الغش بالماء
لم يكن مشهداً مألوفاً بالنسبة لنا قيام البائع بغمر الدجاج في برميل مليء بالماء بعد إخراجه من (النتافة) وإنهاء تنظيفه، لأنه بالعادة يضعه مباشرةً في أكياس نايلون ويسلمه للزبون.
حدث هذا بينما كنت وزميلي وزبائن آخرون ننتظر تلبية طلبنا في محل لبيع الفروج الحي، وقد سألنا البائع: لمن كل هذه الكمية؟ فبين أنها استجابة لطلب أحد المطاعم وقد قارب على الانتهاء.
بعد نيل مطلبنا، غادرت وزميلي وكلنا فضول لمعرفة سبب غمر الفروج في مياه البرميل، وفي طريق عودتنا التقينا مصادفةً بطبيب بيطري من معارفنا له باع طويل في المهنة، واستفسرنا منه حول الواقعة، فبيّن أنها إحدى حالات الغش التي ترتكبها معظم مسالخ الدجاج التي تبيع الفروج المنظف قطعاً أو كاملاً، وهي ما تحدث أيضاً لدى بعض باعة الفروج الحيّ بالمفرق عند طلب كميات منهم لصالح إحدى المطاعم، حيث إن غمر الدجاج المنظف يجعله يتشرّب الماء بكميات ليست بقليلة، ما يزيد من وزنه، وبالتالي تحقيق مردود إضافي غير مشروع.
قد تكون معرفتنا بغش الدجاج بالماء حديثة، لكن على ما يبدو إن الحالة قائمة منذ زمن بعيد، وهي غائبة عن الجهات الرقابية أو يتم تجاهلها، علماً أن من يتحمل تبعاتها بالمحصلة هو المستهلك الذي لم يكن ينقصه فوق السعر الباهظ للمادة سوى الغش ودفع قيمة الماء بما يعادل الدجاج!
للعلم، فإن حالة الغشّ بالماء هذه تعيد للأذهان حالات مماثلة أخرى، مثل إضافة بعض مربّي المواشي الماء إلى الحليب لزيادة وزنه قبل بيعه أو تحضير اللبن الرائب منه، وكذلك الأجبان البيضاء التي يتم بيعها غير مصفاة جيداً، فتجد المياه بعد الشراء تملأ جزءاً ليس بقليل من الكيس، وحال الفطر والمخللات المنقوعة بالمياه المضاف إليها مواد حافظة على الشاكلة نفسها، وبالنسبة للعصائر المحضّرة يدوياً ومثلجات (السلاش) يلاحظ من طعمها أنها محلولة بكميات مياه زائدة عن الحدّ لدرجة تفقدها أي نكهة أو قيمة.
إن ضبط مثل تلك المخالفات ليس بالأمر العصيّ على الجهات الرقابية، وينبغي التنبه لها وعدم تجاهلها أو التهاون تجاهها، إذ لا يعقل استمرار دفع المستهلك ثمناً للماء كما السلعة ذاتها وهو في ظروف مادية صعبة يرثى لها.