القمح في دائرة الضوء … دعوات لاعتماد نظرة تسعيرية مختلفة تعتمد مبدأ المكافأة
دمشق- رشا عيسى:
يأتي الإعلان عن التسعيرة الجديدة لاستلام محصول القمح والبالغة ٥٥٠٠ ليرة عن كل ١ كغ مستلم من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي ضمن خطة الدعم والتشجيع على الاستمرار والتوسع بزراعة محصول القمح الإستراتيجي، والذي يعاني الفلاحون من غلاء تكاليف مستلزمات الإنتاج، ولكن يبقى الخروج بنظام تسعيري يرضي المنتجين أمراً يصعب الوصول إليه في ظل الغلاء الذي يجتاح كل مناحي الحياة ويؤثر بشكل رئيس على المنتجين، وسط هذه الظروف يقترح خبراء في الزراعة أن تكون هناك نظرة تسعيرية أخرى لهذا المحصول، كأن يمنح المزارعون مكافأة مالية مجزية عن تسليم كامل محصولهم.
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش بين لـ( تشرين) أنه على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات المعنية لتشجيع المزارعين على الاستمرار بإنتاج هذا المحصول وعبر سلسلة من الدراسات الاقتصادية لتحديد ريعية المحصول والخروج بنظام تسعيري يرضي المنتجين، يمكن أن تعد التسعيرة الجديدة لاستلام محصول القمح من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي ٢٠٢٣-٢٠٢٤ والبالغة ٥٥٠٠ ل.س عن كل ١ كغ مستلم، مجدية نوعاً ما في المنظور القصير ، وذلك بالنظر إلى التسهيلات التي من الممكن أن توفرها المؤسسة العامة للحبوب في مجال تسويق ونقل واستلام هذا المحصول الإستراتيجي وعبر مراكزها الموزعة على مساحات جغرافية واسعة، إلّا أنه لا يزال هذا السعر دون المستوى المأمول من قبل المزارعين المنتجين للقمح.
وهذا يندرج في ظل غلاء المستوى المعيشي، على اعتبار أن القمح موسمي ويعد محصولاً رئيساً بالنسبة لعديد المزارعين الذين يعتمدون على ريعيته في معيشتهم اليومية، هذا فضلاً عن أن قلة قليلة من الفلاحين مستفيدون من استثمار بقايا المحصول (التبن) في الحصول على دخل يمكن أن يغطي نوعاً ما جزءاً من تكاليف مستلزمات الإنتاج، مع انخفاض مستوى الدعم المقدم من قبل الجهات المعنية في توفير مستلزمات إنتاجه وبأقل تكلفة، كل هذه الأسباب مجتمعة تنبه لضرورة أن تكون هناك نظرة تسعيرية أخرى، كأن يمنح المزارعون مكافأة مالية مجزية عن تسليم كامل محصولهم وفقاً لدرويش.
ويوضح أنه يمكن وعبر حسبة بسيطة تقييم الجدوى الاقتصادية لدونم مزروع بالقمح، وذلك على اعتبار أن وسطي الإنتاج بعلاً من القمح يتراوح بين ٢٥٠-٣٠٠ كغ ومروياً بين ٤٠٠-٦٠٠ كغ بحسب الصنف المزروع ومدى ملاءمة الظروف البيئية خلال سير عملية الإنتاج، فريعية الدونم يمكن أن تتراوح بين ١٣٧٥٠٠٠ – ١٦٥٠٠٠٠ ليرة بعلاً، وبين ٢٢٠٠٠٠٠-٢٣٠٠٠٠٠ ليرة مروياً، وهكذا وبعد استبعاد تكلفة الإنتاج التي تتراوح بين حوالي ٧٠٠٠٠٠-١٠٠٠٠٠٠ ل.س من حراثة وتسميد وبذار وري ومكافحة وحصاد وغيرها، فإن الجزء المتبقي من الناتج قد يصبح غير مجدٍ في المدى الطويل المنظور، خاصة أن الكثير من المزارعين يعتمدون على زراعة هذا المحصول وتسويقه في تدبير أمور معيشتهم.
وبالنظر لوضع هذا المحصول حالياً، يضيف درويش، ووفقاً للظروف المناخية التي رافقت مراحل نموه وتطوه، سواء المزروع منه بعلاً أم مروياً، فإنه من الممكن أن نحصل هذا العام على غلة أو إنتاجية جيدة من القمح في المساحات المزروعة فيما لو رافقت المحصول ظروف مناخية ملائمة حتى حصاد المحصول ودراسه.
إلّا أنه وفي ظل انخفاض المساحات المزروعة منه لعدم تنفيذ كامل الخطة المقترحة لزراعة هذا المحصول الإستراتيجي وذلك في المساحات الزراعية المتاحة، ما قد يقودنا لإنتاج كلي من القمح أقل هذا العام. هذا وإن عدم الاهتمام اللازم بتأمين مستلزمات إنتاج هذا المحصول، وتوفير الدعم الذي يدفع ويحفز الفلاحين على الشروع بزراعته كالسابق، وبالنظر لانخفاض الريعية المتوقعة، ما قد يكون سبباً أيضاً في تدهور الإنتاج المتوقع منه عاماً بعد عام.
ويرى درويش أننا لا نزال بعيدين نوعاً ما عن ملامسة واقع عملية الإنتاج الزراعي الحالي، ولاسيما في مجال تسعير المنتجات الزراعية، خاصة أن تكلفة مستلزمات الإنتاج قد تضاعفت خلال الأعوام الماضية المنصرمة، وفي ظل قلة الدعم المقدم لهذا المحصول وغيره من المحاصيل الإستراتيجية الأخرى، والذي أدى بدوره لزيادة العبء على كاهل المزارعين، ودفعهم لاستبدال زراعاتهم التقليدية بزراعات أكثر جدوى وريعية اقتصادية، خصوصاً لما يعانيه هؤلاء المنتجون من انخفاض في مستويات معيشتهم.
وكان مجلس الوزراء قرر خلال جلسته الأسبوعية يوم أمس الثلاثاء تحديد سعر شراء مادة القمح من الفلاحين للموسم الزراعي 2023-2024 بمبلغ ٥٥٠٠ ليرة للكيلو غرام الواحد.