اقتصادنا والقمّتان العربية والروسية- الصينية!!!
عقدت قمتان عالميتان في يوم واحد تاريخ 16/5/2024، البعد الجغرافي بينهما كبير، ولكنهما متقاربتان في بيانهما الختامي، في أجواء عالمية يسيطر عليها التوتر المتزايد وحالة عدم اليقين من إجرام صهيوني غير مسبوق في فلسطين وبدعم غربي واضح، وهما قمة البحرين لجامعة الدول العربية والقمة الروسية _ الصينية.
تتشابه القمتان في بعض الجوانب، فقمة البحرين تعقد لأول مرة في (مملكة البحرين الشقيقة) منذ تأسيس جامعة الدول العربية سنة /1945/ ، والقمة الروسية _ الصينية تعقد لأول مرة بعد انتخاب الرئيس (فلاديمير بوتين) لولاية خامسة، كما أن (الناتو وخاصة أمريكا والمفوضية الأوربية) كانتا تسعيان لإفشال القمتين من خلال زيادة بؤر التوتر والعدوان على (فلسطين وتدعمان استقلال تايوان عن بلدها الأصلي الصين وتعارضان عودة جزيرة القرم إلى وطنها الأصلي أي روسيا واستمرار الحرب الروسية _ الأوكرانية)، وطالبت القمتان بتنفيذ القرارات الدولية ومحكمة العدل الدولية في (لاهاي) بعد سقوط الأقنعة الغربية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتجسد هذا بشكل واضح في العنف الممارس في أمريكا وأوروبا ضد الحركة الطلابية وغيرها؟! وأكدتا على إنهاء العدوان على فلسطين وتطبيق القرار الأممي (حل الدولتين)، ومنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومواجهة الفيتو الأمريكي الذي أسقط رغبة أكثر دول العالم في ذلك. كما دعت القمتان لعقد مؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة لإقامة الدولة الفلسطينية، فهل ترقى القرارات العربية إلى مستوى مواجهة التحديات العربية باتخاذ موقف موحد ضد التطبيع مع الكيان المجرم الذي يمارس عدواناً وإرهاباً لم يشهده التاريخ البشري في ظل حكومة صهيونية يمينية تعتبر أن العربي الأفضل هو العربي الميت؟ وطالب بعض القادة الصهاينة بضرب غزة بالقنبلة النووية وعلى مسمع ومرأى العالم وبدعم أمريكي أوروبي واضح، فهل نشهد موقفاً عربياً بمقاطعة المصالح الغربية سواء مشاريع النقل أو مرفأ غزة أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، وهي مخالفة للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة لأنها مفروضة من طرف واحد ومخالفة للمادتين /39و41/ من ميثاق الأمم المتحدة ؟ وهل تتم مطالبة الكيان الصهيوني بالخضوع للقرارات الأممية او توقيف العلاقات معه وفي مقدمتها التطبيع العربي وإغلاق التبادل الاقتصادي؟ ولا سيما أن الصادرات الصهيونية سنة /2023 / كانت/ 25%/ منها موجهة للدول العربية، وهل تتحسن العلاقات العربية – العربية كما تطورت العلاقات الصينية – الروسية ووصلت إلى /244/ مليار دولار وأكثر من /91%/ منها بالعملات المحلية؟ بينما لا تزال التجارة البينية العربية أقل من /12%/ فقط! وتمت مواجهة الأزمة الغذائية العالمية بزيادة معدل تبادل المنتجات الغذائية بين الصين وروسيا، حيث زاد بأكثر من مرة ونصف والتبادل التجاري بأكثر من 40 %.
وهنا نسأل هل تركز القمة على تسهيل التبادل التجاري ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تم إقرارها سنة/1998/ وهل تتدفق الاستثمارات العربية البينية ولدينا من الاحتياطيات النقدية أكثر من /1100/ مليار دولار وأغلبها يتعرض للعبة التضخم التي تمارسها الإدارة الأمريكية.
أما روسيا والصين فقد أكد الرئيس بوتين على أنه تم إنجاز أكثر من /80/ مشروعاً بقيمة ما يعادل /200/ مليار دولار لكن بالعملات المحلية (الروبل والإيوان) وزيادة التعاون الصناعي والثقافي والطاقة النظيفة وبما يخدم التنمية المجتمعية انطلاقاً من أن الاستثمارات المادية هي الحامل الحقيقي للتنمية العامة الشاملة، وهل تفعل المنظمات العربية كما تم تفعيل منظمات (بريكس وشنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومشروع الصين طريق واحد وبناء هيكلية أمنية في آسيا والمحيط الهادئ …الخ)، للوصول إلى عالم عادل بعيد عن القطبية الأحادية بل عالم متعدد الأقطاب، فهل يعقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
كل العروبيين يأملون بأن تكون قرارات جامعة الدول العربية على مستوى قرارات القمة الصينية_ الروسية أو على الأقل تحاكيها وتقتدي بها، ونحن أكبر سوق في العالم بعد السوق الصينية فعدد سكان العالم العربي تجاوز /476/ مليون نسمة ولدينا مساحة حوالي /14/ مليون كم2 وهي الثانية بعد مساحة روسيا، والتحديات أمامنا كبيرة من معدل نمو سكاني مرتفع وتآكل بالمساحة المزروعة حيث لا نستغل أكثر من /10%/ من الأرض الصالحة للزراعة ولدينا معدلا بطالة وتضخم مرتفعان، وفجوة غذائية /44/ مليار دولار وأزمات اقتصادية، ونحن نملك أكثر من /52%/ من الاحتياطي النفطي وأكثر من /30%/ من الغاز العالمي، وهل تستنفر القوى العربية لتقول كما قال وزير الدفاع الروسي الجديد أندريه بيل ووسوف، في أول تصريح له: “لقد دقّت ساعة المعركة الاقتصادية”؟ والقوة الاقتصادية هي الأساس المادي لكل أنواع القوى والعدو لا يفهم إلا لغة القوة، وها هو مرفأ غزة العائم يمهد لتنفيذ المآرب الصهيو-غربية بترحيل شعبنا الفلسطيني!!.