فعاليات ثقافية منوعة ضمن مهرجان التراث الشعبي السابع في طرطوس

انطلقت في جزيرة أرواد فعاليات مهرجان التراث الشعبي السابع الذي تقيمه مديرية التراث في وزارة الثقافة بالتعاون مع مديرية الثقافة في طرطوس بعنوان «أرواد.. بحر التراث»، بحضور فعاليات رسمية وشعبية.
وشملت فعاليات اليوم الأول عدة جولات ميدانية لوزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح، كانت أولاها سوق المهن اليدوية الدائم في طرطوس، الذي أبصر النور منذ ثلاثة أشهر، ويضم 57 حرفياً وحرفية يقدمون أعمالاً وأشكالاً فنية متعددة تجسد تاريخنا وتراثنا، وتعرف الأجيال على أهم المقتنيات اليدوية التراثية، من خلال مشاهدة حية لكيفية تطبيق بعض الحرف مثل صناعة الفخار وصناعة صابون الغار، وأعمال الخيزران والقش وتقطير ماء الورد وأعمال خيوط الحرير، وكانت الجولة الثانية قد شملت ورش صناعة المراكب الخشبية وقوارب الصيد والسفن البحرية في أرواد، حيث التقت الوزيرة مشوح شيوخ الكار من الحرفيين الأرواديين الذين ما زالوا مستمرين بهذه الصناعة على طريقة أجدادنا الفينيقيين، كما تم افتتاح معرض للحرف اليدوية والمقتنيات التراثية البحرية في قلعة أرواد، ضمّ أعمالاً مشغولة بالأصداف البحرية ومحنطات بحرية، إضافة إلى مجسمات سفن وبدلة غطس مع عدة صيد يدوية وشباك للصيد.
وأكدت وزيرة الثقافة في كلمة لها أن أصالة التراث اللامادي لا تعني أن هذا التراث شيء جامد، بل هو نتاج تجارب متراكمة وثمرة مهارات يدوية ونتاجات شفهية عاشها الإنسان متفاعلاً فيها مع محيطه الاجتماعي والثقافي، إنه منظومة متكاملة شكلت طبيعة الحياة اليومية التي قامت عليها المجتمعات من عادات وتقاليد ومهارات متوارثة وأشكال التعبير الشفوي والمرويات الصوتية والموسيقية والأساطير والطقوس وفنون الطبخ، لافتة إلى أن جزيرة أرواد غنية جداً بهذا الموروث الثقافي، لا بل هي متفردة في تراثها بكل مكوناته.
وأضافت في تصريح للصحفيين: إن زيارتنا اليوم إلى جزيرة أرواد رسالة مهمة للغاية لأسباب لا تتعلق فقط بالتراث الشعبي وإنما بالتراث ككل وهذه الجزيرة لها تاريخ عريق جداً، تختزل الحضارة السورية، وتجسد تراثاً غنياً متنوعاً مادياً وغير مادي.. ونحن اليوم نحتفل بمهرجان التراث بأرواد. وأعني بالتراث المادي الأثري وما يختص من مهارات وحكايات وأساليب عيش وصناعة عريقة، وقد رأينا اليوم نماذج منها وهي صناعة القوارب ومن لا يعرف عليه بزيارة أرواد ليجد أعجوبة سفن ضخمة وسفن صيد تصنعها أيادٍ ماهرة للغاية توارثت هذه الحرفة التي لم تدخل الآلة فيها وعمل أهل أرواد على نقلها لأبنائهم والأجيال.. نحن في وزارة الثقافة – مديرية التراث اللامادي – سنعمل على رصد وحصر عناصر هذا التراث الغني وحمايته.
وبيّن مدير الثقافة في طرطوس كمال بدران خلال كلمة له، أن الأمة الحية هي الأمة التي تعتز بتراثها لأنه جزء أساسي من مكونات تاريخ وحضارة تلك الأمة، وهو الذي يوثق ويكشف عن عراقتها ويحافظ على الهوية التي تميزت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم، فكلما تقدمت الأمة – أيّ أمة – زاد اهتمامها بالتراث، فلا هوية للذات إلا بعد الاستناد إلى التراث عكس ما يراه البعض، الذين جردوا الماضي واعتبروه عبئاً على الحاضر وكابحاً للتقدم نحو مستقبل أفضل، بل إنهم صنعوا خصومة وجدلية مفتعلة لا أساس لها بين التراث والتحديث بدعوى أن الماضي يتعارض مع مظاهر العلمية التي يتسم بها العصر الحديث، لذلك حريُّ بنا أن نحافظ على تراثنا ونحميه من الزوال والاندثار، لأن زواله وفقدانه هو زوال للهوية وفقدان للذاكرة، لافتاً إلى أن سورية كانت دائماً مستهدفة لما تمتلكه من ماضٍ مجيد وثقافة عربية تعود إلى آلاف السنين، والأمة التي تمتلك هذا الإرث وهذا الماضي المجيد لا يخشى عليها لأنها ستستمر وستنتصر.
من جهته قال منذر رمضان المشرف على الحرف التراثية في طرطوس: تتضمن مشاركتنا معرضاً للحرف التراثية والتقليدية بمشاركة ما يقارب ٥٧ حرفياً وحرفية ضمن سوق المهن اليدوية الدائم الذي تم افتتاحه مؤخراً في (العبارة) المحاذية لحديقة الطلائع على الكورنيش البحري، ويتضمن المعرض مضافة شرقية لاستقبال الضيوف بالطريقة التقليدية وعدداً من المشغولات الحرفية الفنية التي صنعت بأنامل مبدعة، وهو معرض شامل لتراثنا وتاريخنا العريق، إضافة لمعرض آخر في قلعة أرواد يتضمن أعمالاً فنية بالصدف ومجسمات سفن ومراكب متنوعة ومحنطات من الأحياء البحرية ومعدات صيد السمك التقليدية من شباك وقفص وبدلة ومعدات صيد فردية.

وأضاف رمضان: رغم التنوع المهم لهذه المعروضات إلا أن الجولة التي تمت من خلال هذا المهرجان المميز على الورش الخاصة بصناعة المراكب واللقاء الذي تم مع شيوخ الكار تحمل أهمية بالغة لكون هذه الحرفة أصبحت مهددة بالاندثار بسبب قلة الصانعين للمراكب نتيجة عوامل متعددة، آملين الاهتمام من المعنيين بإحداث حاضنة لتعليم أجيال متعددة نضمن من خلالهم استمراريتها إلى المستقبل القريب والبعيد، ولا بد لنا من أن نذكر العالم أننا أحفاد الفينيقيين وورثتهم، وستبقى هذه الصناعة العريقة تجوب البحار متخطية كل العقبات حاملة راية الوطن. نحن نفتخر بإرثنا وحضارتنا ونجد أنه من الضروري استمرارية هذه المهرجانات الهادفة لما تحمله من غنى وتنوع للتراث الفني والتاريخي المادي واللامادي وتساهم في نقل حضارتنا لأجيال المستقبل مساهمة بنقل راية الأجداد لتعبد طريق المستقبل.
وكان لفرقة (أرادوس) للفنون الشعبية مشاركة حيث قدمت عملاً استعراضياً بعنوان (أوبريت البحارة) من كلمات وألحان الفنان نوار أحمد وتصميم الفنان ثابت عمران وتدريب الفنان محمود رسلان، وقدم الفنان أحمد عبد الحميد وفرقته الموسيقية (أيام زمان) وصلة غنائية تضمنت أغاني تراثية وطربية، واختتم اليوم الأول فعالياته بزيارة البرج الأيوبي في جزيرة أرواد، حيث تم تقديم مجموعة من الحلويات التراثية البحرية التي تختص بها جزيرة أرواد منذ القدم.
يشار إلى أن المهرجان يقام على مدى ثلاثة أيام ويتضمن عرض مادة فيلمية عن جزيرة أرواد، وندوة (حرفتي تراثي) بعنوان التراث البحري وإمكانات إسهامه في تعزيز الطلب السياحي يقدمها كل من الباحث محمد رئيف هيكل والمهندس مروان حسن ومنذر رمضان في صالة المركز الثقافي في طرطوس، ويختتم المهرجان فعالياته بظهرية تراثية بعنوان (بانوراما أغاني التراث السوري) في المركز الثقافي في طرطوس يحييها الفنان كمال حميد تتضمن أغاني من تراث جميع المحافظات ، وأمسية موسيقية تقدمها الفرقة الشرقية للمعهد العربي للموسيقا في طرطوس، بعدها سيتم تقديم شهادات للمشاركين في المهرجان.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار