من المتفق عليه، أن من أهم عوامل نجاح أي مؤسسة، إيمان العاملين فيها – جميع العاملين- بأهمية عملها، إيماناً يجعلهم ينخرطون بالعمل لتحقيق أهداف مؤسستهم، كلٌّ في موقعه، ومن موقعه .
في عام 1961، كانت وكالة «ناسا» الأميركية وضعت هدفاً لعملها، وهو إنزال أول إنسان على سطح القمر، وانخرط العاملون فيها بالعمل الجدّي لتحقيق هذا الهدف، ولأهمية هذا الإنجاز للبلاد، وأثناء فترة التحضيرات هذه، زار الرئيس الأسبق جون كينيدي الوكالة للاطلاع على سير العمل فيها، وأثناء تنقله من قاعة إلى أخرى، وفي أحد الممرات، صادف أحد عمال النظافة، فاستوقفه ليدردش معه، وسأله: «ماذا تفعل في الوكالة؟»، فأجاب عامل النظافة بتلقائية ومباشرة: «إنني أشارك في وضع رجل على سطح القمر».
عندما يؤمن عامل النظافة بأنه واحد من فريق عمل مؤسسة كوكالة ناسا، وعندما يؤمن بأن عمله مهم لتحقيق أهداف مؤسسته.. عندها لا بدّ أن ينجح هذا الفريق المؤلف من علماء وخبراء وإداريين وفنيين وووو.. وعمال نظافة، ويصبح إتقان كل فرد من هذا الفريق لعمله عنصراً مهماً في تحقيق أهداف المؤسسة بشكل ناضج .
لا بدّ أن عامل النظافة، الذي قال للرئيس كينيدي بكل تلقائية وفخر إنه يشارك في إيصال رجل إلى القمر وجعله يسير على سطحه، أنه شعر بالنجاح الشخصي ضمن نجاح فريق مؤسسته عندما نجحت عملية نزول أول إنسان على سطح القمر، ولا بدّ كذلك أنه شعر بمشاركته بعمل مهم في تاريخ الإنسانية.
لا يمكن لأي مؤسسة- مهما صغرت أو كبرت- ومهما كان عملها أن تنجح إن لم يؤمن كل عامل فيها بأنه جزء من نجاحها في تحقيق أهدافها، وكي يؤمن العاملون بأهداف مؤسستهم لا بدّ أن يفهموها، وأن يفهم كل عامل دوره ضمن فريق المؤسسة، وهذه من بدهيات الفكر المؤسسي الذي يشكل التجسيد الأرقى لعمل ونجاح الفريق.. بالفعل الإيمان بالعمل وأهمية أهدافه، والانتماء للفريق بفاعلية، يشكلان نبض الإنجاز وروح النجاح .