إيران نحو رد دقيق «في لحظة المفاجأة القصوى».. بلينكن أنهى جولته على فشل وتحذيرات من موجة قتال جديدة تشتد وتمتد على طول جبهة الشمال- جنوب لبنان

تشرين – مها سلطان:
على فشل ضاعف قتامة المشهد، غادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة، بعد جولة استمرت ثلاثة أيام، تاركاً خلفه جولة مفاوضات الاستئناف المقررة غداً الخميس بمواجهة مصير مماثل للجولة الأولى التي عقدت في اليوم ذاته من الأسبوع الماضي واستمرت يومين، وما بين الجولتين لم تهدأ حركة بلينكن، حتى استكانت أمس الأربعاء، بمغادرته العاصمة القطرية الدوحة عائداً إلى بلاده خالي الوفاض.

ومن غير المعلوم ما إذا كانت المنطقة ستشهد في الأيام المقبلة جولات أميركية إضافية، خصوصاً أن جولة مفاوضات الاستئناف باتت نتيجتها معروفة، هذا في حال عُقدت من الأساس، وفي حال استمر موقف حركة حماس الرافض للحضور فإن هذه الجولة ستكون بين الكيان الإسرائيلي والوسطاء فقط وعلى أمل «إقناع» الكيان بتيسير التفاوض باتجاه الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن.

قد يمضي وقت طويل نسبياً قبل أن ترسل واشنطن مسؤولين جدداً إلى المنطقة في ظل استمرار الفشل من جهة واشتداد السباق الرئاسي من جهة ثانية

هذا عدا أن سباق الرئاسة الأميركي يشتد وبما لا يسمح ربما للإدارة الأميركية باستمرار التركيز على المنطقة في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن هذه الإدارة (الديمقراطية) ستكون في قمة انشغالها بعد اعتماد كامالا هاريس مرشحة رسمية «لمواجهة الخصم الجمهوري دونالد ترامب»، خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي العام الذي بدأ أمس وينتهي غداً.. والانشغال الشديد مرده قصر المسافة الزمنية أمام حملة هاريس الانتخابية، حيث يفصلنا عنها شهران ونصف الشهر فقط عن يوم التصويت المقرر في الخامس من تشرين الثاني المقبل.

جولة تصعيد جديدة
بالعموم ومن سياق ما يصدّره الكيان من تصريحات ووقائع تصعيد على الأرض، يبدو أنه سيستمر على ما هو عليه، بل هو يهدد برفع وتيرة التصعيد بصورة أكبر، خصوصاً على جبهة الشمال، معلناً أنه نقل مركز عملياته من الجنوب «قطاع غزة» إلى الشمال «جنوب لبنان»، وقد يكون التصعيد الواسع المتبادل (ليل أمس) وصباح اليوم الأربعاء أولى الجولات في مسار «قتال» سيشتد ويمتد.. هذا ونحن لم نتحدث بعد عن الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في وقت يقترب فيه رد المقاومة اللبنانية/ حزب الله على اغتيال القيادي فيه فؤاد شكر.

تصعيد متبادل بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة اللبنانية هو الأشد مع تكريس «معادلة استهداف العمق».. والغلبة ما زالت لحزب الله

التصعيد الجديد يأتي مباشرة عقب تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أمس الثلاثاء بأن «مركز الثقل» لعمليات الجيش الإسرائيلي ينتقل من قطاع غزة إلى الشمال مع لبنان «استعداداً لأي شيء قد يتطور».

وعلق غالانت على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في العمق اللبناني «منطقة بعلبك في البقاع» بأنها هجمات للاستعداد والتجهيز، وقال: نحن في حالة تغيير تدريجي.

وكانت المقاومة اللبنانية/ حزب الله قد أمطرت صباح اليوم مستوطنات إسرائيلية في الجليل الأعلى وفي الجولان السوري المحتل بعشرات الصواريخ، مؤكدة تحقيق إصابات مباشرة.

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن أكثر من 60 قذيفة صاروخية أطلقت من لبنان على مستوطنة كتسرين، مؤكدة وقوع إصابة مباشرة لمبنى في المستوطنة الواقعة جنوب الجولان السوري المحتل. ورغم أن الجيش الإسرائيلي ادعى اعتراض عشرات الصواريخ إلا أن السلطات الإسرائيلية قررت إغلاق عدة شوارع ومحاور طرق.

من جهته قال حزب الله في بيانات متتالية إنه استهدف قاعدة «تسنوبار» اللوجستية في الجولان السوري المحتل بصليات من صواريخ الكاتيوشا، واستهداف موقع «حدب يارون» بمسيّرة انقضاضية، مؤكداً إصابتهما إصابة مباشرة.

وأضاف: إن مقاتليه «شنوا ‏هجوماً جوياً بأسراب من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة اللواء المدرع السابع التابع لفرقة ‏الجولان 210 في ثكنة كتسافيا، مستهدفةً أماكن تموضع واستقرار ضباطها وجنودها».

وتابع: تم أيضاً قصف ثكنتي شوميرا ومتات واستهداف مواقع لجنود العدو في محيطهما بصليات من صواريخ ‏الكاتيوشا، وكذلك استهداف موقع راميا بقذائف المدفعية ‏الثقيلة وتمت إصابته إصابة مباشرة.
وعلّق يائير لابيد زعيم ما يسمى المعارضة الإسرائيلية، بالقول: «إن الحكومة خسرت الشمال».

شهداء وجرحى
وفي وقت سابق، قال مصدر ميداني لبناني: إن «الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة الإسرائيلية نفذت 5 غارات على 4 بلدات بمنطقة البقاع في قضاء بعلبك شرق لبنان، بينما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان أن هذه الغارات أسفرت عن استشهاد شخص وإصابة 19 آخرين في حصيلة مبدئية.
قبل ذلك كانت وزارة الصحة اللبنانية قد أعلنت عن استشهاد 4 أشخاص وإصابة 6 آخرين من جراء غارات إسرائيلية على بلدة الضهيرة.
وظهر اليوم، نعى حزب الله أحد مقاتليه الذي استشهد في ضربة عدوانية إسرائيلية عبر طائرة مسيّرة استهدفت سيارته على طريق بلدة بيت ليف في جنوب لبنان.
وقال الحزب في بيان: بمزيد من الفخر والاعتزاز، نزف المجاهد حسين محمد مصطفى «ضياء» من بلدة بيت ليف في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس.

وفي إطار الاغتيالات الإسرائيلية أيضاً، تم استهداف أحد قياديي حركة فتح «الجناح العسكري لكتائب شهداء الأقصى» بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته في بلدة صيدا جنوب لبنان، وذكرت التقارير الإخبارية أنه تم استهداف سيارة خليل المقدح في مخيم عين الحلوة أثناء عبوره في منطقة المية ومية باتجاه مدينة صيدا.

الرد الإيراني
في الأثناء، تحرص إيران بين يوم وآخر على تأكيد حتمية ردها على اغتيال هنية على أراضيها، بمواجهة من يشككون أو يدعون أن هناك تردداً في الرد، فقط أكدت اليوم الأربعاء «ضرورة معاقبة المعتدي على عمله الإرهابي وانتهاكه السيادة الوطنية الإيرانية».

حرص إيراني مستمر على تأكيد حتمية الرد وضمان أن يكون رادعاً بأثر مستقبلي.. والتشديد على أن «أمن المنطقة يكمن في اتحاد دولها»

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، إنه «سيتم التخطيط بدقة لتوقيت وطريقة الرد لضمان حدوثه في لحظة من المفاجأة القصوى»، مؤكدة أن «الرد لا بد أن يكون محسوباً لتجنب أي تأثير سلبي على وقف إطلاق النار المحتمل في غزة».

وأضافت: عندما تكون أعينهم ثابتة على شاشات الرادار سيفاجؤون من الأرض وربما من السماء أيضاً»، وتابعت: «أي رد يجب أن يعاقب إسرائيل ويردع أي هجمات مستقبلية».

بدوره، أكد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي أن «إيران سترد في الزمان والمكان المناسبين»، مشدداً على أن الاعتداءات الإسرائيلية ستستمر في حال لم تتلق رداً مناسباً.
وقال رضائي، في تصريحات تلفزيونية: إيران درست تبعات قرار الرد وسيكون حتمياً ولن تسمح لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالخروج من مأزقه مستغلاً الظروف الإقليمية.

وعن الحل الذي أمام إيران لعدم تحويل الرد الإسرائيلي إلى حرب كبرى في المنطقة، قال رضائي: لقد درسنا تبعات القرار، مشدداً على أن «الحل الوحيد لضمان أمن المنطقة يكمن في اتحاد دولها.
وكان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد محمد علي نائيني، أكد أمس الثلاثاء أن «طهران لم تترك أبداً أي هجوم عليها يمر من دون رد»، مشيراً إلى أن الرد على اغتيال هنية سيأتي في الوقت المناسب.
وقال نائيني في تصريحات للتلفزيون الرسمي الإيراني: على العدو أن ينتظر ضربات محسوبة ودقيقة في الوقت المناسب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار