الأزمات لا تأتي فجأة!

يفسد السمك بعد ثلاثة أيام، وتفسد الخطط التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا تنطلق من مصلحة الدولة العليا، ويفسد الإصلاح إذا لم يكن منحازاً للتنمية والعدالة والفقراء!
الأزمات لا تأتي فجأة، بل هي نتيجة تراكم، ولا بد من إيجاد رابط بين الماضي والحاضر والبحث في الأسباب، ومن الطبيعي أن هناك أسباباً خارجة عن السيطرة كالحروب والتضخم العالمي والحصار، لكنّ هناك أسباباً تعود إلى تقصير المسؤول..! لاشك بأن عدم وجود أدوات لتنفيذ الخطط يؤدي إلى هدر الوقت.. ونقول: إن الوقت هو حياة الأمم ونبضها وأغلى ما تملك، لكنه الوقت الذي باتت الحاجة ماسة فيه لنموذج جديد في التفكير! يعتمد على الواقع ولا ينكر الحقائق، يقول بوضوح وشفافية: لدينا إجراءات خاطئة تؤدي إلى تفاقم الفساد والمشكلات، وعلينا أن نتصدى لها.. لا أن نتجنبها!
إن الإصلاح الحقيقي لم يعد يقتصر على المخططين والخبراء الذين يجلسون في صوامعهم، ويرسمون خطوط الطول والعرض لكي يسير عليها المعنيون من إدارة وموظفين ومواطنين مع وجود بعض الاستثناءات.
التفكير الجديد ينطلق من مشاركة كل فرد صغير أو كبير أو فقير أو غني في العمران والإصلاح، والمشاركة تكون بالفكر قبل كل شيء! ربما بات على المعنيين فهم العلاقات بينهم وبين من يتعاملون معهم على صعيد الإدارات أو المواطنين كيف تفكر الجهات المعنية؟ وكيف يفكر المواطنون أو الإداريون؟ لماذا تفعل الجهات المعنية ما تفعله؟ ولماذا يفعل المواطنون أو الموظفون ما يفعلونه؟
إن النماذج الجديدة في التفكير استطاعت في الكثير من الدول التي عصفت بها الأزمات إيجاد حلول إبداعية لمشكلاتها التي تبين أنه لا يوجد شيء عصي على الحل ما دام الجهد منصباً على زيادة قوة البلاد، وتحسين معيشة الأفراد ولحظهم بكل المقترحات والاستماع إليهم، وعدم تطنيش الضعفاء والفقراء وهم الأغلبية الساحقة، وإنما الانحياز لدعمهم من خلال التركيز على المشروعات والخطط التي تحسن من أحوالهم وظروفهم المعيشية.
والنماذج الجديدة في التفكير تتسع المساحات أمامها بحيث تتمكن من تشكيل الرؤية البعيدة في المستقبل، وتركز على تحقيق تنمية شاملة تصل حتى آخر قرية، وتحارب الفساد بحيث تكون الإدارات الحكومية أنموذجاً يقتدى به من حيث التواضع، وعدم هدر المال العام، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ودعم مشروعات الشباب، والنهوض بالتعليم، وتقديم الرعاية الصحية لمن لا يملكون ثمن بطاقات التأمين الصحي الذهبية والفضية والبرونزية!
لم تعد طريقة الإدارة الهرمية وإعطاء الأوامر بتدفق وحيد الاتجاه مجدية، وصار للمواطن منبره الخاص عبر صفحات التواصل والمواقع الاجتماعية، فلم يعد الانتظار أمام أبواب المعنيين ذا قيمة، فهناك صفحات «الدردشة والتغريدات» تنشر الغسيل كله.. والكل تحت سقف عدالة الدولة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار