كم تتضمن الحياة العادية من معاني الحكمة ؟! و كم يحتوي الكلام العادي الحياتي من إمكانات تعبيرية و ربما شعرية ؟! و كيف يمكن الوصول إلى الحكمة ؟! و ما السبيل إلى تظهير الشعرية المتضمنة في الكلام العادي الحياتي ؟! ربما تحمل بعض الأعمال الدرامية الروائية أو الدرامية بعض الإجابات عن هذه الأسئلة:
في المسلسل البريطاني «زمن» المنتج هذا العام و الذي يروي قصة دخول أستاذ لغة انكليزية «ماك» إلى السجن لتسببه بقتل شخص صدمه بسيارته التي كان يقودها و هو سكران.. في السجن و في محور درامي مواز يدخل على «ماك» في زنزانته سجين آخر« كيه» يخرج له ورقة رسم عليها قلباً بالأحمر يخترقه سهم «علامة الحب»، ولأن «كيه» عرف أن «ماك» أستاذ أدب و لغة فهو يطلب منه أن يكتب له تحت رسم القلب جملة تكمل رسالة الحب التي يود أن يرسلها لحبيبته .
يستجيب الأستاذ، يأخذ الورقة و يسأل الحبيب « كيه » ما اسم الحبيبة ؟ يجيبه السجين: اسمها« جين» فيبدأ «ماك» بكتابة جملة الرسالة: جين… ثم يعود ليسأل السجين: ماذا تريد أن تخبرها ؟ فيجيبه السجين: لا أعرف، أنا لا أجيد لعبة الكلمات فيلتقطها «ماك» و يخبر السجين هذه هي الجملة المطلوبة و يكتبها؛ « لا أجيد لعبة الكلمات»، و يقول «ماك»: نضيف لها (أحتاج كلمة واحدة: أحبك) … يذهل السجين بقوة الرسالة و بمهارة الأستاذ في تحويل كلامه العادي إلى رسالة حب شاعرية بإضافة بعض الكلام لها و يعدها خدمة عظيمة، يشكر «ماك» عليها بقوله: « أنا مدين لك بفضل كبير» …
و بالفعل مقابل هذا« الفضل» يقوم السجين « كيه» بحماية الأستاذ في السجن من شرور المجرمين و ينقذ حياته في أحد المرات و هذا يقدم درامياً قيمة اكتشاف شعرية الكلام العادي الحياتي و تحويل جملة عادية إلى رسالة حب رومانسية شعرية مؤثرة وبالفعل فإن الحياة تتضمن الكثير من معاني الحكمة و لكن بشكل مستتر، كذلك فإن الكلام العادي الحياتي الصادق يحمل إمكانات بلاغية و شاعرية مؤثرة فقط إن وجد من يكشف عنها أو يضعها في سياقها المضاء أو يضيف إليها ما يطلق إشعاعها المؤثر… و السّر في اختزان الحياة فيها..