بدأ العالم يتنفس الصعداء مع المباشرة بعمليات التلقيح ضد فيروس كورونا، خاصة أن الجائحة قد حصدت ما يزيد على مليون ونصف مليون شخص خلال أشهر قليلة وتهدد ملايين البشر في مختلف أنحاء العالم.
إن النجاح في التوصل إلى لقاح آمن في روسيا وأمريكا وافتتاح العديد من المصانع لهذا الغرض في دول أخرى غير كاف رغم أهميته، والأهم من ذلك أن تتوافر الإرادة السياسية للتعاون بين الدول العظمى والغنية كي يصل اللقاح إلى كل محتاجيه بطرق آمنة وسريعة وكافية، وأن يتم تقديم المساعدات المادية والطبية واللوجيستية للدول التي مازالت تعاني من تبعات النهب الاستعماري وويلات الحروب والعقوبات الاقتصادية الجائرة وغير القانونية التي فرضتها وتفرضها أمريكا والاتحاد الأوروبي.
إن العولمة التي فرضت نفسها على العالم وحرية انتقال السلع ورؤوس الأموال والأفكار والأشخاص والاستثمارات حولت الدنيا إلى قرية صغيرة كما يقولون، وبالتالي فإن تحصين المواطنين ضد الوباء في دولة أو عشر أو عشرين دولة لا يعني إحراز أي تقدم على صعيد مكافحة الوباء أو أي مشكلات أخرى صحية أو مناخية أو حتى سياسية، وهذا ما لم تفهمه إدارة دونالد ترامب التي انسحبت من منظمة الصحة العالمية ومن اتفاق باريس للمناخ ومن الاتفاق النووي الإيراني وخالفت معظم قرارات الشرعية الدولية، وهي تعلم علم اليقين أن ذلك لا يخدم أحداً لا في أمريكا ولا في غيرها، بدليل أن ضحايا كورونا وعدد المصابين هو الأكبر في أمريكا التي خسرت أكثر من ربع مليون إنسان نتيجة استهتارها بكل قضايا البشر وحتى في الجانب الاقتصادي والسياسي.
لهذا كله يبدو السؤال مطروحاً من جديد.. هل ستقلع الإدارة الأمريكية الجديدة عن سياسات الإدارات السابقة وتضع بداية لواقع جديد على صعيد مكافحة كورونا وبما ينعكس على مجالات السياسة الخارجية والاقتصاد، والتعامل مع قرارات مجلس الأمن بإيجابية أم إنها ستبقى دافنة رأسها في الرمال كالنعامة؟