“دمشق أمّ لا تموت”.. ملحمة وطن للكاتب سامي محمود طه
تتسرب كالضوء إلى عتمة الحرب، ويمتد حضور كاتبها المميز إلى جوف الشح القصصي الذي طال المشهد “الكتابي” السوري إبان الحرب على سورية.
“دمشق أم لا تموت”.. مجموعة قصصية للكاتب سامي محمود طه عضو اتحاد الكتاب العرب، قصص من واقع وطن يلفظ جراحه ويغرس في يقين أبنائه حكاية انتماء مقدسة هي حكايات من زمن أراد الخراب أن يتمترس فيه فكانت إرادة أبنائه جسر عبور إلى الغد الأبيض.
تلك محاولة متبلورة من صاحب “شجرة الأحلام” و”أخطبوط في رحم امرأة” و”من مذكرات امرأة” و”سر الفراشة” وغيرها الكثير لهذا القاص المبدع لعلها تتجذر بعمق أكثر في الوجدان السوري، عسى هذا الوطن الجريح يرشح زيت الكتابة المقدس فيكتسب يقين الخلود كما عادته وهو يتراءى كالطيف الشفيف في أجواء المدن العربية التي افتقدت وستبقى إنتاجاً ثقافياً سورياً بأعلامه كافةً.
أبطال قصص المجموعة أناس طيبون يعشقون دمشق، ومن خلالها شرايين الحياة البهية التي عرفتها سورية الوطن الجميل، هي قراءات في أحداث موجعة يشع في نهاياتها أمل أبيض.
يجسد القص في هذه المجموعة العشق المتجذر الذي لا يدانيه عشق للأم العظيمة دمشق ومن خلالها سورية التي يرتبط أبناؤها بها بحبل سري لا انقطاع له، بطل القصة التي حملت عنوان المجموعة يسافر في نزيف الجرح ويعصف الألم بسكينة نفسه وقراره حيث يتمثل الرماد في جنبات من يومياته إلى أن تهديه دمشق صحوة الرشاد فيودعها قراره ويمزق أوراق رحيله عنها.
ومن القصة التي حملت عنوان المجموعة نقرأ: “لحبلها السري سحر متفرد يضم أبناءها بلا انعتاق.. سمعها تطلق صرخة مدوية: لن أعيش في جلبابكم الرمادي.. لا أحب الرماد ولا الرماديين.. سمع نزار وشوقي والجواهري يرتلون سرمديتها وياسمينها الخالد.. أدرك أن تلاقح الأبيض والأسود في دمشق لا يولد الرمادي.. صرخ بلا صوت: دمشق أمّ لا تموت، سورية لا تموت.. وحدها سورية تاج مملكة هذا العالم.. بعد قليل كانت النار تلتهم أوراق سفره وقرار الرحيل ورغم أزيز رصاص وأصوات تنشر رائحة الموت قرر أن يسامر حبيبته دمشق في ما بقي من هذا الليل”.
يحمل غلاف المجموعة، الصادرة في طبعتها الثانية عن دار الينابيع، لوحة للفنان المهندس مجد حجازي.