ملف «تشرين».. مع جفاف ينابيع وآبار وتراجع غزارة أخرى.. الآبار العشوائية ترفع وضع مياه الشرب في درعا إلى مرتبة “الخطر”
تشرين – وليد الزعبي:
تعاني العديد من التجمعات السكانية في درعا من شح مياه الشرب، وعدم كفايتها لسد احتياجاتهم منها ولو بالحدود الدنيا، ما يضطر بعضهم للجوء إلى الصهاريج الجوالة لشراء مياه غير مأمونة الجانب، وبسعر باهظ يتراوح للمتر المكعب الواحد بين ١٠ و١٢ ألف ليرة، وهو مع التدبير بالكاد يكفي ليومين، ومطالب الأهالي تعلو دائماً لإيجاد الحلول المناسبة ورفع المعاناة عنهم بأسرع ما يمكن، وخاصة خلال أيام الصيف الحالية التي يتضاعف فيها استهلاك المياه بشكل كبير.
وبهذا الصدد أشار المهندس مأمون المصري مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في درعا، أن مؤشرات مصادر مياه الشرب غير سارّة، حيث جفت بشكل تام ينابيع المزيريب وعيون العبد والبجة، التي كانت تغذي العديد من التجمعات السكانية، ويستمر هبوط غزارات ينابيع أخرى مثل زيزون وعين الساخنة وعين ذكر، فيما من المتوقع تراجع غزارة ينابيع الأشعري خلال فصل الصيف الحالي، وهي التي يُعتمد عليها بشكل رئيس في تغذية مدينة درعا وعدد من التجمعات السكانية.
ولفت أيضاً إلى جفاف العديد من آبار مياه الشرب وخروجها من الخدمة، وآخرها جميع آبار بلدة الطيبة وعدد من آبار محطة ضخ القنية- الصنمين، توازياً مع تدني مناسيب آبار أخرى، ويعود السبب إلى تفشي حفر الآبار الزراعية العشوائية المخالفة، وضعف الهاطل المطري، وعدم تعويضه للفاقد من المخزون الجوفي، مبيناً وجود مشكلة أخرى تتمثل بحفر الآبار العشوائية، واستجرار المياه غير المشروع من خطوط الدفع لأغراض الزراعة، ولفت المصري إلى توجه المؤسسة لاعتماد الطاقة البديلة، حيث جرى حتى الآن تجهيز أكثر 150 بئراً بمنظومات الطاقة الشمسية على مستوى المحافظة؛ لضمان استمرارية عملها والتخفيف من نفقات التشغيل بالمحروقات، توازياً مع استمرار العمل على حفر وتجهيز المزيد من الآبار في أرجاء مختلفة من مدن وبلدات المحافظة، وصيانة آبار أخرى لرفع كفاءتها.
وتطرق المصري إلى أن هناك صعوبات أخرى تعترض عملها تتمثل بغلاء أسعار المواد الأولية اللازمة لتأهيل المشاريع ومحطات ضخ المياه، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وتذبذب شدته ما يتسبب بتوقف الضخ وأحياناً حدوث أعطال بمحطات الضخ، أيضاً مشكلة تطبيق الحماية الترددية للكهرباء على مشاريع مياه الشرب المركزية المغذية للمدن، والتجمعات في المحافظة، حيث يتكرر انقطاع التيار بكثرة، وكذلك عدم القدرة على توفير الوقود الكافي للتشغيل، ونقص الآليات الثقيلة، إضافةً لنقص العمالة التي تراجعت كثيراً خلال السنوات الفائتة.
من جهته أكد المهندس أحمد محسن مدير الموارد المالية في درعا، وكشف عن تراجع ملحوظ في غزارات الينابيع وانخفاض منسوب المياه الجوفية في جميع أرجاء المحافظة، ويعود ذلك لقلة الهاطل المطري خلال الأعوام السابقة، والذي ظهر انعكاسه بشكل واضح بانخفاض مخزون السدود، حيث لم تتجاوز نسبة تخزينها ٣٠٪ من حجمها الأعظمي لعدة أعوام ماضية، وكذلك للاستجرار الكبير والجائر من المياه الجوفية، لسد احتياجات مياه الشرب والزراعة من خلال الآبار المحفورة، وخاصةً أن الكثير منها يستخدم الطاقة البديلة وخطوط الكهرباء المعفاة من التقنين.
مبيناً أن الآبار المخالفة في تزايد لاستمرار حفرها في المناطق التي لا تتمكن الضابطة المائية من العمل فيها بسبب الظروف الراهنة، علماً أن مديريتي الموارد المالية والزراعة قامتا منذ بداية العام الماضي وحتى تاريخه بإحصاء ما يقارب ٤٠٠٠ بئر مخالفة مصرح عنها من قبل أصحابها، فيما تتابع المديرية بشكل دائم موضوع قمع حفر الآبار المخالفة، وتم خلال الفترات الماضية تنظيم أكثر من ١٠٠ ضبط بمخالفات حفر الآبار، مع مصادرة حوالي ٤٠ حفارة وردم نحو ٧٠ بئراً كانت قيد الحفر.
اقرأ أيضاً: