أميركا و«كيانها» يراكمان صواعق الانفجار- بالجملة – في المنطقة.. حبس أنفاس مع توقعات عالية التشاؤم.. الأيام المقبلة حاسمة وليس في كل مرة تنجح خدعة جهود الاحتواء الدولية
تشرين- هبا علي أحمد:
من اليمن إلى الضاحية الجنوبية /لبنان/ إلى طهران، تتراكم في المنطقة صواعق الانفجار، مع كل عدوان إسرائيلي يُنفذ بضوء أخضر أميركي مفتوح على مزيد من التصعيد وفي جغرافيا تتوسع بصورة تنذر بالأخطر.. ولا يختلف اثنان على أنه من غير المضمون في كل مرة أن تسلم المنطقة، على خلفية ما يسمى جهود الاحتواء الدولية.. فماذا لو أن صاعقاً خرج عن جهود الاحتواء والسيطرة؟.. وهو ما سيحدث حتماً في حال استمر الدعم الأميركي لكل عدوان إسرائيلي في المنطقة، وآخره اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، ليل أمس في العاصمة الإيرانية طهران التي زارها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.
اغتيال هنية في طهران والاعتداء الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية ينقلان الوضع في المنطقة من حال الاشتباك إلى حال الحرب المفتوحة
الاغتيال كان بفارق ساعات عن عدوان إسرائيلي جديد على لبنان، استهدف ضاحية بيروت الجنوبية، وأسفر عن شهداء بينهم أطفال ونساء و80 جريحاً، في حصيلة مرشحة للارتفاع.
ومع اغتيال هنية والعدوان على الضاحية الجنوبية تشير كل الدلائل إلى انتقال الوضع في المنطقة من حال الاشتباك إلى حال الخطر المفتوح أو الحرب المفتوحة بلا حدود ولا سقوف ولا ضوابط، ولم يعد السؤال عن متى تقع الحرب، وما أبرز حدث يدفع إلى تفجيرها، لأننا عملياً دخلنا في سياقها ولو بشكل غير مباشر، من جراء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية المُمنهجة بكل أشكالها بما فيها حرب الاغتيالات واستهداف رموز المقاومة، وبالتالي فإن أبواب الجحيم فُتحت على كيان الاحتلال وقادته في ظل ترقب ما سيكون عليه حجم وطبيعة الردود على الاعتداءات الإسرائيلية بالشكل والحجم والزمان والمكان والنوعية لناحية استهداف قواعد ومنشآت العدو الاستراتيجية والحساسة.
ولعله من الوارد في القراءة السياسية، أن يكون الانتقال إلى الرد سريعاً ومباشراً ومُتجاوزاً لهول الجرائم الصهيونية المرتكبة، ولا سيما أن المقاومة بكامل محورها خبرت الميدان بدقة، كما خبرت آليات الصراع مع العدو وثمنه بالدم والشهداء وهذا طبيعي أيضاً.
ردود متعددة الاتجاهات
من وجهة نظر ” الكيان” قدم لمستوطنيه «إنجازين» الأول استهداف السيادة الإيرانية عبر اغتيال ضيفها هنية، الذي يُعد الحدث الأخطر بعد استهداف السفارة الإيرانية في سورية نيسان الماضي، والثاني الاعتداء على ضاحية بيروت الجنوبية وما تُشكله من رمزية في سياق معركة المقاومة اللبنانية مع العدو.
بات الترقب مفتوحاً على ردود متعددة الاتجاهات والمستويات تختلف عن سابقاتها و لن تكون منفردة بل من المتوقع أن تكون ثنائية أو جماعية
لكن ” الكيان” في الوقت ذاته.. استنفر على أعلى مستوى ترقباً لمروحة واسعة من الردود، فلم تعد الحال كما في استهدافات سابقة، ترقب رد واحد ومن جبهة واحدة، بل بات الترقب لردود متعددة الاتجاهات والمستويات والنوعيات وقد تختلف عن سابقاتها أيضاً، بمعنى أنها لن تكون منفردة، بل من المتوقع أن تكون ثنائيات أو ردوداً جماعية، ولاسيما أن الأسباب التي تدفع لأن تكون الردود على هذه الشاكلة، مجتمعة أيضاً.
خدعة جهود الاحتواء والتهدئة – خصوصاً الأميركية – لم تعد تنطلي على أحد فهي في مضمونها تهدف إلى إضاعة الوقت أو تمرير الوقت تحضيراً لاعتداءات أخرى
أميركا في الميزان ذاته
ماحصل يسري على اليمن والعراق، ولاسيما أن العراق تعرض بالتزامن لاعتداء أميركي على قوات تابعة للحشد الشعبي أسفر عن شهداء وجرحى في ناحية جرف الصخر، فالرد لناحية العراق قد يكون رداً يطول المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة وصولاً للأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التنويه إلى أن الردين قد يطولا المصالح الأميركية، لأن الاعتداءات الصهيونية تمّت وتتم برعاية وإشراف أميركيين وعلى معرفة مسبقة من واشنطن.
.. وعند هذه النقطة، أي معرفة واشنطن المسبقة بالاعتداءات والسماح بتمريرها ومن ثم صدور التصريحات الأميركية وإجماعها المطلق على الالتزام بدعم «إسرائيل» وتقديم كل أشكال المساعدة اللوجستية والعسكرية و«حقها بالدفاع عن نفسها»، تنكشف خدعة مساعي وجهود الاحتواء ولا سيما الأميركية، ويتضح من كل المجريات والتطورات اللحظية في المنطقة أن جهود احتواء المواقف هي إضاعة للوقت، أو تمرير الوقت للتحضير لاعتداءات أخرى، وتأخير الرد على اعتداء سابق، لكن في هذه الحالة تتراكم الردود، ويصبح الكيان في مأزق أكبر، فواشنطن لم تحسبها بدقة هذه المرة، وأيضاً أمام مجمل التطورات فإن جهود الاحتواء هذه المرة قد لا تُثمر.
معركة بأبعاد جديدة
المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة مع تصاعد الوضع والاعتداءات الإسرائيلية- الأميركية في المنطقة، ولكن من يستجيب؟ فالمجتمع الذي سمح باستمرار العدوان على غزة لعشرة أشهر ماذا يُمكن أن يفعل في ظل التصعيد الخطر والاعتداء على سيادة الدول وتنفيذ الاغتيالات بما تمثله من انتهاك صارخ للقوانين الدولية وتهديد للأمن والاستقرار في المنطقة؟
قد تبدو النتيجة معروفة مسبقاً، ولكن من الواضح أن المعركة تنتقل إلى أبعاد جديدة بتداعيات كبيرة وخطرة وواسعة على المنطقة في ظل تصعيد زمني وجغرافي مُتسع ومتقارب، ناهيك بأن الكيان يعمد إلى زج أطراف أخرى فيها من خلال استخدام أراضي دولة ما لاستهداف دولة أخرى، كما تمّ في عملية اغتيال هنية، ما يعني أن الكيان يعمد إلى حرب شاملة ومباشرة ويعمل على جر المنطقة بأسرها إليها، ولاسيما أن آفاق العدوان على غزة تبدو مسدودة.. وفي ظل كل ذلك تبقى المنطقة على قيد ترقب مع التأكيد على أن الكيان فتح أبواب الجحيم على نفسه.