مستقبل نتنياهو معلق بين «الجثث الست» وحملة هاريس.. هل ينخرط جديّاً في المفاوضات ‏أم لواشنطن كلمة أخرى؟ والكيان على وقع نذر حرب أهلية

تشرين-هبا علي أحمد:‏
حتى أكثر المتفائلين لم يتوقعوا أن تكون صورة كيان الاحتلال الإسرائيلي على ما هي عليه ‏اليوم، تمزق وانقسامات أمنية وعسكرية، سياسية واجتماعية، ما تشكل مجتمعة عوامل ‏لانهيار الكيان وتفككه ومن الداخل، يتزامن ذلك مع الحديث المتكرر عن لعنة العقد الثامن.. ‏وحتى أكثر المتفائلين لم يدر في خلدهم أن يشهد الكيان احتجاجات وتظاهرات وإضرابات ‏تسببها تداعيات الحروب، في حين إلى ما قبل السابع من تشرين الأول من العام الماضي، ‏كانت كل الحروب والعمليات العسكرية التي يشنها الاحتلال «صمام أمان» الكيان والحدث ‏الذي يُجمع عليه «الداخل الإسرائيلي» و«عصباً» أساسياً في استمرارية الاحتلال ككيان، إلى ‏أن أتى العدوان على غزة وما أفرزه ليكون نقطة التحوّل حول كل ما سبق. ‏

 عودة 6 أسرى إسرائيليين على شكل جثث شكلت الفتيل الذي أشعل «الشارع الإسرائيلي» ‏احتجاجاً وإضراباً وصولاً إلى الانفجار في أي لحظة

احتجاجات وإضراب
شكلت عودة 6 أسرى إسرائيليين على شكل جثث، الفتيل الذي أشعل «الشارع الإسرائيلي» ‏احتجاجاً وإضراباً، وصولاً إلى الانفجار في أي لحظة، إذ عمّت الإضرابات الشاملة، اليوم، ‏كيان الاحتلال مع إمكانية استمرار الإضراب حتى يوم غدٍ الثلاثاء، تضامناً مع ذوي الأسرى ‏الإسرائيليين في قطاع غزّة، ورفضاً لعرقلة نتنياهو إبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق ‏نار، وجاءت الإضرابات بدعوةٍ من اتحاد نقابة العمال «الهستدروت»، سعياً لدفع الحكومة ‏الإسرائيلية برئاسة نتنياهو إلى إبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس» في قطاع غزّة، ‏كما يأتي هذا الإضراب الذي يشمل المدارس والجامعات ومطار «بن غوريون» والمواصلات ‏العامة وقطاعات اقتصادية واسعة، في أعقاب التظاهرات الضخمة، أمس، التي شاركت فيها ‏حشود من الإسرائيليين، المطالبة بإعادة الأسرى في قطاع غزّة، وقدّر المراقبون عدد ‏المتظاهرين في «تل أبيب» بـ280 ألف شخص، على الرغم من محاولات شرطة الاحتلال ‏العديدة لفضّ التجمعات، التي ما كانت تتفرق حتى تلتئم من جديد بشكلٍ أكبر.‏
وذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أنّه من المتوقّع إغلاق بعض البنوك الكبرى في ‌‏«إسرائيل»، فيما ستبقى أبواب بورصة «تل أبيب» مفتوحة، كما من المقرر إغلاق ‏الوزارات الحكومية والبلديات المحلية وخدمة البريد والجامعات.‏

هل تكون «الجثث الست» مفتاح الحلول والورقة الأقوى لإنزال نتنياهو عن الشجرة ‏والتوقيع على اتفاق؟

إضافة إلى ما سبق، تأججت الخلافات بين نتنياهو و«وزير الأمن» يوآف عالانت، على خلفية ‌‏«الجثث الست»، وحسب «يديعوت أحرونوت» فإنّ نتنياهو يخشى من إقالة غالانت بسبب ‏الغضب الجماهيري الذي سيحدث عقب ذلك، لذا أضافت المصادر المُقربّة منه أنّه ينتظر أنْ ‏يقوم غالانت نفسه بتقديم استقالته.‏

‏ تساؤلات حول صفقة
بناء على ما سبق، تدور التساؤلات حول إمكانية عقد صفقة قريبة لوقف إطلاق النار في غزة، ‏انطلاقاً من الضغط الذي تشكله التظاهرات على نتنياهو، حيث يُطالب المتظاهرون حكومة ‏الاحتلال بالتراجع عن قرارها القاضي بالبقاء في «محور فيلادلفيا» و«ممر نتساريم» ‏للتمكن من العودة من جديد إلى طاولة المفاوضات التي تمنحهم الأمل بعودة أبنائهم أحياء من ‏قطاع غزة، بعدما ثبت أنّ العملية العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال تسببت بمقتل العديد ‏منهم، وما يزيد من هذه الضغوط هو ما أشيع بشأن الخروج المفترض لأولئك الأسرى ضمن ‏المرحلة الأولى من الصفقة التي كانت قيد التداول والتباحث، وهو ما فجّر المشهد بصورة ‏أكبر، وسط تحميل نتنياهو المسؤولية عن عرقلته عقد أي صفقة وإعطاء الأولوية لمصالحه ‏الشخصية الضيقة، وهنا قال مسؤول إسرائيلي: «الجميع يعرف أنّ نتنياهو نرجسيٌّ وجبان، ‏وكان يعلم أنّ الرهائن يعيشون على وقتٍ مستعارٍ، وأنّ الرمال في ساعتهم الرملية تنفد».‏

إذا فشلت الأطراف في قبول «صفقة نهائية» فهذا يعني نهاية المفاوضات تحت قيادة ‏واشنطن

‏ ومن التساؤلات المطروحة، هل تكون «الجثث الست» مفتاح الحلول والورقة الأقوى لإنزال ‏نتنياهو عن الشجرة والتوقيع على اتفاق؟ ولا سيما أن قادة الاحتجاجات يعدون بأنها لن تهدأ ‏إلى أن تتبلور صفقة تبادل أسرى، وبالتالي فإن المشهد مُرشح للمزيد من التصعيد إلى درجة ‏الانفجار، ليكون الكيان أمام حرب أهلية، لن يستطيع عندها عدوانه على غزة والضفة مهما زاد ‏في وحشيته تحويل الأنظار عن الانهيار الدراماتيكي الداخلي للكيان.. وحذر زعيم المعارضة ‏الإسرائيلية يائير لابيد من تفكك وانهيار «إسرائيل»، مؤكداً أن حكومة نتنياهو تشارك في ‏أكبر كارثة في تاريخ «إسرائيل» وتتحمل مسؤولية كل القرارات.‏

الولايات المتحدة الأميركية لا تزال مُترددة في الضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات ‏لـ«حماس» خوفاً من أن يُضرّ ذلك بحملة هاريس الرئاسية

يبقى أن كل الاحتمالات واردة، بما فيها أن نتنياهو لن يستجيب بل من الممكن أن يواصل ‏البحث عن «نصر» ما والتصدي للاحتجاجات، كما أن من الاحتمالات الواردة أيضاً حتى لو تم ‏عقد صفقة، فإلى أي مدى يُمكن أن يلتزم الاحتلال بالصفقة من دون البحث عن طرق التفافية؟ ‏وإلى أي مدى تنجح الضغوط الأميركية على نتنياهو؟

‏«صفقة نهائية»‏
وفي إطار التوصل إلى صفقة نهائية، أفادت تقارير أميركية بأن الإدارة الأميركية تبحث مع ‏مصر وقطر حالياً العمل على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل «صفقة نهائية» لوقف ‏إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين، وهو ما تعتزم تقديمه لـ«إسرائيل» و«حماس» في ‏الأسابيع المقبلة، وإذا فشلت الأطراف في قبول ذلك، فهذا يعني نهاية المفاوضات تحت قيادة ‏واشنطن، مشيرة إلى أن المسؤولين الأميركيين سيجرون اتصالات هاتفية مكثفة خلال ‏الساعات الـ48 المقبلة لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى صفقة.‏

‏ تزايد النكسات ‏
إلى ذلك، أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى تزايد النكسات العسكرية التي يواجهها ‏الكيان، قائلة: «إسرائيل» تجد قوّاتها مُنهكة في حين تخوض ما يُعادل حرباً على 3 جبهات: ‏في قطاع غزّة، وضد حزب الله جنوب لبنان، ومؤخراً ضد المقاومة في الضفة الغربية، لافتة ‏إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية، ربما لا تزال مُترددة في الضغط على نتنياهو بشدّة، لتقديم ‏تنازلات لحركة «حماس» خوفاً من أن يُضرّ ذلك بحملة هاريس الرئاسية، إذا ما نُظر إلى ‏البيت الأبيض على أنه يُجبر نتنياهو على التوصّل إلى اتفاق، وفقاً لما قاله آرون ديفيد ميلر، ‏وهو عضو بارز في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي.‏
كما أضاف ميلر: الإدارة الأميركية أصبحت في وضعٍ حرج، فقبل سبعين يوماً من ‏الانتخابات، التي قد تكون الأكثر أهمية في التاريخ الأميركي الحديث، من الصعب بالنسبة لي ‏أن أتصور أنّ الإدارة قد تزيد من الضغوط، أو تستخدم أدواتٍ ملموسة لوقف الحرب.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار