في يومه العالمي.. تساؤلات عن واقع ومستقبل المسرح السوري
إيماناً بأهمية المسرح الثقافية والحضارية، واحتفاءاً بيوم المسرح العالمي، أقيمت ندوة يوم أمس على خشبة مسرح القباني في دمشق حملت عنوان «واقع ومستقبل المسرح السوري». وشارك في الندوة التي أدارها الإعلامي نضال قوشحة، كلٌّ من: سهير برهوم مديرة المسرح القومي، د. تامر العربيد، الكاتب جوان جان رئيس تحرير مجلة «الحياة المسرحية»، والكاتب سامر محمد اسماعيل، وتمحورت الندوة حول واقع وآفاق المسرح في سورية.
محكومون بالأمل
البداية كانت مع مديرة المسرح القومي سهير برهوم التي ارتأت ضرورة وجود فرجة مسرحية لكون المسرح أساس أي نشاط اجتماعي مستمر، وإن إعادة المزاج المسرحي للجمهور ضمن ظرف الضغط الاقتصادي الذي نعيشه مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة، وأشارت إلى أن مهمة المسرح الإضاءة على حاجات الناس، فلا نستطيع المطالبة بجمهور لا يملك طاقة لسد حاجاته، ولكن حب المسرح يجعلنا مصرين على متابعة الرسالة لأننا محكومون بالأمل.
إعلام بخدمة المسرح
فيما انتقل د. تامر العربيد للحديث عن فكرة مجيء المسرح إلى الجمهور، وقد سبق أن قدم تجربة رائدة في تعامله مع الإعلام عبر برنامجه الذي قدمه بمضمون مختلف، واستطاع من خلاله توظيف الإعلام بخدمة المسرح، وقال نحن بحاجة إلى إنعاش الذاكرة فيما يخص مؤسسي ورواد المسرح السوري، كما أشار إلى أننا كمسرحيين يعنينا أن ننتج مسرحاً يحاكي هموم الناس، ومن هنا كان المسرح السوري صاحب قضية، ولم يكن مسرحاً تزيينياً، بل كان مشروعاً سياسياً واقتصادياً وفنياً واجتماعياً، ومن هنا نرى كيف وصل المسرح إلى الجمهور في الوقت الذي كان الجمهور يأتي إلى المسرح من دون الإعلام، وأضاف: لم يكن مشروعي تقديم تجارب تلفزيونية، بل الإضاءة على تجارب مسرحية، وأمر مهم أن نستثمر التلفزيون للحديث عن العروض المسرحية، وبقينا ضمن إمكانية أن نبذل جهداً أكبر للوصول إلى الناس عبر حالة الإقناع، وأعتقد أنه من الضروري استثمار وسائل الإتصال للترويج للمسرح والتسويق له كمنتج ثقافي، فالناس مأخوذة بهذا المجال واليوم المساحة للترويج وأعتقد أننا بحاجة إلى هذا الشيء في ظل التطور والتقدم التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الحديثة.
مطب النص العالمي
وبخصوص جدلية النص المحلي أو النص العالمي المترجم، لفت الكاتب جوان جان إلى أنه من خلال تجربته بالبحث المسرحي قدم المسرح قضايا مهمة، ففن المسرح يجمع أكبر عدد من الجمهور ضمن قاعة صغيرة يوحد أفكارهم ورؤاهم، وهناك تجربة لأبي خليل القباني استفاد من 2% من الأعمال المترجمة، فقد لجأ القباني إلى المسرح العالمي، ومن خلال ما توفر، وقام بتحويلها إلى البيئة الشامية بما يتناسب مع جمهور عصره وأدرك أن الناس لا يتقبلون هذا الفن الجديد، إذا لم يكن قريباً من أنماط شخصياتهم، واستمر هذا الفن وتطور بمرور الوقت، وأضاف: إنه بعد تأسيس المسرح القومي بات موضوع الاقتباس مشروعاً، وقدمت العديد من التجارب الناجحة ولكن هناك مطبات وقعت فيها هذه الأعمال وهي تبديل الأسماء الى العربية مع الاحتفاظ مع البيئة الأصلية للنص وهو ما خلق حالة من التناقض بين الشكل الفني والمضمون المسرحي.
الحاضن المالي
وشددّ الكاتب سامر محمد اسماعيل على ضرورة الاستفادة من الحاضن المالي أو التمويل، وإلى أي درجة يمكن الاتكاء عليها في إنتاج أفكار مسرحية ، باعتبار أن هذا الدور تقوم به المديرية لأنها جهة الإنتاج الوحيدة في سورية، لأن هناك المال الجاهل الذي لا يدرك قيمة المسرح كمنبر تنويري ثقافي وحضاري، وإذا تخلت الدولة عن المسرح فلا يوجد مسرح، وانتقل بحديثه عن خصوصية التجربة التونسية لكونها أهم تجربة عربية، فهناك ضريبة تقتطع مقابل دعم الأنشطة الثقافية، وهذا في سورية غير موجود، وإذا تمّ تأمين أي دعم فلا قانون يسمح في هذا المجال، و أكد أن دمشق تستحق أكثر من مسرحين تحت الأرض، فدار الأوبرا بدُورها الثلاث كانت قليلة العروض، وأشار اسماعيل إلى أن هناك مسارح بحاجة إلى تأهيل، فبعضها حُوِّل إلى قاعات ثقافية وبعضها الآخر في غياهب النسيان، وأضاف أنه رغم صيحة الفزع التي أطلقها المسرحيون على أزمة المسرح خلال فترة الحرب على سورية، فإنّ نسبة عروض المسرح قد زادت، وكان هناك إقبال من الناس عليها، وأنه رغم كل العقبات بقي عشاق المسرح يعملون وظلوا مؤمنين أنهم سيقدمون شيئاً، وأن الأمل موجود بالارتقاء بواقع المسرح عبر إعادة ظاهرة الفرق المسرحية المستقلة التي إذا موّلت من جهات موجودة من الدولة فسيكون لها شأنها في المستقبل على المستوى الثقافي والإبداعي .
تسويق المنتج الثقافي
ونختم مع مدير المسارح والموسيقا عماد جلول الذي قدّم مداخلة عن هموم الإدارة وأهمية موضوع التسويق لأي منتج لكون الثقافة تقدم منتجاً هو سلعة، وأضاف أن أهم عناصر التسويق الثقافي الداخلي والدعاية والإعلان يجب أن تنبع من المسرحيين أنفسهم، فالجمهور زاد في الأزمة، وعندما نقدم عملاً جيداً يحكي عنه الجمهور فهذا جزء من التسويق، وأضاف: لا ضرر من الاعتماد على ممثلين محبوبين من قبل الجمهور إذا كان الأمر يحقق فرجة مسرحية.
تصوير: يوسف بدوي