وهم المراهنة على تغيير في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية

منذ عام 1948 احتضنت الولايات المتحدة ورعت الزرع البريطاني الخبيث على أرض فلسطين العربية ممثلاً بالكيان الإسرائيلي، وعملت على مدّه بكل أسباب الديمومة والاستمرار داخلياً وإقليمياً وفي المحافل الدولية، وعلى تغطية كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وهي جرائم مستمرة لم تتوقف يوماً كما لم تتوقف التغطية الأميركية لها، ما دفع هذا الكيان إلى تصعيد جرائمه ومدّها إلى كامل الأرض الفلسطينية هذا عدا عن تغطية ودعم الولايات المتحدة لاعتداءات «إسرائيل» واحتلال أراضٍ لزرع المزيد من المستوطنين فيها، في إطار حرب ديمغرافية لا تقل إرهاباً عن حروبها العسكرية.. حرب ديمغرافية بدأت منذ تهجير الشعب الفلسطيني إبان النكبة ومازالت مستمرة حتى اليوم، بل تشهد تصعيداً وتوسعاً مستمرين في الآونة الأخيرة، إذ تشعر «إسرائيل» بضعف بنيتها البشرية، أي المستوطنين، كعدد وانتماء، وكهجرة معاكسة وصلت إلى مستويات خطيرة بفعل أن العقد الماضي شهد عودة آلاف المستوطنين إلى البلدان التي قدموا منها.
مع كل إدارة أميركية كانت شوكة الكيان الإسرائيلي تشتد، وكانت جرائمه بحق الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني يجري تغطيتها أميركياً في المحافل الدولية من جهة، وبفعل الآلة الإعلامية الأميركية التي تزوّر وتزيّف وتضلل وتقدم هذه الجرائم باعتبارها “دفاعاً” عن النفس، من دون ذكر أن “إسرائيل” كيانٌ محتلٌ غاصبٌ للأرض الفلسطينية ومعتدٍ على حقوق أهلها.
وهكذا حتى وصل بنا الحال إلى «ربيع» العرب المشؤوم وباتت الإدارات الأميركية تجاهر بمواقفها الداعمة لـ« إسرائيل» وتعلن أن على الجميع، فرضاً وليس طوعاً، القبول بكل ما يريده الكيان الإسرائيلي من أرض ومصالح وأطماع تتجاوز فلسطين المحتلة إلى دول عربية.
لا شك في أن للكيان الإسرائيلي« لوبي» نافذاً في الولايات المتحدة، لكن الدعم الأميركي لا يستند على هذا اللوبي فقط بل على المصالح الأميركية بالدرجة الأولى، وهذه المصالح لكي تتحقق تحتاج إلى كيان إرهابي مثل الكيان الإسرائيلي، المبني على تجمع لقيط .
إدارة ترامب كانت الأكثر مجاهرة وعلانية في دعم الكيان الإسرائيلي وبأعلى درجات الفجاجة والوقاحة، فهي لم تتبنَ فقط الإرهاب الإسرائيلي بل دعمته بإجراءات سياسية على الأرض غير مسبوقة، من قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.. إلى قضية اللاجئين وقطع المساعدات عن منظمة الأونروا.. إلى توسيع الاستيطان.. إلى الجولان السوري المحتل.. إلى التطبيع، وذلك في انتهاك فاضح سافر علني لكل المعاهدات والاتفاقات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
ثم جاءت إدارة بايدن لتبقي على كل ما اتخذته إدارة ترامب وتعد بالمزيد.
ما سبق يجمل مرتكزات السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية بـ:
1- تجاهل المرجعيات السياسية الدولية«الأممية» وتكريس قوة الكيان الإسرائيلي وتوسعه جغرافياً وديمغرافياً.
2- الإدارات الأميركية، ديمقراطيةً وجمهوريةً، لا تختلف في دعم الكيان الإسرائيلي وفي انتهاك كل القوانين والاتفاقيات الدولية.
3- الولايات المتحدة بكل إداراتها تدعم استمرار الكيان الإسرائيلي في اعتداءاته على دول الجوار وعلى دول في الإقليم، وتوسيع هذه الاعتداءات وتغطية ذلك في المحافل الدولية .
الفارق الوحيد الذي يمكن الحديث عنه حالياً- حسب المراقبين- هو ظهور عدد من المشرّعين الشباب في الكونغرس، ممن فازوا في الانتخابات قبل عام من الآن.. وهؤلاء بينهم أميركيون، وعرب (وفلسطينيون) تحدّوا هذه السياسات الأميركية علناً، بمواقف شجاعة قوية لم يشهدها الكونغرس إلا ما ندر، هذا عدا عن اقتحامهم وسائل إعلام أميركية لطالما كانت محسوبة على الكيان الإسرائيلي، وإعلاء صوتهم بالحق نصرة للشعب الفلسطيني وحقوقه وهم على ثقة وإيمان بأن مواقفهم هذه لا بدّ أن تؤثر – على المدى الطويل- وتجعل الموقف الأميركي مختلفاً بعض الشيء حتى لو كان هذا الاختلاف يصبّ في إطار المصالح الأميركية، إذ يمكن استثماره لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته.
كاتب من العراق

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار