سُقيا الماء
ضاقت سبل الناس إلى تدبّر احتياجاتهم من مياه الشرب في العديد من مدن وبلدات درعا، حيث جفّت العديد من مصادرها الرئيسة سواء أكانت ينابيع أم آباراً، وأهم العوامل المسببة ليست بخافية على أحد، إذ تتمثل بتعاقب قلة الهاطل المطري لسنوات عدة، واستفحال حفر الآبار الزراعية العشوائية في معظم المناطق.
أمام هذا الواقع، فإن الجهات ذات العلاقة لا تدّخر جهداً في سبيل تدارك ما يحدث عبر إيجاد الحلول الممكنة، لكن ما نرغب التركيز عليه في هذا المجال هو الجهود الداعمة من المجتمع المحلي، حيث بادر مؤخراً بما يطلق عليه (فزعات سقيا الماء) التي جُمعت من خلالها مبالغ بمئات الملايين، بل وبعضها تخطى المليارين والثلاثة مليارات ليرة، في سبيل حفر وتجهيز آبار بالتنسيق مع مؤسسة المياه لتأمين احتياجات السكان إلى مياه الشرب، وبلدتا الطيبة ونصيب ومدينة الصنمين وغيرها الكثير أمثلة ناصعة على ذلك.
لا شك في أن الأعباء الملقاة على عاتق الجهات المعنية في مختلف المجالات الخدمية، وخاصة بعد الأضرار التي لحقت ببناها التحتية خلال سنوات الحرب على سورية، باتت ثقيلة وتنوء بحملها في ظل ضعف الموارد والإمكانات المتاحة لديها، ولا بدّ من استمرار تفعيل مساهمات المجتمع المحلي للنهوض بها بما فيه مصلحة أفراده، ولاسيما لجهة تأمين منظومات طاقة بديلة لتغذية آبار مياه الشرب والمستوصفات والمراكز الهاتفية وإنارة الطرقات، وكذلك تقديم مراكز تحويل كهربائية وصيانتها، وترميم المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات وغيرها.
وبالمقابل، مهمٌ أيضاً التشاركية بين المجتمع المحلي والجهات المعنية والمختصة في كبح جموح ظاهرة حفر الآبار العشوائية المخالفة للحفاظ على مخزون المياه الجوفي لصالح الشرب كأولوية بالغة الأهمية، وكذلك ردع تعديات ضعاف النفوس بسرقة موجودات بعض الفعاليات الخدمية الحيوية، وذلك إسهاماً بتخفيف الأعباء عن الجهات ذات العلاقة وضمان عدم توقف تقديم الخدمات للسكان.