عاشت النخبة الأمريكية في الأسبوع الماضي ذكرى الهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني وحضرت حقيقة انقسامات المجتمع الأميركي سياسياً وعنصرياً وطبقياً, فالانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين واضح وصادم, والتمييز العنصري بين البيض والسود يعود ليتأجج من جديد, وحقد الفقراء والمحرومين على رجال المال والثروة والنفوذ يشتعل أكثر وأكثر… ويبدو أن كل طرف من الأطراف المتناقضة يعيش تجربة الهجوم على الكابيتول على طريقته كشكل من أشكال الممارسة السياسية والمجتمعية تجاه وضد الأطراف الأخرى بما يبرر التخوف من نشوء حرب أهلية تضطرم تحت الرماد، بينما تحاول مؤسسات النخبة استثمار النقاش العام حول ما جرى لابتداع ما يحمي النظام الأميركي، ويجنب المجتمع أي حرب أهلية قد تطيح بقوة واتحاد وتماسك الدولة الأميركية .
بايدن الذي جعل إعادة توحيد المجتمع الأميركي أحد أهم شعارات حملته الانتخابية بعد الانقسام الذي تسبب به ترامب، يتضح أنه فشل في تحقيق شعارات التوحيد بعد مرور عام على حكمه, وهاهو في خطابه بمناسبة الهجوم على الكابيتول, يهاجم ترامب ويستفز الجمهوريين بقوة بحيث لم يحضر هذا الخطاب معظم الجمهوريين كذلك نائبة بايدن كاميلا هاريس تقول في المناسبة: إن الحرب الأهلية مازالت تحت الرماد». بينما البروفيسورة بربارة بيري مديرة الدراسات الرئاسية في مركز ميلر تقول: إن المشكلة أن 40% من الديمقراطيين يعتقدون أن استعمال العنف والقوة ضروريان لتغيير النظام, وفي المقابل فإن 40% من الجمهوريين يعتقدون أنه لا بدّ من استخدام القوة والعنف لترسيخ النظام», أي إن العنف والقوة هما الوسيلتان المختارتان لدى شرائح وازنة من الأميركيين, وهذا جوهر اضطرام الحرب الأهلية تحت الرماد .
النائب تيم كين قال: إن ما حدث في 6 كانون الثاني كان تهديداً لنظامنا, وهجوماً على مؤسساتنا ،علينا القتال بقوة للدفاع عنها وعلينا أن نفهم أننا (لم نجتز الاختبار فيها), أي مازالت أميركا تحت الاختبار وما يجري فيها من نقاش عام حول أمراضها هو في جانب منه محاولة علاج لمصابها, ومداواة أمراضها والسعي للحفاظ على مكانتها التي مازالت متفوقة بقوة تأثيرها، ومع ذلك ورغم قوتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، إلّا أنها مهددة بالتفكك والانقسامات والتمييز العنصري.. هذه هي أميركا مصابة في داخلها ومعتلة في التعامل مع الخارج .