أضحية على مذبح العمل
جاء الوقت لكي نضحي بـ(كبش الفداء) على مذبح العمل .. هذا (الكبش) الذي اعتدنا حمله بين أيدينا طوال عقود من الزمن وصرفنا المال والوقت والجهد على رعايته وخدمته من أجل إطالة عمره ليكون حاضراً في كل أزمة أو قضية نحتاجه فيها للتبرؤ من أسبابها وتبعاتها، و ليكون مطيةً لحمل فشلنا وتقصيرنا على المستوى الفردي والمجتمعي.
اليوم لم يعد هذا (الكبش) يلزمنا لأننا في مرحلة أقل ما يمكن وصفها بأنها مصيرية على الصعد كلها، فلا مكان فيها للتبرير وزرع الحجج وإلقاء اللوم على من هم في مناصب وظيفية أعلى أو أدنى؛ للتهرب من تبعات ما اقترفت يدانا من أخطاء وظيفية لا تحمد عقباها.. اليوم علينا جميعاً تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، وخوض غمار العمل والإنتاج بكل ما أوتينا من عزيمة وإرادة وأمل، للنهوض بمؤسساتنا نحو واقع أفضل؛ إدارياً وإنتاجياً وخدمياً وتسويقياً، رغم كل الظروف التي خلّفتها الحرب على سورية والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على جميع السوريين، فمن غير المقبول ولا المعقول أن نبقى في حالة انتظار.. انتظار توفر الأموال والإمكانات والأفكار والخطط والبرامج التنفيذية والتوجيهات الإدارية والكوادر الكفوءة وخطوط الإنتاج الحديثة والأسواق الخارجية… وغيرها من المطالب الكثيرة التي سمعناها تكراراً قبل الحرب على سورية كما نسمعها اليوم مع اختلاف جوهري هو أن الذي كان (ينق) قبل عشر سنوات كان منتجاً أو بالحد الأدنى مستمراً بالعمل أما اليوم فإن معظم “النقاقين” يقبعون في مكاتبهم على أرائك الانتظار لعلّ قادمات الأيام تأتي لهم بما يشتهون.
الزمن علّمنا أن المجتهد لا ينتظر الفرج من الآخرين ولا يتكل على مؤسسة أو فرد ليكون شريكه في النجاحات التي يخطط لتحقيقها، بل يبادر ويجرّب ويخسر ويفشل ويبدّل وفي نهاية المطاف ينجح .. والأسماء كثيرة ومستمرة في العمل والنجاح حتى اليوم؛ لا ينتظرون مديحاً ولا أضواء تسلط عليهم.. فقط يقولون (اتركونا ونحن بألف خير من الله).
هذه الأسماء؛ وإن كانت تعمل في الظل علينا الاقتداء بها وجعلها منارة للعمل الناجح، أفراداً ومؤسسات، لأن نجاح الفرد من نجاح المؤسسة ونجاح المؤسسات العامة والخاصة من نجاح البلاد؛ وتالياً تطورها وازدهارها في جميع المجالات؛ داخلياً وخارجياً.