تسابق حتى التصادم
ليس بخافٍ على أحد ما آلت إليه الأمور في بعض المديريات التي يحتاج المواطنون إلى إنجاز معاملات معينة فيها، حيث لم يعد يراجع الكثيرون منهم أياً منها لتسيير معاملاتهم، بل أصبح ينوب عنهم أحد الموظفين.
قد يبرر البعض حالة تعقيب المعاملات هذه، لكونها تأتي من باب سعي الموظفين للحصول على بدل أتعاب يساعدهم في تغطية جزء من تكاليف العيش الباهظة في ظل ضعف رواتبهم، وهو لا شك دافع مهم بالفعل.
لكن هناك بالمقابل من يرى أنها حالة غير صحية لأنها تؤثر على مستوى الأداء، حيث إنّ الموظف قد لا يستطيع أن يوازن بين واجباته الوظيفية وتعقيب المعاملات، ومن المحتمل أن تأخذ الأخيرة جلّ وقته أثناء التنقل بين عدة أقسام في مديريته، وحتى استدعاء بعضها أحياناً خروجه إلى مديريات أخرى لاستكمالها.
الأهم من ذلك، المشكلة غير المقبولة التي قد تبرز على هذا الصعيد، والمتمثلة بأن يعتاد الموظف مع طول المدة على عدم تمرير إجراءات أي معاملة في حال رغب المواطن أن ينجزها بنفسه، فيضع أمامه العثرات ولا يعيره أيَّ انتباه أو اهتمام بل ويتعامل معه بتنمر، وذلك لإرغامه على تكليفه بها مقابل أتعاب معينة، وهنا تصبح الحالة فجّة تؤشر إلى ابتزاز لا يمكن قبوله أو التغاضي عنه.
وليس أقل مشكلة مما سبق حدوث تنافس إلى حدّ التسابق والتصادم بين الموظفين لالتقاط هذا الزبون أو ذاك لتعقيب معاملته، وقد يصل الأمر لدرجة إبعاد موظف بعينه من قسم إلى آخر لأنه أقدر من الباقين على تصيّد الزبائن.
لسنا بوارد تصنيف مدى صوابية أو خطأ حالة تعقيب الموظفين للمعاملات في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها، لكن ما يهم الجميع ألّا تأتي على خلفيه إكراه المواطن من خلال تأخير وتعطيل إجراءات إنجازه لمعاملته بنفسه.