صياغة النموذج الاقتصادي
ركز السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية لأعضاء مجلس الشعب في الدور التشريعي الرابع بتاريخ 25/8/2024 على ضرورة التوجه لتفعيل الدورة الاقتصادية من خلال الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة وبما يؤدي لتعزيز مناعتنا الاقتصادية ومواجهة المشاكل والأزمات المعيشية الناجمة عن عوامل داخلية ذاتية وعوامل موضوعية خارجة عن إرادتنا، وفي مقدمتها الحرب على سورية والإرهاب الاقتصادي من (عقوبات وحصار ) اقتصاديين جائرين مفروضين من طرف واحد ومخالفين لميثاق الأمم المتحدة وتحديداً الفصل السابع المادتين /39و41/، وأكد سيادته بأن مجلس الشعب هو المؤسسة الأهم من مؤسسات الدولة، وكل عضو في المجلس وإن كان فاز بثقة ناخبيه في منطقته لكنه بحكم الدستور يمثل الشعب السوري بأكمله، وهذه الثقة هي
(رصيد سريع النفاد إن لم يغذَ بالعمل الدؤوب والإنجاز والإثمار )، وهذا يتطلب الاهتمام بالحراك والتطوير لمؤسسات الدولة وآلية العمل وبنتائج إيجابية ملموسة مترافقة مع رقابة دائمة مستمرة من باب التقابل بين (السلطة والمسؤلية) لأنه وكما قال سيادته: “السلطة من دون رقابة تؤدي إلى الخراب، والمسؤولية بدون معرفة تؤدي إلى الفوضى”، وهذا ينطبق على الاقتصاد الوطني سواء الاقتصاد (الكلي والجزئي Macro -Mecroeconomies) وأساس هذا يتجسد في مناقشة السياسات العامة الكلية للحكومة والقطاعات المنبثقة عنها بالاعتماد على رؤية إدارية علمية تعتمد على التشخيص والشفافية ووضوح وعدم الهروب من مواجهة المشاكل لأن هذا يؤدي إلى تضخيم المشاكل الحالية واتخاذ القرارات الاقتصادية المناسبة بالوقت والمكان المناسب، لأنه كما يؤكد علم الإدارة بأن (عدم اتخاذ قرار هو بحد ذاته اتخاذ لقرار وأن المشكلة الإدارية ككرة الثلج أو النار كلما تدحرجت أي تركت للزمن تكبر من ذاتها وقد يكون بسبب عوامل خارجية متشابكة مع العوامل الداخلية ما يؤدي إلى نتائج سلبية على المؤسسة وعلى الاقتصاد الوطني بأكمله)، والشفافية تعتمد على أن نجيب على عدة أسئلة ومن أهمها: لماذا هذه المشكلة ظهرت الآن وبهذا الحجم، ووجه سيادته بأن نركز على ذلك من خلال البحث عن أسباب المشكلة وأين كنا وأين أصبحنا ولماذا وصلنا إلى هذا المكان وإلى هذا الواقع، وهذا الربط بين الماضي والحاضر يساعدنا على التمييز بين الأسباب الموضوعية والأسباب غير الموضوعية، ما يتطلب وضع رؤى اقتصادية واضحة تبنى على أساسها خطط واقعية بعيدة عن الأحلام الوردية، وتأجيل النقاش بهذه الأسئلة الصعبة كما كنا نفعل دائماً حوّلها إلى وحول أقعدتنا.. شلتنا.. منعتنا من التفكير ومنعتنا من الحركة ولم نعد قادرين على الخروج منها، لذلك تأجيل الحوار فيها أصبح غير مقبول.. الحوار فيها أصبح ضرورة ملحة.. وأعطى مثالاً على ذلك ما نعانيه اليوم من ( التضخم وارتفاع الأسعار بما فيها سعر الصرف وعندما لا نعالج المشاكل فإن السلبيات تتراكم مع الزمن وهنا تتحول السياسة الصائبة إلى سياسة سلبية بالرغم من أنها سياسة صحيحة، وفي هذه الحالة يصبح من الصعوبة تحديد المسؤولية ويتوسع الخلل بين (السلطة والمسؤولية )، كما ركز سيادته على العلاقة بين المؤشرات الاقتصادية مثل
(الإنتاج والفائدة وسعر الصرف والتضخم والركود والدعم والبطالة ومواجهة التحديات وتقليل الخسائر وزيادة الأرباح ومواجهة العجوزات المالية والاقتصادية من عجز الموازنة و الميزان التجاري والمدفوعات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والزراعة والصناعة والخدمات …الخ) ومن هنا نرى ضرورة أن تتوجه السلطة التنفيذية لتشكيل لجان اقتصادية متخصصة تقوم بعلاج هذه المؤشرات ومشاكلها وتحسين وضعها وعلى قاعدة الربط بين السبب والنتيجة والعلة والمعلول مع الابتعاد عن الحلول الشعبوية، وأوضح سيادته في كلمته لمجلس الشعب وللجنة المركزية للحزب قبلها عن النموذج الاقتصادي الذي نريد وأكد بأننا “لن نخلع عباءتنا الاشتراكية، سنبقى في نفس المكان، ولكن هذه العباءة لا يمكن أن تكون عباءة جامدة مقيدة، لا يمكن أن تكون قالباً، يجب أن تكون متحركة ومرنة بحسب الظروف، الخيارات الصعبة”، أي الربط بين (حركة الأسواق وآليتها من عرض وطلب وبين التوجهات الحكومية بتحقيق العدالة الاجتماعية) وهذا جوهر اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يفعل مكونات الدورة الاقتصادية ويؤدي مباشرة إلى تحسين رؤوس المربع الاقتصادي وهو زيادة الناتج الإجمالي وتحسين معدل النمو وتخفيض معدل البطالة والتضخم، وعندها تظهر النتائج الملموسة للمؤسسة الأهم في سورية أي مجلس الشعب وتنتقل سورية للتعافي الاقتصادي وجوهره اليوم أفضل من البارحة وغداً أفضل اليوم وهذا يتطلب الثقة بالنفس ومواجهة مخططات الأعداء.