الحروب الأميركية واحتمالاتها المقبلة

حين نستعرض عناوين الأخبار الدولية في كبريات الصحف العالمية الأميركية والأوروبية نشعر من قراءة ما تتضمنه في نصوصها بأن العلاقات بين مختلف الدول الكبرى والرئيسة في العالم تتدهور أكثر فأكثر نحو أزمات سياسية واقتصادية لا تبشر بسلم عالمي. ففي المجلة الإلكترونية “أنتي وور” التي تناهض الحروب الإمبريالية الساخنة والباردة نقرأ على سبيل المثال عدداً من هذه العناوين التي لا توحي بما تتطلع إليه شعوب العالم: 1- “الصين تحذر الولايات المتحدة من العمل كقوة كبرى ضد الدول الأخرى”.
2- “اليابان ترسل مدمرة لرصد السفن الحربية الصينية قرب أوكيناوا”.
3- روسيا تحذر بأنها ستجابه أخطار صواريخ الغرب.
4- “بوكانان: لماذا يجب أن نقاتل روسيا أو الصين”.
5- “بريطانيا تخرق التزامات حظر انتشار الأسلحة النووية وتزيد رؤوسها النووية”.
6- “لماذا تدفع إدارة بايدن أوكرانيا لشن هجوم عسكري على روسيا”.
7- بايدين يتفوق على ترامب في التهديد والتبجح بالقوة.
أما في المجال الإقليمي فمن الواضح أن موضوع الحصار الأميركي والضغوط على إيران وسورية بدأ يحتل أهمية متزايدة في ساحة الصراع والحروب التي تريد إدارة بايدين في هذه الأشهر فرض ظروفها بواسطة سياسة استقطاب وفرز إقليمي وعالمي تحشد بواسطتها أكبر عدد من القوى إلى جانبها وبخاصة من الدول المجاورة لكل من روسيا والصين وإيران.
ولذلك بدأت تركيا تحتل صدارة اهتمام بايدن واهتمام حلف الأطلسي لأنها تعد كما قال الأمين العام للحلف قبل أسبوعين، دولة الحلف الوحيدة التي تقع في قارتين آسيا وأوروبا، وبهذا المعنى يراد الآن تحويلها إلى موقع المجابهة الحربية ضد روسيا عبر البحر الأسود وأوكرانيا وضد الصين عبر آسيا الوسطى وعبر الإيغور الصينيين داخل الصين وبالتالي ضد إيران وسورية والعراق من ناحية إقليمية.
وهذه الاحتمالات بدأت حساباتها تظهر جلية من خلال النشاط السياسي الذي يقوم به أردوغان في أوكرانيا وتقديم قطر الغنية لقادة أوكرانيا بحجة توسيع الاستثمار والدعم المالي لها لكي تتحول في البحر الأسود إلى جبهة واحدة مع تركيا ضد روسيا المجاورة لهما في ذلك البحر وبخاصة بعد أن أصدر بايدن المرسوم رقم (117- 2021) الذي يؤيد فيه ويدعم أوكرانيا باستعادة شبه جزيرة القرم من روسيا وبهذا المرسوم كان بايدن يشجع أوكرانيا على شن حرب على روسيا وإشعالها في تلك الجبهة التي ستكون تركيا حليفاً لها في البحر الأسود .
وبالتالي من غير المستبعد أن يبدأ التحرش التركي أيضاً بالصين بواسطة استغلال أردوغان لموضوع المسلمين الإيغور ضد القيادة الصينية وتوظيف قطر بمنصاتها الإعلامية وأموالها لنفس الأهداف الأميركية في خلق المتاعب للصين في جبهتها الداخلية على غرار ما فعلته واشنطن وحلفاؤها ضد سورية في بداية الحرب الكونية عليها قبل عشرة أعوام وها هو بايدن يفضل الآن التمسك ببقاء القوات في أفغانستان لمدة طويلة ضمن سياسة حشد مصادر القوة الإستراتيجية في المنطقة بعد أن أصبحت تركيا مكلفة من الأطلسي والولايات المتحدة بقيادة قوات الحلف البرية وعملياتها في أفغانستان.
ويشير سجل الحروب الأميركية منذ القرن العشرين إلى حقيقة أن الولايات المتحدة لم تقع على حدودها البحرية والبرية وأجوائها حروباً تتطلب منها حشداً عسكرياً مكثفاً في تلك القارة ولذلك نراها تدافع عن حدودها ومنع الحروب عليها في قارتها بواسطة نشر جنودها في قواعد عسكرية في القارات الثلاث أوروبا وآسيا وإفريقيا وبخاصة في جوار الدول والمناطق التي تناهض سياسة هيمنتها ونظامها العالمي الامبريالي وتوظف بشكل رئيس جيوش نفس حلفائها ضد الصين وروسيا لمصلحة حروبها.
من جهتها تكشف مجلة بوليتيكو الأميركية أن الولايات المتحدة لديها 800 قاعدة عسكرية تنتشر في أكثر من 70 دولة في العالم في حين أن مجمل عدد القواعد العسكرية للدول الثلاث الكبرى بريطانيا وفرنسا وروسيا لا يزيد على 30 قاعدة خارج بلدانها وهذا ما يؤكد أن الولايات المتحدة ستعتمد في حروبها ضد روسيا والصين وحلفائهما في محور المقاومة على الجوار الإقليمي الذي توظف دوله ضد هذه الأطراف إضافة إلى إثارة الأزمات في جبهاتهم الداخلية.
لكن كل هذه العوامل والخطط التي اعتادت الإدارات الأميركية على الاستناد إليها واستخدامها لم تحقق لها أهدافها لا في آسيا ولا في أوروبا ولا في إفريقيا وأسطع مثال على ذلك فيتنام وكوريا وإيران والعراق وسورية وها هي أفغانستان تجسد الهزيمة الأميركية طوال عشرين عاماً من الحرب عليها، فبرغم أن جوارها من الدول الحليفة لواشنطن إلا أن الولايات المتحدة بعثت بجيشها إليها وإلى العراق ولم تحقق أهدافها.
كاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار