منغصات باردة!

كان شتاءً زاخراً، ليس فقط بنعم المطر والثلج الذي غطّى جبالنا وسهولنا وأسطح منازلنا واستيقظنا على اللون الأبيض النقي، الذي يحمل في ثناياه النقاء والخير على الجميع.
ونحن نعيش الآن في ثلاجات البرد، وما رافقها من عوز لبعض الخدمات، وفاقة ونقص في الموارد المالية بعد شح الدخول وعدم تغطيتها ما تحتاجه العباد لترقيع و«تمشية» أمورها، تأتي الأخبار المطمئنة بأن بعض الأزمات الحياتية للمواطن ستلقى الحل المناسب، ولنا في أزمة الغاز ونقص المادة خير دليل، فالحكومة تصدت بحزم للنقص الذي طرأ، وجاءت البواخر المحملة، وهي الآن في طور التفريغ.
مسكين «هالمواطن»، يخرج من أزمة ليصطدم بأخرى، ومع برودة شتائنا الأبيض بردت أعصابه لدرجة فقدان إحساسه بأي شيء، بعد أن هجرت جيوبه الليرات التي لم تغطِّ أيامه الأولى فقط من كل شهر، وإذا تركنا بعض الأزمات جانباً، ماذا سيأكل مواطننا «المشحر» إزاء موجات برد وثلج تنخر العظام..؟ حتى قائمة المائدة ومستلزماتها لها حسابات ومتطلبات ثقيلة، وقد تكون أثقل من عبء المازوت والكهرباء وقيم فواتيرهما المتلاحقة..! وهنا نقولها بصراحة: ترى هل يكفي أن نقاوم هذا الصقيع الآن ببعض ما نأكله ويعطينا الدفء أو السعرات الحرارية المطلوبة، وما أكثر هذه الوجبات المشهورة: ليس وجبة شوربة عدس باللحم مثلاً، فقط وجبة بطاطا بعد أن حلقت أسعارها..! ولا أحد يعرف ما مصير خطابات بعض جهاتنا، هدفها الأول والوحيد تخفيض الأسعار رأفة بحال مواطن بات عاجزاً عن شربة ماء..!! كثيرة هي العبر ولكن من يعتبر..؟!
مسائل حياتية كبيرة تتكرر فصولها مع كل شتاء أو مع كل نقصان يطول مادة ما، وتبدأ رحلة البحث وتقاذف المسؤوليات وتحمّل الصعاب، وهنا يلح السؤال المنطقي: إلى متى ستتكرر مثل هذه المنغصات..؟!
من الأجدى التفكير مسبقاً بإيجاد بدائل تضع حداً ولو في حدوده الدنيا لتوافر مادة أساسية في وقتها المطلوب..! فالتدخلات والترقيعات السريعة لا تضفي سوى عدم ثقة بإجراءات بعض الجهات المعنية، وتضع المواطن في دائرة البحث والنقاش والتعب المادي المرهق..!
الجميع يحلم بحياة عيش بيضاء كالثلج الذي يكسو مناطقنا، لعل قلوبنا تتخلص من درنات الإهمال والنظرة السلبية، ونعمل بجد وإخلاص لما فيه مصلحة تنعكس خيراً ورخاء علينا وعلى بلدنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار