رقابة وقائية لا تصيّد..!

ما نكتبه اليوم يأتي ضمن سلسلة من الكتابات التي تناولت في مجملها، معاناة القطاع العام الصناعي، ومشكلاته القانونية والتنظيمية، والتي تحرمه حرية الحركة، وتفقده عناصر المرونة في الكثير من مفاصل العمل، ولاسيما لجهة التعامل باتجاه السوق ومقومات المنافسة لديها، والمشكلة الجوهرية أن مضمون هذه المشكلات لم يتغير منذ عقود، وإن حصل من تغيير فهو في القشور، من دون معالجة المضمون، لهذا السبب بقيت حجر عثرة حتى تاريخه، رغم ما لمسناه خلال السنوات الأخيرة من بعض النجاحات، برغم ظروف الأزمة والحصار والعقوبات الجائرة، إلا أنه ثمة نجاح يعود لجهود فردية في بعض القطاعات الصناعية، لكن ذلك على المستوى الكلي بحاجة إلى نجاحات أخرى، تمكن أهل القطاع الصناعي العام من تحقيق قفزات نوعية على صعيد العملية الإنتاجية والتسويقية، وقبلهما التنظيمية باعتبارها المؤسس لأي نجاح، وهذه مسألة لا يمكن التغاضي عنها في ظل أي عملية تطوير، أو تحسين للواقع الصناعي..
وللوصول إلى صناعة عامة متطورة قادرة على محاكاة كل جديد، لابد من تطبيق سلة من الإجراءات في مقدمتها: تشكيل مجالس إدارة مختصة في كل شركة مهمتها البحث في مقومات النجاح وتحقيق الربحية، وتعزيز مكونات المنافسة، وقبل ذلك البحث في رفع كفاءة العمالة المنتجة لتحقيق ماذكرناه.
وهذا يدفعنا إلى محور مهم جداً، يكمن في ضرورة تغيير نمط رقابة الأجهزة الرقابية الذي غالباً ما يمارس سياسة (تصيد) الأخطاء وخاصة بعد إنجاز عمليات الإنتاج والتسويق، الأمر الذي يؤدي إلى حالات إرباك، وعدم ثقة في أداء مفاصل الإدارة في الشركات وغيرها، وهنا المعالجة لابد من أن تأخذ طابع الرقابة الوقائية التي تؤكد الثقة في اتخاذ القرارات من قبل الإدارات من دون حسابات التخوين واتهامات الغش والفساد وغيرها خلال إنجاز مراحل العمل..
وللوصول إلى هذه الحقائق لابد من توفير البيئة القانونية المناسبة من خلال تعديل التشريعات والآليات الناظمة للعمل، والتي أصبحت مع التطور الصناعي من منسيات العقود الماضية، وهي لا تتماشى مع متطلبات العمل الصناعي الحديث، ناهيك بضرورة القضاء على ظاهرة الروتين والهروب من تحمل المسؤوليات فيما بين الإدارات الحاكمة لمفاصل العمل في أي شركة، الأمر الذي يكرس فساداً أشد خطراً على العملية الانتاجية، في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه لتطور نوعي في العمل الصناعي يحقق كفاية السوق، وبهذه الصورة لا نخشى على صناعتنا الوطنية أبداً.
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار