الجالية السورية في ألمانيا تستنفر استعداداً للمشاركة بالانتخابات الرئاسية

فور إعلان مجلس الشعب السوري في النصف الثاني من الشهر الماضي موعد إجراء الانتخابات الرئاسية داخل الأراضي السورية وخارجها، تحوّلت الجالية السورية في ألمانيا – وهي الجالية الأكبر في أوروبا – إلى خلية نحل يتسابق أفرادها إلى خدمة الوطن الأم والتعبير عن محبتهم له، وقد يكون العنوان الرسمي للحدث هو (الانتخابات الرئاسية 2021)، لكن الأمر بالنسبة للمزاج الشعبي في أوساط الجالية في ألمانيا وغيرها يتعلّق بشيء إضافي يمكن أن نسميه (التصويت للوطن.. للنصر.. للحياة)، ولا عجب في ذلك بعد عشر سنوات حاولت فيها هجمةٌ غادرة، شارك فيها «الشقيق» والغريب، بكل الوسائل إلغاءَ هذا الوطن وتقطيعَ أوصاله، لكن الحرب على سورية فشلت بالتفاف الشعب حول جيشه وقيادته وبوقوف الإخوة الحقيقيين والحلفاء الأوفياء مع دمشق، قلب العروبة النابض، وأضحت في قلب كل من يسري في شرايينه دم الحرية والسيادة والاستقلال، وكل من قال وسيقول (لا) لقوى الامبريالية الجديدة والاستكبار العالمي.
هذا ما بدأ به كلامه الكاتب والمحلل السياسي أكثم سليمان المقيم في ألمانيا، الذي أكد أن السفارة السورية في برلين تستنفر كل طاقاتها لتأمين عملية انتخابية سلسة في مكان لا يتمتع بعلاقات طيبة مع الوطن الأم، بل كان جزءاً من “التحالف الغربي” الذي اعتدى على سورية ولا يزال، وتتواصل السفارة مع أبناء الجالية ويتواصلون معها مستفسرين عن تفاصيل صغيرة وكبيرة تعكس اللهفة أكثر مما تعكس علامات الاستفهام: هل يمكنني أن أصوّت بهويتي السورية أم إن الأمر يتطلب جواز سفر ساري المفعول كما جاء في التعاميم الرسمية؟ هل يمكن تغيير الموعد إلى يوم عطلة بدلاً من العشرين من أيار الذي يصادف يوم خميس؟ هل يمكنني أن أصوّت بالوكالة، إذا تعذّر القدوم في بلد تبعد بعض مدنه عن العاصمة الألمانية أكثر من ثماني ساعات بالقطار، ويعيش ما يشبه حالة طوارئ على خلفية جائحة كورونا؟ وبين هذا وذاك من الأسئلة يتكرّر سؤال بذاته: ما الذي أستطيع كفرد تقديمه لدعم العملية الانتخابية؟
واقترح ميسورون تأمين حافلات لجمهور الناخبين القادمين من كل أنحاء ألمانيا، أو تأمين حاجات الناخبين الذين قد تطول ساعات انتظارهم خارج السفارة قبل الإدلاء بصوتهم في ظل قوانين التباعد الاجتماعي ومنع التجمعات، ويضع متخصصون في المجالات المختلفة على رأسها الإعلام خبراتهم التقنية في خدمة تسهيل سير العملية الانتخابية وعكس صورتها المشرقة في بلد ستتجه إليه الأنظار والكاميرات مع وجود جالية بات يقارب عدد أفرادها مليون نسمة.
وأضاف سليمان: إن الجالية السورية في ألمانيا تتذكر كيف منعت برلين إجراء الانتخابات الرئاسية السورية فوق الأراضي الألمانية عام 2014، وكيف أثار ذاك القرار المتعسّف والمتعارض مع كل قوانين وأعراف الدبلوماسية غضبَ السوريين في ألمانيا الذين ردّوا يومها بتظاهرة احتجاجية وبتنظيم انتخابات رمزية أمام سفارة بلادهم لتأكيد حقهم في ممارسة حياتهم السياسية من دون تدخلات خارجية. وليس سرّاً أن المخاوف استيقظت مجدداً هذا العام من أن تقوم ألمانيا بالأمر نفسه، إلا أنّ تغيّر الوضع الدولي والعربي وقبله الواقع الميداني بين عامي 2014 و2021 جعل منعَ إجراء الانتخابات أمراً صعباً بالنسبة لأي جهة خارجية، وجاءت التصريحات الألمانية والغربية التي تابعها مغتربون سوريون في الخارج بدقة في الأسابيع الماضية لتكشف أنه لم يعد في جعبة الغربيين غير سهام مكسورة عنوانها انتقادُ الانتخابات الرئاسية السورية علناً وابتلاعُ مرارتها العالقة في حلوقهم سرّاً، بانتظار مرحلة ما بعد الانتخابات، وبانتظار تبلور إخراجٍ ما ينزلهم عن الشجرة. لكن، وهذا ما يشي به لسان حال كل من ناصب سورية وانتخاباتها العداء، ما دامت الانتخابات في حدّ ذاتها يصعب وقفها، فلا بأس من التشويش عليها وإخافة المغتربين من المشاركة فيها وإظهارها بمظهر هزيل للتخفيف من شأنها وتفريغها من معناها، وبدأت أبواق ما يُسمّى «إعلام المعارضة» – على مدى الأسابيع الماضية – ببث شائعة موحدة ومركزة مفادها أن الجهات الألمانية ستسحب إقامات السوريين الذين سيشاركون في انتخابات بلادهم، وجاء جواب الجالية السورية سريعاً، فقرّرت تنظيم وقفة تضامنية أمام مبنى سفارتها في يوم الانتخابات للدفاع عن حق السوريين في صنع مستقبلهم، وللمطالبة بإنهاء العقوبات القسرية الأحادية المفروضة على بلادهم وبانسحاب المحتلين ودعم إعادة الإعمار.
يذكر أن أكثم سليمان مؤلف كتاب (أطول حروب الشرق – من حرب الخليج الثانية إلى الحرب العالمية الثالثة).

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار