متنمّرون في المؤسسات

ظاهرة «المتنمّرين» دوّخت العالم.. كأننا للمرة الأولى نُفاجأ بأولئك الذين يشربون «المتة» ويفرشون صحون «الفلافل والمخلل والفول» على طاولات الشغل، ومثلهم أولئك الذين ينهمكون بإجراء اتصالاتهم الشخصية فترات طويلة تاركين المواطنين خلف النوافذ بانتظارهم. وربما كان من أسوأ أنواع الموظفين والموظفات أصحاب الوجوه التي «تكبّ صحن اللبن», والذين يختارونهم بشكل غير مفهوم للخدمة في مكاتب الاستقبال في المؤسسات العامة والخاصة التي تتطلب وجوهاً بشوشة وبالاً طويلاً واستيعاباً ورحابة قلما نجدها عند أولئك لدرجة أن المواطن يقرأ المعوذات والتسابيح قبل الدخول إلى هذه الأماكن مضطراً لإجراء معاملة أو للحصول على ختم أو لمجرد السؤال عن خدمة بسيطة لا تستحق كل هذه العنجهية والسموم التي تنهمر من وجوه المتنمّرين كأنهم ينتقمون من المواطن (الغلبان) مع أن الجميع في «الهوا سوا» كما تؤكد سيكولوجيا الإنسان المقهور!.
فيديو الموظفة المتنمّرة، غيّر اتجاهات الجمهور وجعله ينسى (المشاكل والهموم) واختفاء (السرافيس) وربطات الخبز وغلاء كل شيء حتى نسمة الهواء، إلى درجة أن البعض طالب بأن تنال تلك الموظفة مكافأة على خدمتها الجليلة لأنها حملت عنهم كتفاً وجعلت الناس يتلقّون عشرين كفّاً على غفلة في مواضيع الاسواق والمواد الاستهلاكية وتحوّل الحياة إلى أعمال شاقّة بالنسبة للمواطن (البالع الموس على الحدّين)!.
نحن مدينون عملياً لهذا الفيديو بالكثير من الشكر والعرفان بالجميل، برغم المبالغات التي حصلت على صعيد ردّات فعل الناس، إلا أن التصوير لابد من أن يصبح مشروعاً في كل المجالات والأماكن، فمن يخاف من الصورة يقرّ سلفاً بجريمته ويخشى توثيقها خاصة فيما يخص خدمات المواطن ضمن المؤسسات التي تفتك بالبشر و(تمرمطهم) من غير وجه حق.. ولو أن هذا الموقف كان شفهياً، بلا فيديو يوثق القضية، لتكرر آلاف المرات في المكان نفسه كما يتكرر كثيراً في معظم المؤسسات من دون أن يسمع أحد!.
من يخاف من الصورة والتصوير، فليحسّن صورته وأداءه لأن البشر ليسوا (برغشاً), ولأن المؤسسات ليست أملاكاً شخصية أو غرف ضيوف ومعيشة في منازل الموظفين.. «عرفتوا كيف»؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار