تقييمات وجوائز من باب المجاملة و«البرستيج»!.. هل ترقى المهرجانات العربية الفنيّة إلى العالمية؟

مهرجانات بالجملة باتت تظهر على الساحات الفنية، بأسماء مختلفة، وتمنح جوائز متعددة وكثيرة لجميع الأعمال المشاركة فيها، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة عن ماهية هذه المهرجانات والجهات الراعية لها، وعن مدى مصداقية الجوائز التي تقدمها، وهل تخضع فعلاً للمعايير الفنية بموضوعية أم هي «مهرجانات علاقات عامة وبرستيج» كما أطلق عليها البعض!؟
مهرجانات مجاملة
تساؤلٌ طرحته «تشرين» على المخرج محمد زهير رجب فأجاب: هناك نسبة كبيرة من المهرجانات التي تقام في الوطن العربي هي مهرجانات مجاملة ولقاءات تعارف ودية لا أكثر ولا أقل، وبالنسبة للجوائز الكثيرة التي توزع بشكل كبير هي شكل من أشكال المجاملة ولا نستطيع عدّها جوائز تخضع لمعايير موضوعية أو فنية أو علمية، فالتقييم لهذه الجوائز يكون من باب المجاملة والتكريم، وتُمنَحُ لكل الفنانين العرب من كل مكان، وليس بناء على تقييم فني موضوعي، علماً أن عمليات الاختيار في أي مهرجان تُعدُّ الأهم لأنها تعكس طبيعة توجه المهرجان ومدى قدرته على استقطاب الأعمال الجيدة، ففي معظم المهرجانات العربية، تذهب عمليات الاختيار – في أحيان كثيرة – إلى مجاملة المنتج أو المخرج أو حتى نجم العمل، الأمر الذي ينعكس سلباً على حضور العمل الفني أو الفنان في المهرجان، وهو ما يؤثر أيضاً سلباً في صورة المهرجان على الساحة العالمية!
ويكمل المخرج رجب قوله: أنا لست ضد هذه المهرجانات أو اللقاءات، بل هي لقاءات لأفراد الأسرة الفنية العربية الواحدة، ولكن لا أستطيع أن أضعها ضمن خانة المهرجانات العالمية.
ولجان التحكيم.. مَنْ هم؟
الفنان محمد حداقي اكتفى برد بسيط على فكرة التقييم الفني والموضوعي لهذه المهرجانات بأن القيمة الأدبية والفنية للأعمال الدرامية وحتى السينمائية، ذهبت بعقولنا إلى حدود المحيطات، وهذا اللون الجديد بالأداء سبى وجداننا وعقولنا.
وأضاف: أنا شخصياً تعلمت «تكنيكاً» جديداً (إنّي ما أعمل هيك بحياتي) طبعاً أستثني البعض، وهم ممثلون جيدون برغم عدم استحقاقهم لهذه الجوائز… ويكمل ساخراً وبلهجة عامية: «موفقين بالمولينكس دور الجاي… بس ملاحظة صغيرة لازم يغيرو تسريحات الشعر»!
صفقات وتلميع لبعض المشاركين
ونوّه الناقد الفني ماهر منصور بأن المهرجانات تقسم إلى نوعين: مهرجانات دعائية ومهرجانات فنية بشكلها التقليدي والمتعارف عليه، وعبرها تتم المنافسة والتحكيم بطريقة جدية وجادة لفرز النتائج النهائية. فالمهرجانات الدعائية الغاية منها ليس توزيع الجوائز؛ بل حشد عدد كبير من النجوم والدعاية للشركة المنظمة والبلد المضيف وتلميع أحد ما، وربما يصل لدرجة تحويل الجائزة المهمة إلى «صفقة»!، بمعنى؛ أن يتم دفع قيمة الجائزة ممن يريد الحصول عليها، وهذه ظاهرة تلميع لنجوم العمل الفني، وحقيقتها التي لا يختلف عليها اثنان بأنها مجرد عمل دعائي لمنظمي الجائزة لقاءَ مقابل ماليٍّ للألقاب الممنوحة!.
أما المهرجانات التي تمنح هذه الجوائز بناء على تقييم جاد فقد تُصاب على الأغلب بما يسمى «سوء النية» فعندما نتحدث عن جوائز المسلسلات يجب أن نميز بين جوائز المسلسلات وجوائز الأفلام، لأن الأفلام تكون بعدد معين مع لجان مختصة تشاهد جميع الأفلام، ويتم تقييمها وبالتالي تكون الجدية واضحة تماماً، أما جوائز المسلسلات فتتم عبر المسلسلات التي تُقدَّمُ إلى المهرجانات وهذا يحدث غالباً في مهرجانات الإعلام العربي أي المهرجانات التي تتبع لجامعة الدول العربية أو المهرجانات التي تتبع لمنظمة التربية والعلوم.
يضيف الناقد منصور: وكما نعلم من المحال على شخص واحد مشاهدة كل المسلسلات، وأن يقول هذا أفضل مسلسل من بين كل ما أنتج، ومعظم جوائز المهرجانات تُجامِلُ الدولةَ المستضيفة، وتمنح جوائز لبعض المشتركين في هذه الدولة، ثم إن درجة النزاهة قد لا تكون بمنحهم الجائزة الأولى، ولكن هذا التقليد أصبح بروتوكولياً بأن تحصل الدولة المضيفة على بعض الجوائز، والواضح اليوم هو «سوء النية» الذي غالباً ما يكون سببُه أننا نمنح الجائزة للمسلسلات المشاركة في المهرجان فقط!، فالدراما العربية تنتج أكثر من 100 مسلسل ولا أعتقد أن هناك من شاهد هذا الكم الكبير كي يعطي واحداً منها «جائزة أفضل مسلسل عربي»!، فحتى هذه المهرجانات الجادة والتي تتمتع بتقييم جدي تمنح «الجائزة الأفضل» لما بين يديها من مسلسلات، وليس أفضل الموجود بالعموم، نحن محكومون بهذه المهرجانات الجدية، ولا أقصد الدعائية فهي خارج التصنيف.
مهرجانات «أهلية بمحلية»!

الإعلامي أحمد الدرع قال: أعتقد أن هناك من 90- 95% من المهرجانات العربية هي فقط «مهرجانات علاقات عامة لا أكثر»! فهناك فنانون باختلاف تصنيفاتهم الفنية باتوا يشترون الجوائز وهذا شيء معروف، حيث يتم الاتفاق مع القائمين عليه بمنح الجائزة أو الدروع التكريمية مقابل مبلغ مادي معين! وأحياناً يتم الاتفاق مع شركة الإنتاج نفسها لمنح العمل الذي أنتجته هي جائزةً مقابل رعاية الشركة لهذا المهرجان، وليس ذلك فقط بل تفرض شركة الإنتاج أيضاً منح الجوائز للفنانين والمشتغلين بمسلسلها وهذا ما يحدث حقيقة، ولكن على الضفة المقابلة تحرص هذه المهرجانات على تواجد بعض النجوم من الصف الأول لتكريمهم بشكل حقيقي كي لا يظهر المهرجان بأنه مهرجان علاقات عامة، علماً أن المكرمين بشكل حقيقي – يتابع الإعلامي الدرع – لا يتجاوزون الـ 10% فيما البقية هي جوائز مبيعة لفنانين من الصف الثالث أو الرابع أو من شركات الإنتاج نفسها، هذه المهرجانات هي شركات تنظيم معارض وتحتاج إلى العمل لذا تقوم بهذا النوع من المهرجانات، نستثني هنا المهرجانات الحكومية المدعومة من قبل الدولة حيث يكون شراء الجوائز فيها مستبعداً لأن هناك لجان تحكيم فعلية، وربما هناك عنصر العلاقات العامة يلعب دوراً من جهة تفضيل فنان على فنان آخر أو شركة إنتاج على أخرى إنما بالحد الأدنى!.
وأشار الدرع بأن هذه «مهرجانات العلاقات العامة» لا ترقى إلى المهرجانات العالمية لكون الشركات الراعية فيها لا علاقة لها بالفن والدراما أو السينما، بل الغاية وجود اسمها فقط، ولكن قد نشاهد أغلب الشركات الراعية بشكل مباشر أو غير مباشر هي شركات فنية كي تفوز أعمالها… وبالنهاية الموضوع كله قائم على “البروباغندا” الإعلامية، فقد نسمع أن هناك أعمالاً فازت بجوائز بناء على تصويت الجمهور لكن عن أي «تصويت» يتحدثون؟! إنما هي «أهليّة بمحليّة» بمعنى أن التصويت لا يتعدى حكام المهرجان ويمنحون الجائزة بناء على مقترحاتهم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار