ما هكذا تورد الإبل ..!

مما لا شك فيه أن القطاع العام على اختلافه وتنوعه, بحاجة إلى المزيد من التطوير والتحديث نتيجة حالة الترهل التي يعيشها لأسباب تعود لما قبل سنوات الأزمة, وكثير منها للنتائج السلبية التي فرضتها سنوات الحرب ومفاعيل الحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة على بلدنا, الأمر الذي فرض حالة من التراجع الإداري والإنتاجي على القطاعات.
لكن على ما يبدو إن الجانب الإداري احتل الاهتمام الأكبر بقضايا التطوير, على اعتبار أن أي نجاح تحققه القطاعات الأخرى يعود في الدرجة الأولى لسلامة الإدارة.
وبرنامج التطوير الإداري الذي تقوده اليوم وزارة التنمية الإدارية يصب في أغلبيته باتجاه تطوير الإدارة في القطاع العام , مستندين إلى قواعد ومسلمات عدم جدوى الأداء الإداري خلال السنوات الماضية وقيادة العملية الإنتاجية والخدمية بالصورة الصحيحة رغم كل النجاحات التي سجلتها في القطاعات المذكورة, وهذا خلل في النظرة التطويرية لأن كل مفردات الماضي تؤكد سلامة الإدارة إلى حد بعيد في إدارة الموارد البشرية والمادية وغيرها, من دون أن نتجاهل حاجتها للتطوير والتحديث, وفق برامج تتناسب مع حجم الإمكانات والظروف, لا أن تتفوق فيها جوانب معينة على أخرى, كما هو الحال في وزارة الصناعة التي اعتمدت قرار التأهيل بموجب مقتضيات وزارة التنمية الإدارية ورؤيتها, وليس وفق إمكانات الصناعة التطويرية, الأمر الذي يؤدي إلى خلل كبير في العملية الإنتاجية وريعيتها..!
بدليل أن الوزارة طلبت من الشركات الإنتاجية إعداد مشاريع قرارات لإحداث (مديرية التنمية الإدارية) فيها تشمل 77 وظيفة, منها 55 فئة أولى والبقية من الفئات الأخرى..!
لكن بحساب بسيط لإحدى الشركات الصناعية عدد عمالها 220 من مختلف الفئات, بالتشكيل الجديد فهي بحاجة الى 77 موظفاً للجانب الإداري, وللتجاري بحاجة إلى عشرة, وللمالية إلى مثل الرقم والقطاع الخدمي من حراسة وتنظيف ومستودعات وغيرها بحاجة إلى الرقم نفسه, فكم يبقى من حجم العمالة المذكورة لخطوط الإنتاج؟!
ومن دون أن ننسى ما يترتب على الهيكلية الجديدة من مكاتب إدارية وعدد الطاولات 142 طاولة وكرسياً و28 مكتباً لو اعتبرنا الأخير يتسع لخمسة أشخاص.
وهذا لا يتوافر في أي شركة حالياً, وبالتالي هذا الأمر لا يمكن إسقاطه على أرض الواقع لأن كل ذلك على حساب العملية الإنتاجية, وزيادة واضحة في العمالة الإدارية على حسابها, وهذا بخلاف كل مقومات الإدارة والإنتاج , وهنا لا يسعنا إلا أن نقول: ما هكذا تورد الإبل يا تنمية؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار