سوريّات يؤسسن “بزنس خفيف ونظيف”.. مهارات الطبخ للاستثمار بعيداً عن التنظير والتسويف

تشرين- بشرى سمير:

“لو لم أكن هنا ..لكنت طباخة الحي” مقولة أطلقتها سيدة سورية – أستاذة – يوماً في حديثها عن خيارات التدبير الحياتي، وحينها لم يكن ثمة أزمة ولا ضائقات معيشية في بلدنا..وكان الحديث عن ضرورات اجتراح مطارح الإنتاج وتوليد الدخل للأسرة السورية.
بالفعل .. تشتهر سورية بمطبخها الشرقي العريق وبتنوع أكلاتها وأطباقها الشهية واللذيدة، هذا الأمر جعل العديد من السيدات يمتهن الطبخ ليصبح مصدر رزق لهن من خلال إعداد الطعام في المنزل ومن ثم بيعه سواء من خلال المشاركة في البازارات والمعارض أو من خلال عمل صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتلبية رغبات الزبائن.
السيدة (أم أحمد) واحدة من هؤلاء السيدات فقد بدأت الأربعينية أم أحمد مهنة الطبخ المنزلي قبل سبع سنوات، وتعد أطباق الطعام لمساعدة صديقاتها أو أقاربها في بعض المناسبات وخاصة في عزائم شهر رمضان مقابل مادي بسيط لتنتقل بعدها إلى المشاركة في البازارات والمعارض الحرفية والصناعات الغذائية من أجل إعداد أطباق الكبة أو اليلنجي و«حراق بأصبعو» وتغليفها وبيعها للزبائن بأسعار مقبولة بهدف مساعدة زوجها وتحسين وضعها المعيشي.
المطبخ السوري
وتضيف أم أحمد: في رمضان تزداد الطلبات خاصة للسيدات المتزوجات والموظفات، أو من السيدات العربيات المقيمات في سورية واللاتي لا يتقن إعداد الطعام السوري لدرجة أن بعضهن تطلب حتى تجهيز سفرة فطور كاملة، كما أن هناك سيدات يفضلن «التواصي» حتى يظهر أمام الضيوف كأنه من صنع سيدة المنزل نفسها، ما دفعها إلى إحداث صفحة عبر (إنستغرام) من أجل التواصل مع الناس وعرض ما تقوم بطهيه من أطباق متنوعة ومقبلات،
زبائن من الرجال
وتشير (عبير) إلى أنها تخصصت بصنع الأكلات الصعبة مثل ورق العنب والمحاشي وأكلات الكبب والكرشة و«المقادم» التي يفضلها الرجال، وتكره إعدادها النساء، وأصبح لديها العديد من الزبائن من الرجال الذين يتواصلون معها لإعداد هذا النوع من الطعام.
أهل الكار
وأشار الشيف محمود وهو من أهل الكار الذي يعمل في أحد مطاعم دمشق إلى أن هناك سيدات أصبحن ينافسن المطاعم المعروفة بالأطعمة التي ينتجنها وتتمتع بالمذاق الشهي وأسعار مخفضة عن السائد في المطاعم وبطريقة تحضير الأطباق وتغليفها لتوصيلها إلى الزبون ساخنة وبطريقة شهية.
وتتحدث (أم ابراهيم 45 عاماً) عن سوء الأوضاع المادية التي دفعها قبل سبع سنوات للطهي، وفتح الله لها باب رزق سد متطلبات أسرتها المتعددة، وبتشجيع من حولها سواء الأقارب أو الجيران أصبحت معروفة، وكانت بدايتها بعد مشاركتها في أحد البازارات، وكان تميزها في عمل الأكل الشعبي وخاصة «المنسف الحوراني» الذي لا تتقنه الكثيرات من ربات المنزل في هذا الزمن، وكذلك عمل المعمول قبيل مجيء عيد الفطر، ومن خلال الممارسة أصبحت لديها خبرة في نوعية المأكولات المناسبة لمختلف المناسبات والمواسم.
اقتصاد منزلي
وبيّن المدرس محمد عبد المولى أستاذ اقتصاد في المعهد التقني للاقتصاد المنزلي أن الاقتصاد المنزلي له عدة مسميات اقتصاد مرافق أو داعم، فهو مفتوح ومعروف ولا يدرج في الدخل القومي، فهو نهج ليس حديثاً، بل منذ عدة سنوات، ويزدهرويتراجع حسب الظروف الاقتصادية.

أستاذ اقتصاد: الاقتصاد المنزلي له دور كبير وإن لم يدخل في حسابات الاقتصاد الوطني

ويرجح أن الإقبال من السيدات على هذه المهنة يرجع إلى الظروف الاقتصادية إما العامة أو الخاصة بالأسرة لتحصيل دخل يعينها على المعيشة ومتطلبات الحياة.
ويتابع: أو يكون نتيجة انعدام الدخل نهائياً بسبب وفاة الزوج أو الطلاق، وبالتالي ستكون المرأة هي المعيل الوحيد للأسرة، وهي ملزمة بذلك، فتلجأ للعمل لحماية أسرتها وإعالتها.
ويقول: بعض السيدات يقمن به لمجرد الهواية والرغبة، وملء وقت الفراغ، فبهذا العمل يستطعن استغلال وقتهن وإشباغ رغبتهن، وأيضاً الاستفادة مادياً.
ويضيف: إن الاقتصاد المنزلي له دور كبير وإن لم يدخل في حسابات الاقتصاد الوطني، لكنه يسهم في حالات الحاجة، وعدم توفر فرص عمل كافية، فيسهم في الاقتصاد الوطني لإخراج فئة من تصنيف العاطلين من العمل أو الفقر، حيث انتشرت في سورية ظاهرة مطاعم (الطبخ المنزلي البيتي) إضافة إلى عدد كبير من المطابخ البيتية التي تقدم الطعام وفق “التواصي” ما يملأ الموائد بالأكل البيتي الجاهز.
كما يعدّ الأمر مريحاً بالنسبة للسيدات، خاصة العاملات منهن، فشراء أكل بيتي من مطعم مخصص وبسعر رخيص نسبياً يعدّ ميزة يحافظ عدد منهن عليها، بينما يلجأ آخرون للتخلص من الجهد الكبير الذي تتطلبه عزائم وولائم خاصة شهر رمضان أو أي مناسبات أخرى من خلال هذه المنافذ.

من جانبها سوسن السهلي اختصاصية اجتماعية أشارت إلى أهمية التسويق الإلكتروني عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻤﻨﺘﺸﺭﺓ ﻓﻲ ﺍلمجتمع العربي عموماً والسوري خصوصاً ﻤﻊ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻤﻌﺩﻻﺕ البطالة ﻭكذلك اﺭﺘﻔـﺎﻉ ﻨﺴـﺏ الخريجين ﻭﻋﺩﻡ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﻋﻤل ﻤﻨﺎﺴﺏ، ولفتت إلى أنه على المستوى الاقتصادي ﻭﺍﻷﻋﻤﺎل التجاﺭﻴﺔ عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت أوسع، ﺤﻴﺙ ﻗﺎﻤﺕ السيدات باﺴﺘﻐﻼلها ﻓﻲ المشروعات ﺫﺍﺕ المكسب ﻋﻠـﻰ المستويين المادي والاجتماعي وتسويق منتجات مختلفة منها أطباق الطعام والحلويات من دون أي تكلفة تذكر وتحقيق انتشار أوسع مع عدم خروجها من المنزل والاهتمام بأولادها وتالياً المساهمة في مساعدة أسرتها وإقامة مشروعات صغيرة ساعدتها في تأمين حياة لائقة لأولادها أو إعالة نفسها بنفسها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اتحاد العمال  يكرم ١٣٨ متفوقاً من أبناء الطبقة العاملة  بمناسبة اليوم العالمي الإنساني.. يوم مفتوح لـ(٧٠٠) طفل من دور الأيتام في دمشق اعتمد التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية.. مجلس الوزراء يؤكد على إعادة ترتيب أولويات المشاريع حسب أهميتها في الموازنة الاستثمارية دخول «لعنة العقد الثامن» زمنها الفعلي.. آن الأوان أن يعود اليهود للشتات سوريّات يؤسسن "بزنس خفيف ونظيف".. مهارات الطبخ للاستثمار بعيداً عن التنظير والتسويف «التين السوري» حكاية الشجرة المباركة التي ارتبطت بطول العمر.. «ناول يارزق ناول».. الرئاسيات الأميركية مُثقلة الحمل.. حرب غزة تطوّق الديمقراطيين.. التخلي عن هاريس في الأولويات وسوء حظها يصبّ بخدمة ترامب أكثر من 35 ألف خدمة قدمها مركز خدمة المواطن في السويداء.. ومعوقات تعترض العمل القمر: كوكب الحب أم لجين الآلهة؟ كيف نهيىء أطفالنا نفسياً لاستقبال العام الدراسي؟.. مرشدة اجتماعية: التشجيع والحديث بشكل إيجابي عن المدرسة