عندما تعرضت شركة مايكروسوفت للركود, وبدأت تتراجع إلى درجة دفعت جريدة الغارديان البريطانية للتساؤل عبر عنوان مؤلم: «مايكروسوفت حكمت العالم ذات مرة », إذاً ما الخطأ الذي دفعها لهذا التراجع والتصرف كشركة مصابة بالشيخوخة؟ ولمعالجة هذا التردي, تم تغيير مديرها التنفيذي «ستيف بالمر» ليدخل بدلاً منه «ساتيلا ناديلا », وكان أمامه مهمة صعبة وثقيلة لإنقاذ هذه الشركة, وإعادتها إلى إنتاجيتها وتفوقها, وكان أول ما فعله هذا المدير الجديد, قيامه بتوزيع كتاب على المديرين المفصليين باعتبار أن «القراءة مطلوبة» للمديرين والمسؤولين, وبالفعل عادت «مايكروسوفت» اليوم الرائدة في السوق, الجميع يريد أن يعمل لصالحها المتفوقة في التحليلات وذكاء الأعمال والفائزة في الحوسبة السحابية, وبالفعل استطاع ناديلا استعادة الألق والإنتاجية إلى «مايكروسوفت» معتمداً أولاً على تغيير ثقافتها عبر كتاب. هذا الكتاب عنونه عالم النفس المؤلف « مارشال روزنبرغ » بعنوان: «التواصل الودي» هو كتاب عن أمر واحد قبل كل شيء, التعاطف الودي وسيلة للتفاعل والتواصل والفكرة التي اعتمدها ناديلا تمثلت في جوهرها بتعليق الكتاب الأكثر مبيعاً, والمحفور على غلافه الأمامي «الكلمات مهمة ابحث عن أرضية مشتركة مع أي شخص, في أي مكان, و في أي وقت, على الصعيدين الشخصي والمهني», قام ناديلا بتعليق هذا الكتاب على مكتب كل مدير مفصلي ليعتمده ويعتمد أفكاره في اجتراح التعاطف بين العاملين عبر الكلمات المشحونة بالتعاطف والمودة, وهذا ما أعطى الأساس لاستعادة «مايكروسوفت» ريادتها وإنتاجيتها.
ساتيلا ناديلا, وجد أن العاملين يفتقرون للتعاطف والوعي بالآخرين ما أدى إلى ركود الشركة وتهديدها بالفشل ووجد في تراجع الشركة مثالاً وبرهاناً ممتازاً على كيف يمكن لعدد من المديرين السيئين المتعطشين للأنا في القمة, أن يشوهوا تجربة وأداء مؤسسة بأكملها, المديرون كما أظهرت الأبحاث, هم الذين يضعون القدوة والتوقعات لكيفية اتخاذ القرارات وكيف يعمل الأفراد, والفرق على أساس يومي ببساطة, المديرون السيئون يعنون وينتجون أسوأ الأعمال, ويقلبون المؤسسات والشركات العظيمة إلى كيانات شائخة راكدة فاشلة, ونتيجة إدراك ناديلا لهذه الحقائق, أعتمد الكتاب الذي يعيد التعاطف والتفاعل, والتقدير بين العاملين أنفسهم, وبينهم وبين مديريهم مع التأكيد على أهمية الكفاءة والحرفية, وهكذا حقق ناديلا النجاح باستعادة قوة وتفوق وإنتاجية «مايكروسوفت».
تجربة «مايكروسوفت» واعتمادها على ثقافة التعاطف والتفاعل وتقدير الآخرين, بعد التأكد من كفاءتهم ومهنيتهم الجيدة كأساس لثقافة بيئة العمل, تحترم الكفاءة والقدرة لدى الآخرين, ويتفاعل معهم لتكون النتيجة باهرة وفائقة التميز, بالفعل كتاب أنقذ شركة كبرى من الانهيار, تأكيد أن ثقافة التعاطف والتعاون والتفاعل الودود والاحترام المتبادل, أساس النجاح والتفوق, بالجودة والإنتاجية.