ملف «تشرين».. آلية تطبيق القانون السبب الأساس في إظهار فساد وعجز المجالس المحلية.. والرقابة المالية تتعامل مع المجالس كأنها تتعامل مع موظف
تشرين – رفاه نيوف:
موضوع الإدارة المحلية همّ كبير لا يغطيه مقال أو لقاء، فالفساد أضحى حالة عامة، وباتت المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة العامة في مجالسنا المحلية، وأصبح تعديل قانون الإدارة المحلية من الأولويات.
الفساد حالة عامّة
عضو مجلس الشعب عن محافظة طرطوس المحامي محمود بلال تحدث لـ«تشرين» عن مجالس الإدارة المحلية وقصور عملها، مبيناً أنَّ الفساد ليس في مفاصل الإدارة المحلية والوحدات الإدارية، بل الفساد حالة عامة تنامت كثيراً لاسيما بعد نشوء الأزمة الأخيرة والحرب الإرهابية الشرسة التي شنّت على بلدنا الحبيب سورية، وأنا أعتبر الفساد أحد أهم الأسلحة التي ساعدت الإرهاب على التنامي.
أما السؤال عن حقيقة وجود الفساد في مفاصل الإدارة المحلية وعلى مختلف مراتبها من مجالس المحافظات إلى مجالس المدن والبلدان والبلدات فأعتقد أنَّ هذا السؤال هو سؤال العارف والمتأكد وليس سؤال المستفسر والأدلة كثيرة والأمثلة أيضاً كثيرة، وقرارات تلك المجالس في معظمها تعكس مصلحة شخصية أكثر مما تعكس مصلحة عامّة .
القانون ليس السبب
ويضيف بلال: أما أن نقول إن الفساد ناشئ عن نقص في مواد القانون، فمن المؤكد أن القانون ليس هو السبب، لكن آلية تطبيق القانون هي السبب الأساس في إظهار عجز وفساد المجالس المحلية على مختلف درجاتها ومراتبها، وقد يكون قصور القانون من جانب آخر وآلية تطبيقه قبل تأمين أسباب نجاحه هو السبب الأساسي في ظهور العجز وتنامي الفساد .
عدم تطبيق الخطة الوطنية اللامركزية هو سبب عدم نجاح تجربة الإدارة المحلية حتى اليوم
من جانب آخر فإنّ عدم تطبيق الخطة الوطنيّة اللامركزية التي يتم بموجبها نقل الاختصاصات من السلطة المركزية إلى السلطة المحلية هو من أهم أسباب عدم نجاح تجربة الإدارة المحلية حتى تاريخه في تحقيق الأهداف المرجوّة من القانون لاسيما الأهداف السامية المحددة في المادة /٢/ من القانون ١٠٧ لعام ٢٠١١.
وقد يكون عدم اضطلاع المجلس الأعلى للإدارة المحلية بدوره هو السبب الأساسي فيما هي عليه تلك الوحدات الإدارية المحلية من ترهل وضعف وفساد.
المادة ( ٨ ) حبر على ورق
وأكد بلال أنه مع بقاء المادة /٨/ من القانون ١٠٧ حبراً على ورق فلا أمل على الإطلاق في انطلاق تلك الوحدات لتحقيق الغاية المنشودة من إحداثها .
ومع ترك المادة /١٣/ فضفاضة تعنى بتحديد أعضاء المجالس المحلية فقط من دون أن تضع ضوابط وشروط العضوية، لذلك نرى أن أغلب نتائج الانتخابات تنتج مجالس مكونة من أشخاص لا يجوز تسليمهم مقاليد أمور الوحدات الإدارية فليس الشهادة العملية فقط هي معيار الوصول.
المركزية ما زالت طاغية
وأشار بلال إلى أنه إذا كان أول قانون للإدارة المحلية في سورية ١٩٧١ وإذا كان قد صدر القانون ١٠٧ في عام ٢٠١١ أي بعد ٤٢ عاماً على تجربة الإدارة المحلية .. فإذا علمنا أنَّ المركزية وبعد مرور أكثر من ٦٣ عاماً على تجربة الإدارة المحلية مازالت طاغية ومازلنا نقول ( تجربة) الإدارة المحلية حتى تاريخه لم نصل إلى مرحلة الإدارة المحلية، فهذا إن دلَّ على شيء إنما يدل على أنَّ البنية القانونية لهذا المنتج لم تكن سليمة، ما يعني أنّه علينا مراجعة شاملة للقانون ١٠٧ بإضافة مواد وتعديل مواد وتحديد المدد الزمنية غير القابلة للتمديد لنقل الصلاحيات للوحدات الإدارية، والإشارة الأهم يجب أن يكون هناك دور للمحافظين فإما أن يكونوا محافظين بكل الصلاحيات ولا تكون العودة للمركز إلّا فيما يخص القضايا الاستراتيجية، أو لا حاجة لهذا المنصب الذي يزيد من الروتين والتعقيد بصلاحيات مبتورة.
قصور في الرقابة المالية
أخيراً أكّد بلال أن ما يزيد الأمر سوءاً في تطبيق القانون ١٠٧ موضوع الرقابة وعملها لاسيما الرقابة المالية التي تتعامل مع المجالس كأنها تتعامل مع موظف مكلّف بتنفيذ عمل ولا تتعامل معه كمجلس له اختصاصات حددها القانون ١٠٧ في المادة /٣٠/ وما بعدها، وأنَّ الرقابة تكون على تنفيذ الاختصاصات لا على الاختصاصات ذاتها، ومع تهميش دور الشعبية ستبقى المجالس المحلية هياكل جوفاء لا تؤدي الغاية المرجوّة منها .
تعديل القانون ضرورة ملحة لما ينضوي عليه من مخالفات دستورية فاضحة
يضاف إلى ما سبق عدم توفر الإمكانات المالية للوحدات الادارية التي لا تسمح لها بإقامة أي مشروعات خدمية وهذا من أهم اختصاصات المجالس، ومحدودية الإعانات التي لا يمكن أن تكون قادرة على النهوض بالواقع الخدمي عدا أن توزيع الإعانات خلفه الكثير من الشبهات.
تعديل القانون من الأولويات
وختم بلال: أمّا بشأن مقترحات تعديل القانون فأعتقد أن تعديل القانون أصبح من الأولويات الملحة، لاسيما أن تطبيق القانون الحالي ينطوي على مخالفات دستورية فاضحة، لاسيما في مجال جمع أكثر من سلطة في يد واحدة وقصور القانون الحالي عن معالجة بعض الإفرازات التي هي منشأ الفساد في هذه المجالس .
شماعة الحرب ما زالت حاضرة
يرى عضو مجلس الشعب عن محافظة طرطوس الدكتور محمد جري أن شماعة الحرب الإرهابية والزلزال، ما زالت الحجة لكل تقصير في مجالسنا المحلية، وأن الكثير من مجالس الإدارة المحلية لا تعرف ما تملكه وحدتها الإدارية، فكيف لها أن تطور وتحسن الواقع الخدمي لتلك الوحدات.
وأكد وجود تعثر في عمل بعض الوحدات الإدارية، وأنظر للموضوع من خلال خبرتي كعضو مكتب تنفيذي لمجلس محافظة طرطوس لدورتين سابقتين ..
شماعة الحرب والزلزال ما زالت حاضرة أمام أي سؤال حول تقصير المجالس
وأكد على ضرورة احتواء التعليمات التنفيذية لقانون الإدارة المحلية / 107 / لعام 2011 (شروط الترشح للمجالس) أن يكون المرشح قد اتبع دورة في مجال الإدارة المحلية.. مع العلم أنني طلبت ذلك تحت قبة البرلمان بحضور وزير الإدارة المحلية، وأجاب السيد الوزير بأنه سوف يتم ذلك، وفعلاً تم ولكن لمدة قصيرة وبعد نتائج الانتخابات ولبس قبلها.
القانون ١٠٧ لا يطبق
وأشار جري إلى أن القانون 107 لا يطبق بشكل كامل ومبرر ذلك ظروف البلد وهو من القوانين الجيدة.
واجتماع المجلس الأعلى للإدارة المحلية الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء لمناقشة الإدارة المحلية قانون يجب أن ينعقد كل ستة أشهر وعند الضرورة.. وهذا حصل في السنوات السابقة بدعوة وترؤس السيد الرئيس بشار الأسد، الذي أعطى دعماً كبيراً للعمل.
قوانين لم تطبق
وتحدث جري عن أهم القوانين التي يجب تطبيقها ومعرفتها من أجل العمل بالوحدة الإدارية هي:
القانون المالي الجديد للوحدات الإدارية الذي صدر عام 2021 والذي يعمل على توفير الموارد المالية الذاتية للوحدة الإدارية.. من خلال رخص البناء، وضرائب المحال التجارية.. وترخيص المنشآت والمعامل التي ترخص إدارياً، وضرائب المشروبات والمقاهي وغيرها.. وهي موارد ذاتية تكفل تطوير الوحدة الإدارية لو طبقت لكنها لم تطبق مع الأسف.
قانون الإفراز الخاص للوحدات الإدارية الذي يمنح الوحدة 40 بالمئة من حصة الإفراز ضمن المخطط التنظيمي، وبمجموع الحصص يمكن تشييد أبنية للجرحى وذوي الشهداء الذين لا يملكون مسكناً بالتقسيط، كذلك تجهيز مقرات للمصارف و(السورية للتجارة) حتى تنتعش الوحدة الإدارية بالخدمات.
ولفت جري إلى المرسوم ( 8 ) الخاص بالتجارة الداخلية وحماية المستهلك، الذي جعل دوراً كبيراً للوحدة الإدارية من خلال تنظيم المخالفة .
وأخيراً أكد جري ضرورة تقييم عمل المجالس المحلية بشكل دوري وإعفاء كل من يثبت تقصيره أو فساده.
اقرأ أيضاً: