غياب المعلم عن الحصص الدرسية ظاهرة تزداد بذرائع “مبتكرة”.. فوضى في مدارسنا
تشرين – بشرى سمير:
درجت العادة أن يتغيّب الطلاب عن المدرسة وعدم رغبتهم في الذهاب إليها، لكن أن يتغيب المعلم أو المدرس عن المدرسة ويتكرر هذا الغياب خلال الأسبوع الواحد أكثر من مرة، فتلك مشكلة لابد من العمل على حلها ومعالجة أسبابها.
حيث يعتبر المعلم هو العمود الفقري في المدرسة الذي يعطيها القدرة على القيام بأعبائها الموكلة إليها في تربية وتعليم الأبناء. وغياب المعلم عن المدرسة معناه شل جزء من حركتها وتعطيل قسم من تحقيق أهدافها.
تكرار الغياب
لكن بعد مضي ما يقارب ثلاثة أشهر على افتتاح المدارس بدأ بعض المدرسين والمعلمين بتكرار الغياب عن صفوفهم لأسباب وذرائع غير مقنعة.. حاولنا في هذا الموضوع الوقوف على أسباب غياب المدرسين وكيفية تعامل المدرسة في حال غيابهم عن حصصهم أو صفوفهم، وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي الحلقة الأولى، لكون معلم الصف في هذه المرحلة هو الركيزة الأساسية في التعليم.
تؤكد المعلمة راميا أنها اضطرت للتغيب عن المدرسة أكثر من مرة بسبب مرض ابنها الصغير، لكنها وضعت على مجموعة “الواتس اب” الخاصة بأهالي التلاميذ أنها ستتغيب وبإمكان الأهالي عدم إرسال أولادهم هذا اليوم وتحضير الدروس في المنزل.
فيما أشار المعلم رضوان إلى أنه اضطر للغياب عن المدرسة لأنه يعمل على سيارة أجرة لتحسين معيشته بعد دوام المدرسة، لكن صاحب السيارة طلب منه العمل في الفترة الصباحية بدلاً عن زميله في تلك الفترة حتى لا تتوقف السيارة في هذا اليوم عن العمل، لافتاً إلى أن ما يتقاضاه من أجر نتيجة عمله على سيارة الأجرة ضعفا راتبه.
غياب الصرامة
غادة ابراهيم مديرة مدرسة لمرحلة التعليم الأساسي، أشارت إلى أن وجود المعلم في غرفة الصف معناه النظام في الصف، وكذلك معناه تحقيق الأهداف التربوية بشكل عام, أي وجود تلاميذ في المدرسة يتعلمون, لذلك فوجود المعلم المؤهل الكفء في غرفة الصف يجعل التلميذ يبذل نشاطاً ذاتياً ويدفعه بدوافع مثيرة تجعله يفكر ويسهم في العملية التعليمية باعتباره محورها.
وإن معنى غياب المعلم عن الصف تسرب للفوضى بين التلاميذ، حيث إن مبدأ أسلوب القسر في مدارسنا جعل أمر الضبط الذاتي للتلاميذ بعيد المنال, لذلك لم يكتسب التلميذ العادات المثمرة ويحترم النظام في المدرسة تلقائياً، و بالتالي يعمل التلاميذ منفردين من دون المعلم بمراجعة دروسهم ومطالعة موادهم, أي يعتمدون على أنفسهم في بعض الحالات من دون مساعدة أحد لكي يستنتجوا ويصلوا للحقائق بذاتهم، لذلك يلجؤون إلى الفوضى والتعطل بسبب غياب الصرامة عنهم لفترة معينة. ولذلك تلجأ الإدارة المدرسية للبحث عن معلم بديل مؤقتاً لضبط النظام على الأقل، أو الطلب من معلم صف آخر التدريس في هذا اليوم وتحميله أعباء إضافية.
وأشارت إلى أن الغياب المتكرر للمعلم أو المعلمة يتسبب في تعطيل الدراسة في الصفوف التي يدرسها ويترتب عليه تأخير إتمام مفردات المنهج بالصورة الصحيحة. وتالياً إن تأخير إتمام مفردات المنهج يؤدي إلى عدم إدراك التلاميذ لها إذا حاول المدرس أن يلاحق ما فاته بضم مجموعة من المفردات في حصة واحدة، أو حصتين إضافيتين أو أكثر من ذلك. كما يسبب غيابه إهمال التلاميذ لمراجعة دروسهم وحل واجباتهم اللازمة، حيث إنهم يفتقدون من يعقب عليهم وفي حال تم تكليف زملائه بسد الفراغ بدلاً منه هذا يسبب ضجر المدرسين لانشغالهم في حصص الاحتياط.
غرس الإهمال وعدم الجدية
فيما أشارت الموجهة التربوية في إحدى مدارس البنات مها الحسني إلى أن غياب المعلمة يؤثر على الطالبات علمياً وسلوكياً بسبب الفوضى والفراغ، ويؤثر على عطاء المعلمات اللاتي لا يتغيبن، فمن تبني وتتعب في البناء تهدم هذا البناء المعلمة الغائبة التي لا تؤدي عملها بإخلاص، والغياب يغرس الإهمال وعدم الجدية في نفس الطالبة ولن تستقيم شخصيتها ولن يعتدل سلوكها، فغياب المعلمة أصبح ظاهرة تعاني منها جميع أطراف العملية التربوية.