حضر جلسة المباحثات الدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين والدكتور رياض حداد سفير سورية لدى الاتحاد الروسي والدكتور عبد الله حلاق مدير مكتب وزير الخارجية والمغتربين والدكتور لؤي فلوح مدير إدارة أوروبا وإيهاب حامد من مكتب الوزير، ومن الجانب الروسي ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية وألكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية والسفير ألكسندر كينشاك مدير إدارة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية وماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية وعدد من كبار موظفي وزارة الخارجية الروسية.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك بعد المباحثات أكد وزير الخارجية والمغتربين أن العلاقات بين سورية وروسيا تتعزز باستمرار لإيمان كل بلد بصحة مواقف البلد الاخر ولثبوت أن سياستهما تساعد في تحسين الأوضاع في المنطقة والعالم.
وقال المقداد: “على الرغم من أن الظروف التي تمر بها أوروبا ليست على ما يرام وخاصة في إطار ما تقوم به الدول الغربية من تشجيع على شن الحروب وعلى انتهاك الاتفاقيات فإن اللقاء كان مفيداً جداً لمناقشة الأوضاع الدولية ومواقف الاتحاد الروسي تجاهها وانعكاس ذلك على الوضع في منطقتنا وفي دول العالم ونؤكد على دعمنا للمواقف التي عبر عنها الرئيس فلاديمير بوتين والمصداقية التي تعامل بها مع هذه القضايا من حرص أساسي على التزامات روسيا الدولية وفي إطار المنظمات الدولية وندين كل محاولات التعبئة والهجوم والتضليل والاكاذيب والإرهاب الإعلامي الذي مارسته الدول الغربية خلال الأيام والأسابيع الماضية لتشويه صورة الاتحاد الروسي والمواقف البناءة التي قدمتها القيادة الروسية من أجل حل هذه المشاكل بروح التعاون بين بلدان المنطقة”.
وأوضح المقداد أن الأساليب التي يستخدمها الغرب ضد روسيا استخدمها ذاتها عندما خاض حربه الإرهابية على سورية مسخراً بذلك أقذر الأدوات وهي أداة الإرهاب لتغليب كفة الارهابيين عبر تمويلهم وتقديم كل ما يلزم لهم لتدمير سورية.
وأشار المقداد إلى أنه ناقش مع لافروف القضايا المتعلقة بالإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية المفروضة على سورية والتي تحرم الطفل السوري من لقمة الخبز والحليب لتحقيق أهدافه العدوانية التي عجز عن تحقيقها عبر دعم الإرهاب مبيناً أن هذه الإجراءات غير الشرعية مدانة في ميثاق الأمم المتحدة وفي الشرعية الدولية لأنها موجهة ضد الشعب السوري وتسببت بنتائج كارثية له في الحصول على أبسط مقومات حياته.
وأضاف المقداد: “العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية غير أخلاقية وأتوجه إلى كل الأوروبيين شعوباً وقادة لأقول لهم اين هي الأخلاق التي كنتم تنادون وتطالبون بها وتدعونها في خطبكم في الجمعية العامة وفي مجلس الأمن وفي المنتديات الدولية وأين حقوق الشعوب في التنمية وأنتم تعلمون أن هذه العقوبات قتلت أطفالاً في سورية وهي تعمق الأزمة الاقتصادية فيها” مبيناً أن سورية كانت تحقق قبل بدء الحرب الارهابية المدعومة من هذه الدول الغربية تنمية تصل إلى 9 بالمئة سنوياً.
ولفت المقداد إلى أن ما يتم الآن في سورية وفي أوكرانيا هو دفع باتجاه حروب لا تخدم إلا المؤسسات الغربية التي تود الاستفادة على حساب أطفال سورية وأطفال دول أخرى لكي تترجم بشكل دقيق هذه السياسات الغربية التي لا تريد لعالم اليوم إلا أن يكون تحت هيمنتها وهي تريد عالماً وحيد التوجهات بعيداً عن التعددية القطبية لكي تخضع كل شعوب العالم لإرادتها وهذا هو الهدف الغربي في أوكرانيا وهذا هو هدف هذه القوى أيضاً في سورية.
وقال المقداد: “ما زلنا نواجه الاحتلال التركي لإدلب والدعم الذي يقدمه النظام التركي للمجموعات الإرهابية كما تابع الجميع مؤخراً إعلان الولايات المتحدة عن قتلها المتزعم الثاني لتنظيم (داعش) الإرهابي على الأراضي التي يحتلها النظام التركي بعدما كانت قتلت المتزعم الأول على بعد أمتار من المكان الذي قتلت فيه المتزعم الثاني” مشيراً إلى أن الغرب حاول تغييب حتى الاشارة إلى هذا الجانب في إعلامه الذي لم يعد إعلاماً أخلاقياً غير منحاز يتمسك بالحقيقة.
ورداً على سؤال لمراسل سانا حول الاعتداءات الإسرائيلية أوضح المقداد أن ما يقوم به كيان الاحتلال يأتي في إطار الدفاع عن حلفائه الإرهابيين داخل الأراضي السورية ففي كل مرة تحقق الدولة السورية إنجازات على الإرهاب تأتي هذه الاعتداءات التي تشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن وللشرعية الدولية مؤكداً أنه لن يتم التسامح مع الاعتداءات الإسرائيلية وسيعرفون أنه سيتم الرد عاجلاً أم آجلاً ونحن قادرون على أن نرد الصاع صاعين.
وأشار المقداد إلى أن الولايات المتحدة ومن خلال وجودها غير الشرعي في شمال شرق سورية لا تدعم فقط الأجندات الانفصالية بل شردت في المعارك الاخيرة في الحسكة 400 ألف سوري وتواصل الاستثمار بالإرهاب حيث تنقل إرهابييها من سورية إلى مناطق أخرى في العالم لتنفيذ أجنداتها السياسية حيث قامت بنقل مئات الارهابيين إلى أفغانستان وإلى دول أخرى والآن هنالك حديث يتواتر حول نقل الكثير من هؤلاء الارهابيين إلى بعض الساحات الأفريقية الساخنة.
من جهته قال لافروف: “بحثت مع المقداد موضوع المساعدات الإنسانية والخطط المشتركة في مجالات التعاون الثنائي مثل الثقافي والعلمي والعسكري والتبادل الإنساني وأكدت حرص موسكو على مواصلة هذا التعاون في اطار اللجنة الحكومية المشتركة الروسية السورية إضافة للتطرق إلى ملفات إقليمية وعالمية كما أولينا الاهتمام الأساسي لبحث تحقيق التسوية الشاملة وضرورة حل الأزمة سياسياً وفق حوار سوري سوري بعيداً عن أي تدخل خارجي وبناء على القرار الأممي 2254” مشدداً على ضرورة عدم فرض شروط مسبقة على عمل لجنة مناقشة الدستور أو تحديد أطر زمنية مصطنعة لها.
واستنكر لافروف العقوبات التي تفرضها الدول الغربية على سورية والتي فاقمت معاناة شعبها مبيناً أن فرضها في ظل جائحة كورونا أمر غير مقبول وأن الغرب يواصل عرقلة عودة المهجرين رغم تهيئة الدولة السورية الظروف اللازمة ومؤكداً ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها بعيداً عن أي تسييس وأن هذا الأمر يتضمن تقديم المساعدة للحكومة السورية في عملية إعادة الإعمار.
وأعرب لافروف عن قلق بلاده الشديد تجاه الخطر الإرهابي الذي يأتي من المناطق غير الخاضعة لسلطة الدولة السورية وأحدثه هجوم إرهابيي “داعش” على سجن في الحسكة مشدداً على ضرورة تعزيز قدرات سورية لمواجهة الخطر الإرهابي.
وأكد لافروف أن بلاده تستنكر بشدة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية محذراً أن مثل هذه الاعتداءات التي تنتهك قرارات الأمم المتحدة قد تؤدي إلى تصعيد حاد في المنطقة بأسرها ومشدداً على ضرورة وقفها.
وأشار لافروف إلى أن الوجود غير الشرعي للولايات المتحدة في سورية يمنع حكومتها من الوصول إلى موارد البلاد ويشجع النزعات الانفصالية.
وحول عودة سورية إلى الجامعة العربية قال لافروف: ندعم عملية عودة سورية إلى الأسرة العربية والجهود التي تتخذها دمشق لعودة علاقاتها مع الدول العربية.