«دفا».. دعوة إلى الحب والتآلف
عبر أروقة صحيفة تشرين تنقّلت كاميرا المخرج سامي الجنادي لتصوير المسلسل الاجتماعي «دفا», تأليف بسام مخلوف, وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الدرامي والإذاعي، ومن بطولة كلٍّ من: محمد حداقي، نادين خوري، أيمن عبد السلام، باسل حيدر، حسين عباس، محمود خليلي، عامر علي، يحيى بيازي، حازم زيدان، لينا حوارنة، روعة السعدي .. وغيرهم.
العمل دراما اجتماعية معاصرة، تتركز حول مجموعة شباب يعملون في كافتريا في حديقة عامة، ويتطّرق عبر خطوطه إلى علاقات الناس وصراعاتهم، إضافة إلى قصص حبّ تتقاطع تفاصيلها مع أحداث المسلسل.
الكاتب بسام مخلوف أكدّ في تصريح خاص لـ«تشرين» بأن الحبّ من أجمل الأشياء التي خلقها الله في الإنسان، والذي يعني التضحية، الإبداع، المشاعر الصادقة، مشدداً على فكرة الابتعاد عن حبّ الذات لينصهر بروح الجماعة، وبالحبّ يصنع الإنسان المعجزات، وعبره ينتصر على كل شيء في هذا الكون. وهو أحد العناصر الأساسية بمسلسل «دفا»، وبسببه اجتمع أبطال العمل الذين صنعوا انتصارات كانت مستحيلة بالنسبة لغيرهم، فهو خشبة الخلاص للجميع. صحيح أنّ الحرب على سورية لعبت دوراً سلبياً في حياتنا، لكن الإيمان بالحبّ سيكون الأقدر على إحياء مادمرته هذه الحرب في نفوسنا، وفي ظلّ الظرف الراهن؛ نحن أحوج ما نكون إلى تقديم أعمال كهذه، لذا كفانا خيالاً وعنتريات وخيانات وغدراً في الدراما، فالظرف الذي نعيشه يحتاج – بصورة أشبه بالإسعافية – إلى تغيير النمط السائد في أعمالنا الدرامية البيئية وغيرها.
من جهته لفت المخرج سامي الجنادي إلى أنه بالظرف الراهن نحن بحاجة إلى الدفء بالعلاقات, وإلى جرعة من الحبّ، لذا يجب التركيز عليه كمنظومة وكقيمة أساسية لكونه يحوي منظومات أخرى، أحدها منظومة الخير خاصة أنّ بنية المجتمعات الاستهلاكية أفقدتها بعضاً من منظومتها الأخلاقية، وتالياً جعلت الإنسان يخسر كل بنية العلاقات الإنسانية والاجتماعية مع غياب المنظومة الأخلاقية، لذا أؤكد على فكرة أنه عندما يتواجد الحب تتواجد قيم أخرى.
ولفت الفنان باسل حيدر إلى أنّ العمل؛ هو دعوة للحبّ والتآلف، كي نكون أقرب إلى بعض, ويجب أن تكون هناك وسيلة ومواد تعّرف الحبّ من جديد, والذي يبدو أننّا فقدنا بعضاً من مقوماته، ولا بأس أن تكون هناك أعمال درامية تبعث وتحرّض على هذا الحبّ، وحول الشخصية التي يؤديها قال حيدر: عندما قرأت النص للوهلة الأولى أغرتني تفاصيله, وطريقة إخراج سامي جنادي أعرفها، فأصبح لدي عاملان مغريان هما النص والمخرج إضافة إلى أنّ الشخصية التي ألعبها هي شخصية سلطوية، وهي المحرك الأساس لأغلبية شخصيات العمل، وشخصية سعد محور الشّر فيه؛ شخصية لا تعرف الحبّ، لأنه بتصوري آخر ما يفكر فيه هو الحبّ والمرأة بالنسبة له هي سلعة, ولا يحاول أن تكون علاقته فيها أكثر من ذلك، فهو حب تملّك للمرأة وليس حبّاً كعلاقة إنسانية، ونتيجة هذه السلوكيات السيئة يلقى سعد نهاية وخيمة.
وشدّد الفنان عامر علي على فكرة الحبّ وأضاف: المهم بالنسبة للناس في هذه المرحلة, هو وجود جرعة مؤثرة من الحبّ تساعد في معالجة الروح المكسورة بعد سنوات الحرب على سورية، ومن الضروري أن تكون هناك في الدراما أعمال تدعو إلى الحبّ والتآلف الروحي، وأقصد الحبّ بكلّ أشكاله وزواياه، خاصة بعد ماعاناه الشعب السوري في سنوات الحرب عليه من انكسارات، ومايملأ هذا الفراغ، ويدفعه إلى الحياة وحدها طاقة الحب، ووظيفة الدراما حالياً هي أن تعود بقصص وحكايا وحبكات حقيقية وصادقة كي تؤثر بالناس، وربما لا نجدها في الحياة، ولكن قد نجدها داخل أرواحنا عبر قصة ما، لذلك يلجأ الناس إلى الأعمال التي تحاكي الحب، فهم بحاجة للهروب من همومه عبر فسحة صغيرة من الحب والحياة.
ونوّه علي بأن شخصيته لا تحمل هذا الحبّ، ولها خط منفصل عنه، لها علاقة بالانتهازية والمصالح الشخصية وهي شخصية بعيدة عني، فشخصية نوار لا تشبهني, ولكن فيها شيء جديد بالنسبة لي، وأردت أن أجرّب هذا النمط من الشخصيات، فالحبّ الأساسي لديه لمصلحته ولذاته حتى لو كان ذلك على حساب من حوله، وحتى نستطيع أن نظهر الحب بالعمل يجب أن يكون هناك تضاد في الشخصيات كي تظهر، ومن ثمّ النبش عن المختلف في دواخل كل شخصية، والبحث عن أحداث وتفاصيل مختلفة، فلا يوجد شر مطلق لأي شخص، صحيح أن هذا النوع من الشخصيات يحقق حضوراً أكثر من الشخصيات الخيّرة، ولكن الفكرة هي محاولة أنسنة الشخصية وتحويلها إلى كائن من لحم ودم ومشاعر وأحاسيس, والبحث عن المسببات التي دفعت كل شخصية إلى سلوك طريق الشرّ، ويكون لها مبرر درامي عبر سياق الأحداث.
تصوير: طارق الحسنية