«شرق أوسط جديد» بميزان الشهداء والصواريخ والمُسيّرات.. أصل الصراع مع إيران أميركي وكلمة سرّه «النووي».. الكيان لا يملك القدرة على تدمير حزب الله والسنوار غيّر التاريخ
تشرين- هبا علي أحمد:
رسم مشهد وصول مسيّرة المقاومة اللبنانية إلى منزل رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتجوالها قبل ذلك ساعة في أجواء فلسطين المحتلة وتخطيها كل الوسائل «الدفاعية» للكيان، وقبله المشهد البطولي لاستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد يحيى السنوار.. رسم مشهدية جديدة مُتجددة في سياق الصراع الطويل مع كيان الاحتلال، قوامها الأساس أن المقاومة حيّة لا تموت ومع رحيل كل قائد تزداد قوة ومنعة وصلابة، وهذا أهم ما يُمثل المرحلة الراهنة وحلقتها الأقوى، والذي يَثبت يومياً وبالدليل القاطع أنه لا يمكن كسرها وتغيير معادلاتها.
مقابل المخططات الإسرائيلية- الأميركية يصنع المقاومون الشرق الأوسط الجديد بميزان الصواريخ والمُسيّرات
ومع إصرار كيان الاحتلال على استمرار المجازر والحرب الوحشية التي تتوسع شيئاً فشيئاً في المنطقة، فإن قوى المقاومة تملك من الإصرار ما يكسر الإصرار الإسرائيلي، وما «مسيّرة قيساريا» إلّا جزء من الحساب المفتوح والطويل الذي يتعقد ويتسع ويكبر مع كل يوم بل على مدار الساعة، وفي مقابل المخططات الإسرائيلية- الأميركية لصناعة «شرق أوسط جديد» يصنع المقاومون في غزة ولبنان وعموم المحور، الشرق الأوسط الجديد بميزان الصواريخ والمُسيّرات والقذائف المدفعية وأيضاً بميزان المعارك البرّية جنوب لبنان وبميزان كل الشهداء القادة وفي مقدمتهم سماحة السيّد حسن نصرالله والقائد السنوار .
شرق أوسط جديد بميزان المقاومة
الشرق الأوسط الجديد بميزان المقاومة يأتي ثقيلاً مُحملاً بالهزائم والانكسارات على نتنياهو، ولا سيما بعد حادثة الأمس برمزيتها وبقدرة المقاومة على الوصول إلى أي نقطة، لذلك كما دائماً يهرب نتنياهو إلى الأمام زاجاً إيران في المعادلة، كذلك تفعل أميركا في كل مرة وتتعرض فيها لخناق تهرب إلى الأمام إلى إيران كما كان خلال محاولات اغتيال المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترامب، وهذه محاولات لتحقيق هدفين معاً، من جهة «التقليل» من حجم ودور المقاومة وربطها دائماً بإيران باعتبارها «أذرعاً» لها في المنطقة، ومن جهة ثانية وهذا الأهم تضييق الخناق على إيران وتوسيع رقعة المواجهة والحرب في آنٍ معاً وجرّ الولايات المتحدة إلى حرب لحماية كيانها اللقيط.
نتنياهو يتعمد الزجّ بإيران لتضييق الخناق وتوسيع رقعة المواجهة والحرب وجرّ الولايات المتحدة إليها
الأصل أميركي
وعلى اعتبار أن الرد لإسرائيلي على الرد الإيراني تأخر ويخضع لكثير من المشاورات ومحاولات أميركية كما يُشاع لخفض سقفه والتخفيف من تداعياته اللاحقة، كما يُشاع عن وساطة روسية لتهدئة بين إيران والكيان، فإن نتنياهو يعمد إلى استثمار مُسيّرة الأمس في سياق تعجيل الرد على إيران ورفع سقفه وتوسيع طبيعته ومداه مع جرّ واشنطن إلى الحرب، رغم أن الأخيرة لا تحتاج لمن يدفعها لمحاربة إيران، وكل ما يجري تداوله مُجرد مزاعم وتلطٍّ خلف الحقائق.
الدور الأميركي هو أصل وأساس كل الاعتداءات الإسرائيلية في عموم المنطقة، إذ يكفي النظر إلى ما سُرب من وثائق أميركية والتي أعادت تسليط الضوء على الخطط الإسرائيلية لشن هجوم على إيران، مشيرة إلى امتلاك «تل أبيب» السلاح النووي وقدرتها على استخدامه في الهجمات المقبلة، وكشفت هذه الوثائق عن حجم التحضيرات الإسرائيلية، كما أنها أكدت امتلاك «إسرائيل» الأسلحة النووية رغم حظر الولايات المتحدة الاعتراف بذلك منذ حوالي 60 عاماً.
