للتضييق على الرد الإيراني.. زحمة موفدين أميركيين إلى المنطقة وطاولة مفاوضات جديدة تُعقد غداً.. المنطقة تغرق في حالة عجز كاملة عن توقع الآتي والتشاؤم يسيطر

تشرين- هبا علي أحمد:

تعيش المنطقة حالة من عدم اليقين والتناقض بانتظار الردّين الإيراني والمقاومة اللبنانية/ حزب الله على الاغتيالات الإسرائيلية، وهذه الحالة مردها الأجواء التي تحاول الولايات المتحدة الأميركية إشاعتها حول «الردود» وربطها بالمفاوضات المرتقبة غداً الخميس، في الدوحة، بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، في مسعى واضح من واشنطن لعرقلة «الردود» و«فرملتها»، وتحميل إيران المسؤولية المباشرة عما قد تؤول إليه الأوضاع في المنطقة في حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والإصرار على القيام بـ«الرد».

تعيش المنطقة حالة من عدم اليقين والتناقض مردها الأجواء التي تحاول أميركا إشاعتها حول «الردود» وربطها بالمفاوضات

ولكن هذه الأجواء لا تتطابق مع المعطيات الآتية من محور المقاومة ولاسيما المقاومة الفلسطينية، التي يتضح من موقفها أن نتيجة المفاوضات محسومة من هذه اللحظة لناحية عدم الاتفاق، وهو ما كان على مدار الأشهر العشرة الماضية بسبب عدم التزام كيان الاحتلال، كما لا تتطابق مع الإصرار من طهران وحزب الله على «الرد» وامتلاك زمام الزمان والمكان، وفصل ذلك عن نتيجة المفاوضات.

عدم يقين أميركي
حالة التناقض وعدم اليقين لا تسري على المنطقة فحسب، بل على واشنطن ذاتها التي تدرك أن نتيجة المفاوضات صفرية، ولا تمتلك أدنى معرفة بما سيؤول إليه الوضع بعد مفاوضات الغد، وهي إذ ألغت وأجّلت زيارة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة، التي كانت مقررة أمس إلى ما بعد الخميس، تُرسل منسّق شؤون الأمن القومي بريت مكغورك إلى الدوحة والقاهرة و«تل أبيب»، والمبعوث الرئاسي الخاص عاموس هوكشتاين إلى بيروت و«تل أبيب»، بينما من المتوقع أن يمثل مدير المخابرات المركزية ويليام برنز بلاده في محادثات الغد، في حين يصرح مسؤولون أميركيون بأن إدارة بايدن قد تدعو إلى تأجيل المفاوضات إذا حدث هجوم إيراني.

التناقضات الأميركية يُقابلها وضوح من محور المقاومة الذي تنبّه مُسبقاً إلى صفرية نتائج المفاوضات في ظل شروط نتنياهو

في الوقت عينه وافقت أميركا على بيع طائرات مقاتلة ومعدات عسكرية أخرى بقيمة 20 مليار دولار للكيان للاستمرار بإبادته الجماعية في غزة، في تناقض واضح بين ما تريد وما تفرضه الحقائق، وهذا يعود مُجدداً إلى الضعف الاستخباراتي الأميركي حول معرفة حجم «الردود» وساحاتها وطبيعتها، وفشل كل مساعيها للاحتواء حتى اللحظة وامتلاك زمام المبادرة، وليس مُستبعداً في ظل هذا الفشل أن تدفع الكيان نحو ضربة استباقية، أيّما تكون تداعياتها وعلى الجميع، وهذا يتشابه مع ما تحدّثت عنه وسائل إعلامية بأنّ إلغاء زيارة بلينكن سببه التصعيد المحتمل في الساعات المقبلة، وبات واضحاً أن التصريحات الأميركية تعمد إلى التغطية على حالة القلق السارية لدى واشنطن والكيان في مرحلة الانتظار والغموض المُرافق لها.
على التوازي إقليمياً، بحث وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات وتركيا، جهود الوساطة الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتركزت المباحثات على سبل تنسيق الجهود وتكثيفها من أجل احتواء التوتر الإقليمي الراهن، والحيلولة دون خروج الأوضاع عن السيطرة بشكل يزيد من حالة عدم الاستقرار والانفلات في المنطقة، والتوصل إلى صفقة تسمح بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين ومرور المساعدات الإنسانية لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة.

يقين جبهات المقاومة
التناقضات الأميركية تقابلها مواقف واضحة ومباشرة من كل أطراف المقاومة، التي تنبهت مسبقاً إلى صفرية نتائج المفاوضات في ظل الشروط الجديدة التي يطرحها في كل مرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي لا يريد أساساً التوصل إلى وقف لإطلاق النار والإقرار بمعطيات الميدان، إذ أكد مصدر في «حماس» أنّ الحركة ليست ضد مفاوضات وقف إطلاق النار بشكل عام، إلا أنها غير ممكنة الآن، حيث إن نتنياهو غير مهتم بالتوصل إلى اتفاق يوقف العدوان بشكل كامل، مضيفاً: نتنياهو يخدع ويتملص ويريد إطالة أمد الحرب، بل توسيعها على المستوى الإقليمي، ما يعني أنه يستخدم المفاوضات غطاء لمواصلة العدوان ضد شعبنا وارتكاب مجازر جديدة بحقه، لافتاً إلى أنّ «حماس» ستعود إلى طاولة المفاوضات إذا أظهرت «إسرائيل» التزاماً قوياً باقتراح الهدنة الذي قدمته الحركة في تموز الماضي، مشدّداً على أنّ ما نحتاج إليه هو التنفيذ، وليس المزيد من المفاوضات.

نتنياهو يخدع ويتملص ويريد إطالة أمد الحرب وتوسيعها على المستوى الإقليمي ويستخدم المفاوضات غطاءً لمواصلة العدوان

وتحدثت وسائل إعلام العدو عن رسالة أرسلها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» يحيى السنوار تم تسليمها للوسطاء العرب ليلاً، قال فيها: إذا كانت «إسرائيل» جادة بشأن المفاوضات وتريد مشاركة «حماس»، فعليها وقف العمليات العسكرية في غزة.
وعن حزب الله، تحدّثت مصادر إعلامية بأن الحزب لا يبدو مستعداً للتعامل مع زيارة هوكشتاين، وقد بعث أكثر من إشارة تفيد بذلك، خاصة أن المبعوث الأميركي في زيارته السابقة متهم بأنه نقل تطمينات كاذبة لحزب الله بأن «إسرائيل» لن تستهدف الضاحية الجنوبية، لكنها اغتالت القيادي البارز في الحزب فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية، وهو ما جعل المبعوث الأميركي فاقداً للمصداقية وشريكاً في عملية تمويه أمنية عسكرية إسرائيلية.
وفي إيران وفي ظل الحديث عن «تراجعها عن الرد» في حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار كامل في غزة، وهو ما تحدّثت عنه وسائل إعلام العدو إضافة إلى وسائل إعلام غربية، نفت مصادر إيرانية التقارير الغربية، مؤكدة أنّ الرد سيكون منفصلاً عن أي محادثات تتعلق بوقف النار، كما نفت الادعاء بأن إيران تدرس إرسال ممثل للمشاركة في محادثات وقف إطلاق النار في غزة للمرة الأولى.

تهديد وجودي
الواقع الحقيقي الذي يعيشه كيان الاحتلال تتولى وسائل إعلامه إلى جانب الأميركية- الغربية كشفه والإقرار به، إذ رأت مجلة «فورين بوليسي» أنّ «إسرائيل» تعيش تهديداً وجودياً لم تعرفه من قبل، وتعيد عدوانيتها المفرطة، في الأشهر العشرة الأخيرة، إلى هذا السبب، مؤكدةً أن ما عاشته في مواجهة حزب الله وإيران في هذه الفترة أعطاها فكرة عن كيف ستأتي النهاية، لافتة إلى أنّ «النصر الكامل»، الذي وعد به نتنياهو، من غير المرجح أن يتحقق على الإطلاق ضد «حماس»، ناهيك بحزب الله أو إيران، مشيرة إلى أنّ استعادة قدرة «إسرائيل» على الردع هدف أكثر واقعية، لكنه ليس هدفاً خالياً من الألم أيضاً، ففي مواجهة منظمات تلتزم أيديولوجياً بإزالة «إسرائيل» من الوجود، لا يكفي إظهار القدرات الدفاعية الفاعلة.
وذكّرت المجلة بأنّ «إسرائيل» صغيرة من حيث عدد السكان والجغرافيا والاقتصاد، ولا يمكنها أن تتحمل أن تُفاجأ، أو تخوض حروباً طويلة، أو تحافظ على موقف دفاعي مشدّد إلى أجل غير مسمّى، لافتةً إلى أنها تدرك تمام الإدراك أنه في مقابل كل صديق جديد لها في المنطقة، لديها عدو عنيد.
إلى ذلك، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيلية سابقاً، اللواء بالاحتياط عاموس يدلين، في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ«12»: يدرك «سكان إسرائيل» أنّ نتنياهو يقودهم نحو كارثةٍ إستراتيجيّةٍ تصب في مصلحة إيران وفي أيدي قائد «حماس» يحيى السنوار، مضيفاً: سيستمر الرهائن بالموت في أنفاق «حماس» وستجد «إسرائيل» نفسها عالقة في حرب استنزافٍ طويلةٍ، كما سيستمر الاقتصاد الإسرائيلي بالتدهور، وستنخفض مكانة إسرائيل بالعالم إلى مستوى متدنٍ جديدٍ، وستستمر المعركة القانونية في المحاكم الدولية.

اندلاع حربٍ إقليميّةٍ متعددة الساحات سيناريو لم تضع «إسرائيل» حياله استراتيجية وأهداف حرب ذات صلة

وأوضح يدلين أن مسار الحرب الإقليميّة، قد لا يكون هو استراتيجية نتنياهو المعلنة، بل سلوكه بالفعل، وخاصّةً استمرار حرب الاستنزاف في غزة والساحات الست الأخرى لبنان، إيران، سورية، اليمن، العراق والضفة الغربية، ومن المرجح بشكل كبير أنْ يؤدي ذلك إلى اندلاع حربٍ إقليميّةٍ متعددة الساحات، وهذا طريق خطر، وهو السيناريو الذي لم تضع «إسرائيل» حياله استراتيجيّة وأهداف حرب ذات صلة.
وتابع يدلين: نحن في نهاية هذا الأسبوع على وشك اندلاع حربٍ إقليميّةٍ، وقد ننجّر إلى حرب استنزافٍ مكثفةٍ ومتعددة الجبهات، ونواجه مجموعة من التهديدات التي لم نشهدها من قبل، وفي ظل خطر الانزلاق إلى حرب شاملة، وهذا هو حلم السنوار: صراع في غزة يشتعل ويحتل كل ساحات القتال المكثف، واستراتيجية إيران هي حلقة من النار حول «إسرائيل» حتى تنهار من الداخل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وزارة التجارة الداخلية تحضر لانتخابات "الغرف"..والوزير  يشدد على الشفافية والمسؤولية واتباع ضوابط دقيقة المقداد يتسلم أوراق اعتماد السفير غير المقيم لنيكاراغوا لدى سورية فنزويلا ترفض «التقرير الأولي» للأمم المتحدة: عمل دعائي يخدم مصالح اليمين المتطرف أحلام الغرب بالضغط على روسيا سقطت.. قوات كييف تتقهقر في كورسك.. موسكو: الهجوم الأوكراني سيوقف مفاوضات السلام لفترة طويلة هاريس و«ظل» بيلوسي الحاكم.. بيانات مالية مخيبة للديمقراطيين: ترامب الأفضل الهند تضع خطة خمسية للحد من تغيرات المناخ تطوير ضمادة «كهروضوئية» لتسريع التئام العظام المكسورة للتضييق على الرد الإيراني.. زحمة موفدين أميركيين إلى المنطقة وطاولة مفاوضات جديدة تُعقد غداً.. المنطقة تغرق في حالة عجز كاملة عن توقع الآتي والتشاؤم يسيطر هل هذا دعم للثروة الحيوانية... سعر المادة العلفية لدى مؤسسة الأعلاف أغلى من أسعار التجار؟ لتأمين حاجة السكان من الخبز.. استمرار العمل في مخبز الحسكة الأول