هوكشتاين- بلينكن وإعادة تدوير القرار 1701.. شروط الميدان تُسقط شروط الكيان فاسمعوا صفارات الإنذار التي لا تصمت.. كل الزيارات الأميركية محكومة بالفشل ولو جاءت تحت النار
تشرين- هبا علي أحمد:
لا يمكن فهم زيارات المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة إلا في إطار الضغط على الأطراف المواجهة للاحتلال الإسرائيلي وفرض شروط وإملاءات تتناسب والأهداف الأميركية والإسرائيلية، لذلك من الطبيعي- بناء على المعطيات- أن تكون تلك الزيارات محكومة بالفشل حتى لو أتت تحت النار، وحتى أيضاً لو تبعها تصعيد عدواني مرتقب ومتوقع، وهو ما اعتدنا عليه، وهو ما كان وتزامن مع زيارة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، وهو ما سيترافق مع زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة والتي يبدؤها اليوم من كيان الاحتلال.
زيارات المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة تأتي للضغط على المقاومة وفرض شروط تتناسب والأهداف الأميركية والإسرائيلية
وكما صعّد الاحتلال من وحشيته في لبنان أمس بالتزامن مع وجود هوكشتاين ووسّع رقعة الغارات، سيسري الأمر ذاته في غزة ولبنان معاً بالتزامن مع زيارة بلينكن التي بدورها لن تختلف عما سبقها من زيارات ولن تختلف عن زيارة هوكشتاين، وباتت التوجهات واضحة، والالتفافات على أي قرارات ذات الصلة بالموضوع اللبناني كما القرار 1701 لم يأتِ خارج السياق الأميركي- الإسرائيلي، وبالتالي لم يكن مُفاجئاً من حيث تدويره وتفخيخه ببنود جديدة يُحقق من خلالها الكيان ما عجز عنه في الميدان، وينتقص من سيادة الدولة اللبنانية ويستبيح أراضيها حتى بعد انتهاء الحرب.. وعلى العموم فإن التصعيد القادم سيكون الترجمة العملية لزيارتي هوكشتاين وبلينكن.
.. في المقابل اليوم تبدلت الأمور ولن تجدي معها الضغوط السياسية أيّاً كانت، حيث لا أوراق ولا استثمارات ينفذ منها الأميركي والإسرائيلي ويمرران من خلالها إملاءاتهما، بل كل الأوراق بيد الميدان وبيد المقاومة اللبنانية التي تفرض شروطها بمروحة جغرافية واسعة من الصواريخ والمُسيّرات إلى شمال فلسطين المحتلة، ناهيك بعجز الاحتلال عن تحقيق أي توغل بري في جنوب لبنان.. وكما المقاومة اللبنانية فإن المقاومة الفلسطينية تملك الميدان.. وبالتالي فالكلمة هي للميدان كما كانت على مدار الشهور السابقة، وإنهاء حالة المقاومة مهما تعرضت له من خسائر ليس وارداً، والأكثر من ذلك أن حماية المقاومة لا سيما في لبنان هي مسؤولية لبنانية مجتمعية أيّاً كانت الخلافات والتقسيمات ومن دون ذلك فما بعد الحرب حرب أخرى لا تقل خطورة عما نشهده اليوم، مع تداعيات ذلك على الجوار الإقليمي.
ماذا يقول الميدان؟
الواضح للقاصي والداني أن الكيان لا يريد أي تفاهم أو وقف لإطلاق النار في جبهتي غزة ولبنان، وهو إذ يواصل إبادته الجماعية في غزة كذلك يواصل تدميره المنهجي لمقوّمات الحياة في لبنان، وبالتالي أي زيارات أو مباحثات في قرارات هي لاستثمار الوقت وكسب البعض منه، وفي كل مرة يأتي الأميركي ويُملي ماذا يجب على الأطراف المواجهة للكيان أن تعمل، بينما لا يتطرق إلى أي التزامات أو إلزامات لناحية الاحتلال، وبالتالي لن نشهد مرحلياً أي تهدئة، ولاسيما أن المنطقة مازالت تترقب الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني، وبعدها يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، ربما تكون بين التصعيد والتهدئة فعلياً، أما قبلها فإن التصعيد يتسيّد بدليل ما يقوم به الكيان حالياً في غزة ولبنان، أي لا اعتبارات سياسية لدى الكيان.
كل الأوراق بيد الميدان والمقاومة اللبنانية التي تفرض شروطها بمروحة جغرافية واسعة من الصواريخ والمُسيّرات إلى شمال فلسطين المحتلة
..من أجل ذلك فإن الاعتبارات الأساسية هي للميدان، والمقاومة اللبنانية تتحدث من الميدان وتصعّد في أداء واجباتها والتزاماتها تجاه غزة ولبنان. ورداً على هوكشتاين والإسرائيلي ومناوراتهما واستقبالاً لبلينكن ومناوراته، نفّذت المقاومة صباح اليوم 3 عمليات نوعية في إطار سلسلة عمليات «خيبر»، حيث وصلت صواريخها إلى حيفا وضواحي «تل أبيب»، وبنداء «لبيك يا نصر الله» استهدفت المقاومة «قبة نيريت» في ضواحي «تل أبيب» بصواريخ نوعية، ثم قاعدة «ستيلا ماريس» البحرية شمال غرب حيفا بصلية صاروخية نوعية، وبعد ذلك قاعدة «غليلوت» التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ضواحي«تل أبيب» بصلية صاروخية نوعية، إضافة إلى استهدافات أخرى طالت مواقع عدة لجمع جنود العدو.
ودوّت صفّارات الإنذار في 63 منطقة، بينها حيفا وخليج حيفا وعكا وشرق «تل أبيب»، وأفادت وسائل إعلام العدو بسماع دوي انفجار كبير في مناطق واسعة في الوسط، مشيرةً إلى سقوط صاروخ جنوب «بيت أرييه» قرب رام الله في الضفة الغربية، إضافة إلى سقوط صاروخ ثقيل في المنطقة الواقعة شمال «قيساريا»، حيث أُفيد بنقل إصابة من جراء سقوط الصاروخ، ودعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مستوطني عدد كبير من المستوطنات في الجليل الغربي إلى البقاء قرب الأماكن المحصّنة.
حزب الله والسنوار
في هذه الأثناء يواصل إعلام العدو بتغطياته الحديث عن قوة حزب الله واستشهاد السنوار، إذ قال: لم ننتهِ ولم ننتصر ولم يرفع أحد بعد راية بيضاء وقوة حزب الله لا تزال موجودة والتحدي مازال أمامنا، وسنشهد أياماً ولحظات صعبة، مضيفاً: ليس واقعياً أبداً الكلام الذي تردد لدينا بأنّ حزب الله تلقى ضربة وملقى على الأرض.. حزب الله يتوجه نحو استنزافنا.. فهل نحن مستعدون لذلك؟
حزب الله يتوجه نحو استنزاف الكيان والسنوار كان استراتيجيّاً مُحنّكاً وخادَع «إسرائيل» وأنزلَ بها الضربة الأكبر في تاريخها
وتحدّثت صحيفة «هآرتس» عن استشهاد القائد يحيى السنوار في قطاع غزة، قائلة: «إسرائيل» ستدفع ثمن الاستخفاف به وبنشر مقاطع اللحظات الأخيرة من حياته، وإن الاحتفال بموت السنوار جرى بنشوة مثيرة للحرج، مع العلم أنّ هذه اللحظة لم تأتِ إلّا بعد مرور سنة كاملة من بدء الحرب.
ورأت الصحيفة أنّه لم يكن من الضروري في هذا الوقت نشر توثيق لحظات السنوار الأخيرة، إذ إنّ ما يُرى من هنا لا يُرى من هناك، فـ«إسرائيل» ترى هذه المشاهد كنوع من الإذلال له للشعور بالنشوة والفرح، بينما يرى العالم العربي هذه المشاهد بطريقة مُغايرة تماماً، مضيفة: نحن لا نفهم ما هي «حماس»، يجب علينا التوقّف عن النظر إليها بأعين إسرائيلية.. فالسنوار كان استراتيجيّاً مُحنّكاً وخادَع «إسرائيل» وأنزلَ بها الضربة الأكبر في تاريخها.
وخلُصت الصحيفة إلى أنّه من الأجدر القضاء على الغطرسة الإسرائيلية، لأنّها قد تجلب على «إسرائيل» 7 تشرين أول جديداً يوماً ما في المستقبل.
إلى ذلك، أشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى أن نتنياهو المتهور يذهب بعيداً في مغامراته الجريئة التي لا نهاية لها، وفي الأيام المقبلة قد تنفجر لعبته القاتلة أخيراً في وجهه ووجه «إسرائيل».
الكيان لا يريد وقفاً لإطلاق النار في غزة ولبنان ويواصل إبادته الجماعية في غزة وتدميره المنهجي في لبنان وبالتالي لن نشهد مرحلياً أي تهدئة
جباليا
ناشدت مئات العائلات الفلسطينية لإنقاذها في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بينما يواصل الاحتلال حصاره للمنطقة لليوم الـ18 على التوالي، وبالتوازي مع الحصار المشدّد دمّرت قوات الاحتلال عدداً من منازل الفلسطينيين في منطقة مشروع بيت لاهيا، وارتقى شهداء وأصيب آخرون بقصف إسرائيلي على النازحين في المنطقة ذاتها.
إلى ذلك، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إن جيش الاحتلال منع إدخال أكثر من رُبع مليون شاحنة مساعدات وبضائع منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، ويواصل تعزيز سياسة التجويع وخاصةً في محافظة شمال القطاع وفي جباليا تحديداً، في حين أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أن ما نشاهده اليوم في شمال القطاع هو استهداف للفلسطيني بشكل رئيسي، مشيراً إلى أن الاحتلال يتنقل باستهدافاته في جباليا، وطواقم الدفاع المدني تعاني الحصار والتجويع والإبادة وتدمير كل مقوّمات الحياة.