وتشير الوثائق، التي اعترف المسؤولون الأميركيون بصحتها، إلى أن الاستخبارات الأميركية لم ترصد نشاطاً لصواريخ «أريحا 2» الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
أصل الصراع مع وضد إيران لتضمن واشنطن «التفوق الإسرائيلي» الوحيد في المنطقة بامتلاك النووي
القضية هنا ليس ما يملك الكيان أو التهويل مما يُقدم عليه، بل القضية في أميركا وصمتها المطبق على امتلاك الكيان السلاح النووي، وهذا لم يعد خافياً على أحد، وما الصراع مع وضد إيران إلا لتضمن واشنطن التفوق الإسرائيلي الوحيد في المنطقة بامتلاك النووي، فواشنطن ترفض مناقشة أو الاعتراف بترسانة «إسرائيل» النووية، بل سمحت لكيانها بالاحتفاظ بأسلحة نووية، بشرط الحفاظ على سرية هذا الأمر، وبالرغم من وجود محاولات لرفع السرية عن معلومات تتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي، فإن الحكومة الأميركية ما زالت تحظر مناقشة هذه القضية بشكل علني، ما يعكس غموضاً دائماً حول علاقة واشنطن بالقدرات النووية الإسرائيلية، كما تشير التقارير، ما يمثل خطراً متزايداً على الأمن الإقليمي والدولي.
في مقابل هذه المعطيات، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن أي هجوم إسرائيلي على إيران يعني تخطّي الخطوط الحمراء، ولن يُترك من دون رد، مضيفاً: لقد حددنا كل أهدافنا في «إسرائيل»، وإذا هاجمتنا فسنرد بالمثل ونقصف هذه الأهداف، مشيراً إلى أنه إذا اندلعت حرب شاملة في المنطقة فإن واشنطن ستنجر إليها، وإيران لا تريد ذلك.
صدى عمليات المقاومة
عمليات المقاومة اللبنانية وما تحدثه على جبهة الجنوب في الميدان وفي داخل فلسطين المحتلة، تترك صدى واسعاً في وسائل إعلام الاحتلال، وفي حين ترفع المقاومة وتيرة نيرانها تجاه شمال فلسطين المحتلة، وتحديداً نحو حيفا وصفد، بمئات الصواريخ، بالتزامن مع استهدافها تجمعات جنود الاحتلال والمستوطنات عند الحافة الأمامية جنوب البلاد، تنشغل تلك الوسائل بقدرات حزب الله لا سيما الموازين التي فرضت بعد مُسيّرة «قيساريا»، إذ ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم» أنّ مسيّرات حزب الله تسلب النوم من عيون مسؤولي «الدفاع الجوي في إسرائيل»، في حين قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه مع تزايد الاحتكاك اليومي بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حزب الله يدرك الجيش مدى صرامة الحزب في الانضباط العسكري والتسلسل الهرمي الصارم، مضيفة: حزب الله يقاتل بمئات المقاتلين فقط عند الخط الحدودي ويحتفظ بقوات أكبر في الخطوط الخلفية لمعركة طويلة.
«الكابينت» لم يحدد هدف الحرب بتدمير حزب الله أو هزيمته لأن الكيان لا يملك قدرة على القيام بذلك
وقال العقيد احتياط كوبي ماروم: ليس مصادفة أنّ «الكابينت» لم يحدد هدف الحرب بتدمير حزب الله أو هزيمته، لأنّه في الحقيقة ليست لدينا قدرة على القيام بذلك، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي دخل إلى هذه الحرب مع نقاط ضعف مهمة بموضوع المسيّرات.
كما تحدث إعلام العدو عن استشهاد السنوار، قائلاً: أخطأ المتحدث باسم الجيـش الإسـرائيـلي عندما نشر صورة السنوار في لحظاته الأخيرة، حيث أظهر رجلاً قـاتـل حتى قطرة دمـه الأخيرة بعكس ما أراد الجيـش إهانته وتشويه صورته بين شعبه.
وقال الكاتب الإسرائيلي ألون مزراحي: إن ما بدأه اللاجئ الذي قضى 22 عاماً في سجن إسرائيلي في السابع من تشرين الأول سيغير تاريخ العالم إلى الأبد، والعملية لا تزال في مراحلها الأولية، مضيفاً: السنوار مات موتاً مشرفاً، موت محارب مع رجاله، موت واحد مع شعبه، في دفاعه عن أرضه ضد محتل يسعى إلى الإبادة، ولم يسقط في عمل غير لائق.. لقد رحل وهو يقاوم.