المعلن والمخفي في مسار التفاوض بين هوكشتاين ونتنياهو.. أي أفق مرتقب وماذا يُحضّر للبنان تحت ستار «الهدنة والاتفاق»؟
تشرين- هبا علي أحمد:
اليوم تتكشف المعطيات أكثر حول مصير الحرب على لبنان، بناء على ما سيخرج به لقاء المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورغم أن المقدمات باتت معروفة للجميع وبالتالي النتائج، فلا يُمكن التعويل إلّا على الميدان الذي بدأت الحرب عنده وستنتهي حُكماً عنده، ولاسيما مع تصاعد عمليات المقاومة اللبنانية/حزب الله وتوسيع دائرة الاستهدافات لكيان الاحتلال، إضافة إلى عجز الاحتلال عن تحسين شروط تفاوضه عبر الميدان، فيما المقاومة تُفاوض من خلاله وتراكم نقاط القوة.
وتبدو معركة الخيام، إن صحت تسميتها بمحاور قتالها، هي أحد المؤشرات الضاغطة على الكيان للوصول إلى اتفاق، لكن الأكيد أن الاتفاق لن يمّر دون شروط إسرائيلية، فإلى أي مدى يستطيع الكيان مواصلة شروطه ومراكمة خسائره، هذا ما سيتحدد اليوم؟.. وعند الحديث عن شروط إسرائيلية يعني إفشال أي اتفاق والعودة إلى نقطة الصفر، لأن المقاومة قالت كلمتها في التفاوض وتقولها في الميدان وانتهى الأمر، وإذا تمّ الاتفاق فهو اتفاق الضرورة والخروج من المأزق اللبناني.
وإلى جانب الميدان هناك معطيات أخرى قد يُبنى عليها كخلفية إذا قبِل نتنياهو باتفاق، فبالأمس كان هناك فيتو أميركي على مشروع قرار لإيقاف العدوان على غزة، وقبله كان مستشاره الخاص رون ديرمر في واشنطن والتقى فريق دونالد ترامب، ويُشاع أن الأخير يدفع باتجاه وقف الحرب على لبنان، فهل تكون هذه المقدّمات دفعاً أميركياً جدياً لوقف الحرب على لبنان، على أن يكون استمرار العدوان على غزة هدية أميركا بفريقيها الجمهوري والديمقراطي لإرضاء نتنياهو، إلى جانب «هدايا» أخرى على المستوى الإقليم، ولا سيما مع تهديدات الكيان بضرب العراق والذي لن يتم إلا بضوء أخضر أميركي، أضف إلى ذلك محاولات التضييق على إيران في برنامجها النووي، وكان هذا واضحاً في مسودة القرار الذي تقدمت به عدة دول غربية إلى جانب واشنطن أمس للوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وعلى أي حال فإن الساعات القادمة حُبلى بالتطورات لننتظر ونر.
ضمانات أميركية بشأن دعم حرية العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان
وبانتظار نتائج مباحثات هوكشتاين ونتنياهو، نشرت وسائل إعلام العدو مقتطفات من مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل في لبنان، والتي تشمل منح الجيش الإسرائيلي مهلة 60 يوماً لاستكمال انسحابه من جنوب لبنان، بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ والتزام الطرفين بتنفيذ قراري مجلس الأمن 1559 و1701.
وأوضحت أن الاتفاق يتضمن ملحقاً إضافياً بين «إسرائيل» و«الولايات المتحدة» يقدم ضمانات أميركية بشأن دعم حرية العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان، كما يفتح الباب أمام مفاوضات مستقبلية غير مباشرة بشأن ترسيم الحدود البرية، كما تشير المسودة إلى أن الجيش اللبناني سينتشر في كل المعابر البرية والبحرية، وإنشاء لجنة خاصة تحت قيادة الولايات المتحدة، مع الحفاظ لـ«إسرائيل على حق الدفاع عن نفسها».
وأمس تحدّثت مصادر لبنانية في السياق ذاته، لكن كان لافتاً ما أشارت إليه بأن الكيان ما زال يرفض وقفاً شاملاً لإطلاق النار، ومتمسكاً بهدنة لـ ٦٠ يوماً للتأكد من انسحاب حزب الله من الجنوب مع أسحلته، وبعدها يتم انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان خلال ٦٠ يوماً وعلى مراحل.
