ليست الأولى .. “القطار الأزرق” رواية “تشاركيّة” لفكّ عزلة المثقف !

في عام 2016 صدر عن الهيئة العامّة السّورية للكتاب رواية مشتركة للكاتبين عمر عبير قتال وعمر جمعة حملت عنوان “سنلتقي ذات مساء في يافا” وقبلها بكثير صدرت روايات سورية مشتركة وأخرى عربية عديدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر روايات “ربيع المطلقات” للبنانيين نزار دندش ونضال أميونيدكاش، و”القصر المسحور” للأديبين طه حسين وتوفيق الحكيم، و”عالم بلا خرائط” للأديبين جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف الصادرة عام 1982، وفي عام 2019 صدر عن وزارة الثّقافة الأردنية رواية “حكايات المقهى العتيق” التي كتبها تسعة كتّاب، انبرى كلٌّ منهم للحديث عن مرحلة معينة تطرق إلى حقبة من الحقب التاريخية التي مرّت بها مدينة مأدبا.
واليوم تشهد الحركة الثّقافية السّورية ـ مكتبة الأسد الوطنية تحديداً ـ تجربة مماثلةً للتّجربة الأردنية وهي توقيع رواية مشتركة جديدة بعنوان “القطار الأزرق” لسبعة أدباء مختلفي الأسلوب والقلم هم: صاحب الفكرة عماد ندّاف، جمال الزّعبي، فاتن ديركي، محمد الطّاهر، محمد الحفري، سهيل الذّيب، والمغترب مُقبل الميلع الذي شارك بالكتابة عبر الهاتف.
وفي كلمته نيابةً عن بقية الكتّاب يتحدّث الميلع عن هذه التّجربة بالقول: كانت تجربة شاقّة جدّاً، فليس من السّهل تشارك سبعة أدباء في كتابة عمل مشترك، فجيناتنا الوراثية تحمل حبّ الاختلاف والخلاف وبسببه كاد هذا الموروث ألّا يرى النور، وعندما سافرنا في بحورها واجهتنا رياح شديدة وخشينا من فوضى الكتابة وكان اجتماعنا الأوّل بائساً ما زاده بؤساً تعليقات الوسط الأدبي ورهانهم على فشل المشروع والبعض قال: “إذا كثر الطّباخون احترقت الطبخة”، مضيفاً: وبين أخذ وردّ ورفض وقبول ضربنا بكلّ التّعليقات عرض الحائط وتغلّبنا على كلّ شيء إلى أن هدأت العاصفة وتابعنا جلساتنا بإرادة وإصرار وكنت مشاركاً فيها عبر الهاتف واتّفقنا على أنّ الأدب ليس ترفاً أو تسلية بل مسؤولية وضرورة.
وفي المنهج المتّبع في كتابة هذه الرّواية يوضّح ميلع: اتّبعنا المنهج الفلسفي بالاعتماد على المنطق الحديث “الموديل لوجيك” أي السّيناريوهات المحتملة واخترنا الكتابة عن الحرب على سورية، هاجسنا المشترك، واتّفقنا على أنّ معركتنا هي مع الثّقافة وإن انتصرنا فيها سقطت كلّ المعارك الأخرى. وهكذا انتقلنا من الجهد الفردي إلى الجماعي وكسرنا نمطية الكتابة في الرّواية ووجدنا أنفسنا داخل مقطورة مقلوبة وقريبة مركونة في المحطة ننتظر القطار… فهل كانت الفكرة مجنونة؟ أبداً لا .. كانت تحدياً حتّى صارت واقعاً !.
ويتحدّث جمال الزّعبي عن هذه التّجربة، فيقول: لم تكن لديّ تجربة مع الرّواية، بل مع القصّة القصيرة، تعاملت مع الكتّاب في هذه الرّواية بصعوبة في البداية، لكن مع تبادل الأفكار وسردية الرّواية دخلت بقوة لاحقاً وقمت بدوري على أتمّ وجه.
فاتن ديركي الصّوت الأنثوي الوحيد في هذه التّجربة، تقول: وجودي بين سبعة رجال في وقت الحرب على سورية خلق الكثير من التّوجس والقلق والتّرقّب والانتظار، وكان عليّ أن أكون الأخت والصّديقة والأمّ وربّما الحبيبة والقويّة في وجه هذه الحرب علينا، لذلك لم تكن المرأة في الرّواية ضعيفة، بل كانت من تعطي الأمان والقوّة للرّجل والأمل وكانت تعطيه نظرةً جديدة للحياة.
“القطار الأزرق” تجربة جديدة في مجال الرّواية المشتركة ليست الأولى سورياً أو عربياً كما أنّها غالباً ليست الأخيرة، روايةٌ بدأت حلماً وانتهت بفرحة الأدباء بحصولهم على موافقة اتّحاد الكتّاب العرب الذين هم أغلبهم أعضاء فيه، وتحكي عن كابوس الحرب على سورية وعزلة المثقّف بشخصية حقيقية ـ كما نوّه الأدباء ـ وعفوية وبسيطة وصادقة وبأحداث حقيقة عاشها مواطنون سوريون ومن الممكن أن يعيشها آخرون.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار