برفقة الفنون التشكيلية.. الملتقى السوري للنصوص القصيرة يُقيم فعالياته العشرين
في كلّ مرة يحاول القائمون على ملتقى الأدب الوجيز أو النّصوص القصيرة أن يواكبوا كلّ جديد في هذا المجال، ويقدّموه للجمهور وفق الإمكانات المتاحة، وفي فعّاليته العشرين؛ التي أقيمت مؤخّراً في المركز الثّقافي العربي- «أبو رمانة»– دمشق؛ حرص المنّظمون على مرافقة لوحات لفنانين تشكيليين سوريين من مختلف الأجيال والتّجارب للنصوص المُشاركة، أعمال فنية لكلّ من: «بطرس المعري، محمد الرّكوعي، بديع جحجاح، خالد الحجار، أحمد معلا، رباب أحمد، سنا الأتاسي، وغيرهم الكثير»، وذلك عبر شاشة العرض التي كتبت عليها النّصوص كما الملتقيات السّابقة، يقول الزّميل علي الرّاعي مؤسس الملتقى منذ عشر سنوات: أيّها الأصدقاء كما عودناكم في فعاليات الملتقى؛ أن نحتفي بالمشهد التّشكيلي السّوري، وذلك بعرض لوحات ومنحوتات للفنانين السوريين من مختلف الاتجاهات الفنية، ومن مختلف الأجيال، اليوم أيضاً نحتفي بعشرات الأعمال للعديد من الفنانين السوريين.. بمعنى؛ دائماً ثمة معرض تشكيلي متنوع يُرافق هذه النصوص القصيرة، إضافة إلى احتفائنا بالموسيقا، وفي هذه الفعالية سيكون معكم الفنان والمؤلف الموسيقي والشاعر مروان دريباتي.
وكما في كلّ فعالية، لم تقف المسافات عائقاً أمام المشاركين القادمين من حمص وحماة وطرطوس واللاذقية، فالوفاء لهذا الملتقى ولأعضائه كان واضحاً من الفعاليات السّابقة، ولاسيّما في هذه الأخيرة التي أُهديت لروح أحد أعضاء الملتقى، الشّاعر الراحل عصام زودي.
أمّا النّصوص فتنوّعت بين القصة القصيرة جدّاً و«الهايكو» والومضة، والبداية مع «هايكو» من سيد محمد سيد كرم– العراق:
في غياهب البرونز
يلقي قصيدته
تمثالُ الشاعر
ومن نصوص شفيق درويش في الـ«هايكو»، نقرأ:
مدرسةٌ ريفيةٌ؛
إلى بابِ الصَّفِ
يصلُ الربيعُ.
ويوضّح درويش بعض سمات «الهايكو» وضروراته، يقول: بالنّسبة لـ«الهايكو» هناك نقص في المعرفة، لن أشرح عنه الكثير لكنّي سأوضّح لماذا تورد نصوص وأشكال مختلفة.. لدينا «الهايكو» وهو التّعامل مع الطبيعة بشكل مباشر، ولدينا «السيناريو»، وهي نصوص فكاهية أكثر، ولا تتعلّق بالطّبيعة بل بالحياة الإنسانية، ولدينا «التانغا هايكو» وفيه مقطع إضافي عن «الهايكو»، مبيناً: «الهايكو» يقرأ مرتين ومن دون توقّف أي لا كما نقرأ الشّعر، إلّا إذا كان هناك قطع مقصود، كما يقرأ دفعة واحدة من دون مشاعر ثم يعاد حتّى تتاح الفرصة للمستمع أن يدرك النّصّ جيّداً، وإلا بدا وكأنه لا شيء لأنّ نص «الهايكو» يظهر سخيفاً إن لم يفهم جيداً.. وبالانتقال إلى الومضة نختار من ومضات أريج سعود:
اللّيلُ الطَّويلُ؛
نِعْمةٌ
لِمَنْ يُتْقِنُ النَّومَ وَحيْداً.
ولغلبتها على «الهايكو والومضة»، نقدّم نماذج أكثر من القصة القصيرة جداً، فنختار من قصائد أحمد نصرة القصيرة:
كنّا ثلاثة نلعب
ظلّي، وأنا
كيف خدعنا النهار،
كيف افترضنا
أنا للعبة لا تحتمل
اثنين.
أيضاً من قصائد غادة فطوم القصيرة نختار:
يدها مغلولة
تنافس الوقت
أّي يصل قبل الآخر
جسدها…
أم تلويحة تائهة
ضاعت في زحمة
الانتظار
مواضيع كثيرة التقفتها القصة القصيرة من اجتماعية وحياتية ومعيشية، ومثلها تنوّعت ما بين الفرح والحزن والدّهشة، يقول غسان هندي تحت عنوان «تأبين»:
ارتفعَ صوت الفتى، وانعصر قلبه،
أمطرتِ السماء،
والمراكب الصغيرة فقدتِ الوعي،
مطلع الأنشودة: «حبيبتي التي لم تعد».
ومن قصائد منذر حسن القصيرة نقرأ أيضاً:
من أجلِ صورةٍ، لعاشقٍ عتيقٍ.
أتفقّدُ وجهي، كلّ صباح.
ألقي عليهِ التحيّة،
ونمضي..
إلى أقربِ زقاق.
أيضاً من قصائد طهران صارم القصيرة نختار:
أنا امرأة أرقص غريبة كالمطر في الشوارع..
كلما لاح لي قلب عاشق
ارتطمت بالأرض وصرت ماء.
وتحت عنوان «أخبار ثقافية» كتب عبد الوهاب محمد قصته القصيرة من وحي الوضع الثّقافي وأحواله، يقول:
ماتَ المذيعُ الّذي واظبَ على تقديمِ نشرةِ أخبارِ الثّقافةِ
على مدى عشرينَ عاماً وأكثرَ
وفي ورقةِ النّعوةِ كتبوا..
ماتَ بعدَ صراعٍ طويلٍ معَ مرضٍ عضالٍ.
بدوره، يقول الدّكتور محمد ياسين صبيح تحت عنوان «تعلّم»: غنّى العصفور طويلاً أمام نافذته، لم يستطع تقليده .. حاول رسم الصّوت.. لم يفلح .. تذكّر أنّه يتقن الرّقص فقط بعدما أتقن التّصفيق كثيراً..
بقي أن نُشير إلى أن عدد المشاركين في الفعاليات العشرين للملتقى السوري للنصوص القصيرة؛ قارب في هذه الدورة الأربعين مشاركاً، وقد أدار هذه الفعاليات التي استمرت على مدى يومين كلٌّ من: «سلام الفاضل، و ورد الرّاعي، وإشراف: الزميل مؤسس الملتقى علي الرّاعي»، فيما تجاوز عدد النصوص المقدمة من مختلف أنواع الأدب الوجيز، الألف نص، بين قصة قصيرة جداً، وقصائد قصيرة، وهايكو، وتانغا، وعرض ما يُقارب الأربعين لوحة تشكيلية ومنحوتة.
ت: عبدالرحمن صقرـ صالح علوان