بناء على ما سبق تعود أو تبقى الألغام تحيط بالاتفاق لتكون جاهزة لتفجيره عندما يُحدد الوقت، فالحديث حسب المسودة يدور حول القرار 1559 إلى جانب 1701، رغم أن سقف التفاوض اللبناني حُدّد بالـ1701، إلى جانب ضمان حرية العمل العسكري للكيان في لبنان بدعوى انتهاك الاتفاق، وانتهاك الاتفاق قد يفتعله الكيان ببساطة وفي أي وقت يشاء، وتنتهكه أميركا أيضاً متى شاء الاحتلال على اعتبار أنها المُكلفة بمراقبة أي انتهاكات تحصل.
وإذا أخذنا ما أشارت إليه المعلومات اللبنانية، فيجب التساؤل لماذا لا يتزامن انسحاب جيش الاحتلال مع انسحاب حزب الله؟ وإلى حين انسحاب حزب الله المسبوق لانسحاب الاحتلال المحدد بـ60 يوماً، ماذا يُحضر للبنان تحت مزاعم الهدنة؟ وما العمليات التي سيقوم بها كيان الاحتلال؟
الحقيقة التي يُمكن البناء عليها إلى حين اتضاح المعلومات أكثر، هي ما نقلته وسائل إعلام العدو عن «السلطات المحلية في الشمال» قولها: «نرفض الاتفاق المرتقب مع لبنان ولسنا متأكدين من أننا سنوصي سكاننا بالعودة».
في مفاوضات الميدان، تواصل المقاومة اللبنانية تصديها للاحتلال واستهداف تجمعاته في شمال فلسطين المحتلة والعمق وفي معارك الجنوب، حيث تمّ استهداف تجمّع لقوّات جيش الاحتلال جنوب وشرق الخيام بصليةٍ صاروخية، وفي التوقيت نفسه تم استهداف تجمّع آخر في موقع «هضبة العجل» شمال مستوطنة «كفار يوفال» بصلية صاروخيّة، بالتزامن مع إطلاق صليات صاروخية باتجاه الأراضي المحتلة في إصبع الجليل.
وتحدثت وسائل إعلام العدو عن دوي صفارات الإنذار في مستوطنات «المطلة» و«كريات شمونة» و«كفار يوفال» و«كفار غلعادي» في الجليل، كما تجدد دوي صفارات الإنذار في «نهاريا» ومحيطها خشية تسلل طائرات مسيّرة من لبنان.
الاحتلال يرتكب مجزرتين جديدتين في بيت لاهيا وحي الشيخ رضوان في قطاع غزة
وعلى جبهة غزة، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرتين جديدتين أسفرتا عن استشهاد أكثر من 85 شخصاً، ففي بيت لاهيا، شمال القطاع، استشهد 66 شخصاً، وسط وجود عشرات الجرحى والمفقودين، في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال عبر استهدافه حياً سكنياً في محيط مستشفى كمال عدوان، أما في حي الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، فاستشهد 22 شخصاً بينهم 10 أطفال، بقصف الاحتلال منزلاً لعائلة العروقي.
ورغم المجازر التي يرتكبها الاحتلال، والكشف عن خطة إسرائيليّة تهدف إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتقسيمه إلى أربعة محاور منفصلة، فإن الحديث عن الأثمان الباهظة التي يدفعها الكيان في غزة لا يتوقف، إذ قالت وسائل إعلام العدو: وصلنا في غزة إلى المرحلة الفظيعة والمؤلمة التي تسمى الوحل، وفي هذه المرحلة يسقط لنا جنود في غزة، في حين أنّ وجودهم هناك غير ضروري.
الأثمان التي يدفعها جيش الاحتلال في قطاع غزّة باتت ثمينةً جداً
وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي دخل في نوبة غضب مؤخراً، تعتمد على «هندسة العقل» للجمهور عبر تسويق أنّ حركة «حماس» سوف تركع على ركبتيها، لافتة إلى أن الجيش يسوق للجمهور شعوراً وهمياً بأنّ سكان غزة سيقومون بانقلاب في أيّ لحظة على الحركة، لكن الواقع مختلف تماماً.
ويرى العديد من المحللين والخبراء والمختصين الإسرائيليين بالشؤون العسكريّة أنّ الأثمان التي يدفعها جيش الاحتلال في قطاع غزّة باتت ثمينةً جداً مقارنة بما سموه «الإنجازات» التي حققها الكيان في عدوانه على القطاع منذ تشرين الأول 2023.