درعا تفتقد للمتحف الأثري
تحمل محافظة درعا في طيّات الزمن مزيجاً ثقافياً، وحضارياً هامّاً ترك بصمته على الآثار والأوابد التاريخيّة المتنوّعة والتي سجّلت خلال الحقب الماضية، أروع الحكايا والأساطير، ويبقى الحفاظ على هذا المخزون الحضاري واجباً على العنصر البشري الذي كان جزءاً من هذه الحضارة فمتحف درعا الأثري اليوم بلا تجهيزات كافية تليق بعراقة تصنيفه إقليمياً بين المتاحف من الدرجة الأولى، حيث بيّن الدكتور محمد خير النصر اللّه مدير متحف درعا ل”تشرين”أنّ متحف درعا بحاجة إلى ترميم وتأهيل ،نظراً لما تعرّض له من أضرار خلال الحرب على سورية كونه كان على خط تماس مع المجموعات المسلّحة؛ وأضاف إن المتحف كان يشهد العديد من التظاهرات الثقافيّة ماقبل الأزمة السورية حتّى إنّ بناء المتحف المعماري قد تم إكساؤه بالحجر الأسود كأسلوب يتواءم مع بيئة درعا ومعظم بلداتها القديمة .
وفي السؤال عن التأخر في أعمال ترميم وتأهيل المتحف على الرغم من الحاجة الملحّة لذلك؛ أشار النصر الله: إلى أنّه تمّ تخصيص مبلغ يتجاوز المئة وعشرين مليون ليرة سوريّة ضمن مناقصة عام 2020 ولكن لم يتقدّم إليها أحد.
وفي التفاتة لواقع الأضرار خلال الحرب وتقييمها وإعادة الترميم ؛أوضح النصر اللّه بأن الجولات الميدانيّة كانت في سبيل الإطّلاع على واقع الأضرار وتوثيقها والمباشرة بالترميم، فقد تمّ التوجّه لترميم قصر زين العابدين بإنخل، ومعبد المتاعية خلال عام 2019 وقلعة المزيريب 2020_2021، ومدرج درعا البلد الروماني ولاتزال الأعمال مستمرّة بترميم الجامع العمري بنوى، وترميم جزئي لكنيسة شقرا الأثريّة ،وسلسلة من المساجد بالتعاون والتنسيق مع مديرية الأوقاف بدرعا.
وفي سؤال عن أهمية إعادة العرض المتحفي في دائرة آثار درعا شدّد أمين متحف درعا وائل كيوان على رمزيّة المتحف ودوره في لفت الأنظار لعراقة وأصالة المواقع التاريخيّة ، واللقى الأثرية التي تحاكي مختلف الحضارات الرومانية والبيزنطية ؛ وأن إعادة التأهيل والترميم ستعيد الألق من جديد لهذه المحافظة الغنيّة.
وفي إشارة إلى نشر تلك الثقافات أضاف كيوان إنّه تم وبالتعاون والتنسيق مع مديرية التربية بدرعا إنتاج فيلم وثائقي يتكلّم عن نشأة الإنسان مع الآثار ، والمواقع الأثريّة والعادات والتقاليد، كان الغرض منه تعريف الجيل الجديد بالتنوّع الحضاري لهذه المحافظة، ويجري العمل حاليّاً على توثيق القطع الأثريّة التي تمّ ايداعها في المتحف الوطني بدمشق، لإعادة تسجيلها من جديد .
مرّت المواقع الأثريّة بدرعا بالكثير من الحوادث الصعبة خلال الحرب على سوريّة وكانت من ضمن القطاعات التي تعرضّت وبشكل كبير للنهب والسلب، بطريقة غير شرعيّة؛ على الرغم من تعاون الكثيرين من المجتمع المحلّي والجهات الأمنيّة لصيانتها والحفاظ عليها من ضعاف النفوس ممن يبحثون عن الكنوز القيّمة للعبث بها وتهريبها إلى خارج القطر.