“عقارب الصافي” ومعاناة مزمنة مع مياه الشرب.. الدور كل شهر مرة و لنصف ساعة فقط..وشراء المياه أرهق الأهالي
حماة- نصار الجرف:
تقع بلدة عقارب الصافي في سلمية، وكانت تسمى بهذا الاسم نسبة إلى صفاوة ونقاوة مياه نبع كان ينبع من تحت تلة الصافي شرقي القرية،والآن باتت تعاني العطش، بعد أن جفّ نبعها وأصبحت معاناة سكانها الذين يبلغون حوالى ١٥ ألف نسمة، وأي معاناة هذه والمياه لاتصل بيوتهم سوى مرة واحدة في الشهر، أما البديل فطبعاً الاعتماد على مياه الآبار عبر الصهاريج المكلفة مادياً وغير الموثوق مصدرها وغير موثوقة صحياً .
دور مياه واحد شهرياً
المواطنون الذين التقهم ” تشرين” في القرية عبّروا عن معاناتهم اليومية في تأمين المياه ، لتلبية احتياجاتهم سواء للشرب أو الطبخ أو الاستخدامات الأخرى.
حيث بيّن المواطن كمال العبدالله- موظف- أن معاناتهم مع أزمة مياه الشرب في القرية طويلة وباتت مزمنة، حيث قلة الوارد المائي عن طريق مؤسسة المياه، والذي لا يكفي احتياجات الأهالي، إذ يلحق لكل أسرة دور واحد في الشهر ولمدة أقل من ساعة فقط،لأن الشبكة موزعة على ٢١ حارة وأنابيب الشبكة ضيقة وسِعاتها قليلة، حتى لو تمت زيادة ساعة كهرباء إضافية لمحطة التحلية، المصدر الرئيس لمياه القرية، فإن ذلك غير كاف، و قد طالب الأهالي المعنيين مراراً بضرورة إيجاد حلّ لهذه المعاناة عبر مد خط كهربائي معفى من التقنين لمحطة التحلية أو مد خط مياه من الشومرية،علماً أنّ هناك بئرين مركب عليهما طاقة شمسية من المنظمات الدولية والعمل الشعبي، لكنهما غير كافيتين لسد الحاجة، ما يدفع الأهالي لشراء المياه عبر الصهاريج، وهذا مكلف لهم مادياً، وإما توسيع خطوط الشبكة لسعات أكبر لزيادة الضخ ووصول المياه لأكبر عدد.
٥٠٠ ليتر فقط
من جانبه المواطن أحمد غيبور- متقاعد- أفاد بأن الأهالي في عقارب أصابهم الملل من كثرة المطالبات، فلا جدوى لها و أصبح تأمين مياه الشرب هاجسهم اليومي وبات حلماً قد لا يتحقق، لأن الدور كل ٢٥ يوماً ولا يستطيعون تعبئة أكثر من ٥٠٠ ليتر فقط خلال نصف ساعة كهرباء، وهناك الكثير من الأهالي هجروا القرية لهذا السبب. مضيفاً: لذلك نضطر لشراء المياه من الصهاريج بمعدل أربع مرات شهرياً، وكل مرة بمبلغ ٦٠ ألف ليرة ،وهذا تقريباً مقابل راتبي.
وعود بلا تنفيذ
رئيس بلدية عقارب الصافي أحمد إبراهيم أكد لـ”تشرين” أنّ القرية تعاني من قلة مياه الشرب منذ سنوات عديدة، رغم المطالبات ومخاطبة الجهات المعنية، خاصة مؤسسة المياه والمحافظة، ودائماً الوعود موجودة من دون تنفيذ على الواقع.
و أضاف: يبلغ عدد المشتركين بشبكة المياه في القرية ١٢٠٠ مشترك، موزعين على ٢١ حارة، و يتم توزيع المياه نصف ساعة لكل حارة، أي بمعدل مرة واحدة كل ٢٥-٣٠ يوماً وبحوالي ١٠٠٠ ليتر، وهناك ٢٠٠ مشترك لا تصلهم المياه نهائياً بسبب سوء الشبكة، لأن أقطارها ضيقة، لذلك نحتاج تمديد خطوط أوسع وإلى مضخات لدفع المياه وهذه أيضاً تحتاج إلى كهرباء.
وعن مصادر مياه القرية، أوضح إبراهيم أنها أولاً من محطة التحلية الموجودة بين قريتي عقارب وجدّوعة، وهي تغذي القريتين معاً، بما يعادل ١٨٠٠ مشترك، وهي لا تلبي الغرض بسبب عدم توفر الكهرباء بالشكل اللازم، إضافة إلى قلة مخصصات المازوت لتشغيل المولدة في المحطة.
كما أنّ هناك أربع آبار سطحية ضمن أراضي القرية اثنتان منهما مزودتان بالطاقة الشمسية بدعم من قبل المنظمات الدولية والعمل الشعبي، وهذه تعطي ٢٠٠ متر مكعب، ولكن لانخفاض منسوب المياه في البئرين لم تستفد منهما.
وعن الحلول المقترحة برأيه، اقترح إبراهيم تأمين خط كهربائي معفى من التقنين لتغذية محطة التحلية، ودعم شبكة المياه بخطوط رئيسة ذات سعات أكبر من ١٨٠ مم فما فوق لسهولة التوزيع، ما يسهم في تقليل عدد المقاسم( الحارات) من ٢١ إلى أربعة أو ستة،كما تسهم في تقليل عدد ” السكورة” التي تحتاج إلى عمال أكثر وتتعرض لأعمال أكثر، وبهذه الحال يصبح الضخ من الخزان أسرع وأغزر، علماً أن سعة الخزان ٣٠٠ متر مكعب، وهناك حل آخر وهو تزويد القرية بحصّة من مياه خط الشومرية الذي وصل إلى قرية برّي الشرقي القريبة من عقارب.
تركيب ٤ سكورة.. والدور على اليوم الثامن
بدورنا نقلنا هذه الشكوى والمعاناة إلى مديرة المؤسسة العامة لمياه الشرب في حماة، المهندسة سوسن عرابي، التي أوضحت أنّ مصدر مياه الشرب في قرية عقارب يعتمد بشكل رئيس على محطة التحلية الواقعة بين قريتي جدّوعة و عقارب، و فيها بئر تصريف ٤٠ متراً مكعباً في الساعة، مركب عليه محطة تحلية (RO) إنتاجها ٢٠ متراً مكعباً في الساعة، وبسبب الوضع الحالي للكهرباء في محافظة حماة ،نصف ساعة وصل وخمس ساعات ونصف قطع، أدى إلى حدوث نقص في مياه الشرب، وقد قامت المؤسسة بتركيب جهاز (GBS) وتعديله لدعم المحطة بمادة المازوت حسب جدول موضوع بالتنسيق بين المؤسسة والمحافظة، بحيث تروى قرية عقارب على اليوم الثامن في حال توفر الكهرباء بدعم خط صبورة بساعتين إضافيتين يومي السبت والثلاثاء من كلِّ أسبوع.
وبالنسبة لتوزيع شبكة المياه في عقارب، أضافت المهندسة عرابي: تسعى المؤسسة لإعادة تقسيم أحياء القرية إلى أربعة أحياء رئيسة بدلاً من ٢١ لتأمين ” السكورة” والقطع اللازمة على ضوء الإمكانية المتوفرة، أما بخصوص البئرين السطحيين، فإنهما تعتمدان على الهاطل المطري و بتصريف أقل بمثل هذه الشهور.
تأمين المازوت وتركيب طاقة شمسية
وعن الحلول، أوضحت عرابي بأنها تتمثل أولاً بتأمين مادة المازوت باستمرار حسب عدد ساعات وجدول محددين من دون انقطاع، كما تسعى المؤسسة إلى تركيب طاقة شمسية بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وأيضاً تركيب أربعة سكورة لتوزيع مياه الشبكة وتقسيم القرية إلى أربعة أحياء.
منوهة بأنه إلى حين استكمال مشروع الشومرية وحفر آبار إضافية، سيتم النظر بدراسة دعم منطقة عقارب وجدّوعة وصبورة من الآبار المذكورة، علماً أنّ المياه الجوفية في منطقة صبورة كبريتية وغير صالحة للشرب، وبحاجة إلى تحلية، وهذه تحتاج إلى تكاليف كبيرة،حيث تتجاوز تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية.