مسرح قومي في حمص وحماة.. جلول لـ«تشرين»: لا يصحّ أن نكون الجهة الوحيدة المُنتجة للمسرح

مواجهة التحديات والصعوبات والحفاظ على عروض مسرحية ونشاطات فنية منوعة وجادة؛ هي الخطة العامة التي تصّدت لها مديرية المسارح والموسيقا، ومحاولة إبقاء شعلة «أبو الفنون» مضيئة رغم الضغوط الاقتصادية وسنوات الحرب على سورية، وكان الهاجس الذي سعت المديرية إلى المحافظة عليه ممثلة بمديرها عماد جلول الذي يقوم بجهود لافتة لتحويل المديرية إلى مديرية عامة.. تساؤلات كثيرة طرحتها «تشرين» عليه وكان لنا هذا الحوار:
خطة عامٍ مضى
* سأبدأ بالخريطة الدرامية للعام الماضي ما نُفذ منها وما أُجل، خاصة بعد توقف شهرين بسبب جائحة كورونا؟
صحيح أننا توقفنا مدة شهرين، لكن لم يتم إلغاء أي عمل، بل تمّ تنفيذ الخطة الخاصة بمديرية المسارح والموسيقا لعام 2020 كاملة، وأضفنا إليها بعض الفعاليات الفنية، التي لا تحتاج إلى تحضير بروفات طويلة، مثل الأعمال المسرحية كفرق الفنون الشعبية والحفلات الموسيقية، أما عن موضوع التباعد المكاني فقد حاولنا المحافظة عليه ضمن الظرف العام من خلال الاحتياطات التي تم اتخاذها بدءاً من بوابة التعقيم، وربط الكراسي حسب المسافة الآمنة صحياً، وهو أمر استطعنا تحقيقه مقارنة بنقص الكوادر الإدارية في المسارح، فمسرح الحمراء بكل كوادره البشرية عدد موظفيه لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ومنهم من أُحيل الى التقاعد، وحالياً نحن بانتظار البدائل.
* معيار نجاح العمل المسرحي مَن يحدده المديرية أم الجمهور أم النقاد.. من برأيك؟
ليست المديرية من يحدد معيار نجاح العمل المسرحي، فنحن نقدم بالجهد نفسه والدعم اللوجيستي نفسه من مسرح وإضاءة وصوت وتقنيات كل ما يطلبه المخرج، سواء أكان مخرجاً مخضرماً له باع طويل بالإخراج المسرحي أم مخرجاً شاباً، ونحن كمديرية نقوم بواجبنا تجاه الأعمال المسرحية، أما إذا كان التقييم جماهيرياً فأعتقد أنه حضور ممتاز في العروض المسرحية كافة.. ومن المؤكد أن تتفاوت الذائقة الفنية ودرجة الأعمال الفنية بجودتها، وهي ذائقة متعددة الجوانب، وتتعلق بذائقة الجمهور، وهو الحَكم في النهاية.
دور المسرح
* خلال هذه الأزمة لم تتوقف المديرية عن العمل رغم الأعباء الضخمة؟
هناك عبء على المديرية لكوننا لا نملك سوى مسرحي الحمراء والقباني في مدينة كالعاصمة دمشق، والضغوط جميعها تكون على هذين المسرحين، إضافة إلى العروض التي نستضيفها، ولكن نتيجة ارتباط الفنانين بأعمال درامية أو سينمائية تكون أوقات فراغهم متزامنة مع بعضهم بعضاً، فيكون الضغط مزدوجاً، قد تكون هناك مشكلة بالبرمجة، ولكن نستطيع تداركها نتيجة تعاون المخرجين مع بعضهم بعضاً.
* القوانين الناظمة التي تعمل بها المديرية لا تتناسب مع الزمن الحالي، لماذا لا يتم تعديل هذه القوانين بما يتناسب مع الوضع الحالي؟
* * الحقيقة أننا لم نطور القوانين، وهي منذ ستينيات القرن الماضي، وما يتناسب مع 1960 لم يعد يتناسب مع القرن الحالي ولا بأي شكلٍ من الأشكال، ونحتاج إلى تطوير القوانين، ونحن الآن بصدد مشروع تمّ الإعداد له، وهو مشروع تطوير عمل مديرية المسارح والموسيقا إلى مديرية عامة للمسارح والموسيقا.. نستطيع أن نقول عبره الآن إننا طورنا القانون والعمل الإداري والهيكيلية الناظمة للعمل والإنتاج المسرحي بحيث يأخذ كلٌّ حقه، بدءاً من مسرح الطفل ومسارح المحافظات، وهذا الشق له علاقة بتطوير القوانين، علماً أن هذه المديرية تم استحداثها عام 1960 وهي مديرية مركزية صغيرة تحملت عبء تقديم وإنتاج المسرح السوري في سورية، وللأسف لا يصح أن نكون الجهة الوحيدة المُنتجة في سورية، وأتمنى أن يكون المسرح الخاص، والمسرح الشبيبي، والمسرح الجامعي، ومسرح العمال، وكذلك المسرح العسكري؛ كلها موجودة كي تكون منافسة لنا.
عملية تكاملية
* محاولة استقطاب رواد المسرح وبعض الأسماء الكبيرة، هل هي جهد منكم، أم تطوع منهم، أو يمكن القول إنها عملية تكاملية؟
أعتقد أن من يعمل في المسرح هم من يحبّون المسرح، فهم يعملون بأجور زهيدة جداً، وهم من يُطوع وقته بشكلٍ كبير للقيام بالبروفات والعروض، وبأجور لا تتناسب مع جهودهم، فالشكر لهم وليس لنا..
وبالمناسبة هي ليست محاولة استقطاب، بل هي محاولة عملية تكاملية ترسخت في السنوات الأخيرة مع الفنان أيمن زيدان والفنان غسان مسعود والمخرج مأمون الخطيب، ونحن الآن بصدد اتفاقية مع الفنان فايز قزق، وسيكون موجوداً هذا العام، ونحن ندعوهم بكل تمنٍّ ومحبة ورجاء والشكر لهم، لأنهم يطوعون ظروفهم ووقتهم من أجل تقديم عمل مسرحي، وأعتقد أن متعة النجاح في تقديم عرض مسرحي لا توازيها متعة، فهم يشعرون بهذه المتعة أمام الجمهور الكبير الذي يلاقونه، وهو يشجعهم عاماً بعد عام ليكونوا موجودين، والفنان غسان مسعود قدم عملين على مدى سنتين، والآن يحضّر لعمل، وكذلك الفنان أيمن زيدان سنوياً يقدم عملاً، ويكون في دمشق ومعظم المحافظات ، وبكل صدق ومحبة المديرية أبوابها مفتوحة للجميع، إضافة إلى أننا أخذنا على عاتقنا موضوع المسرح الشبابي والتجارب التي تقدم لأول مرة لكونه لا توجد مؤسسة ثانية ترعاهم، لذا تصدينا لهذه المهمة بدمشق ومعظم المحافظات، ونما هذا المشروع، حيث كنا نقدم عرضاً واحداً والآن عدد العروض بازدياد.
متفائلون بالقادم
* في الأزمات يتطور المسرح، هل سنشاهد مسرحاً سورياً متطوراً برأيك؟
من المعروف أن الأزمة تولّد أزمات، وفي السنوات التي مررنا بها استمررنا بمحبة الجمهور ووفائه للمسرح، وقد أتوا في ظل ظروف صعبة، وبعد الأزمات تحدث نهضة، ويكون لدى المخرجين والكتّاب وعي كبير لهذه الأزمة وأسبابها ونتائجها، وكيف من الممكن تداركها، وهي تولد تحريضاً ذهنياً للكتابة المسرحية والدرامية، ونحن متفائلون بالقادم والوصول لهذه النهضة، وقدمنا في حلب ودير الزور عروضاً مسرحية بحضور منقطع النظير.
* ما تخبئونه للمرحلة القادمة؟
** هناك اتفاق حول استضافة بعض العروض العربية في دمشق، ولكنها تأخرت بسبب مرض كورونا، وبعض الدول أبدت الرغبة كاملة بتقديم عروضها في سورية لما للمسرح السوري من خصوصية على المستوى العربي، وكان مهرجان دمشق المسرحي يشبه سوق عكاظ بتنوعه، كما أن مديري العروض المسرحية في الدول العربية يختارون ما يناسبهم من العروض، وهناك شيء أو (خبر) أودُّ أن أخص به صحيفة «تشرين»؛ فقد تم إحداث مسرح قومي في حمص وحماة، ومؤخراً تم ترميم مسرح دار الكتب الوطنية في حلب، الذي احتاج إلى فترة طويلة من الترميم، وتمّ افتتاحه بحضور رسمي، وهو من المسارح المهمة في سورية.

تصوير: يوسف بدوي

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار