حتمية رفع الحصار عن سورية!

تشرين–د. محمد سيد أحمد:
استيقظ أهالينا في سورية فجر الإثنين على كارثة إنسانية جديدة، فعلى مدار 12 عاماً اعتاد السوريون على سماع أصوات الانفجارات نتيجة ما تشهده بلادهم من حرب كونية مع المشروع العدواني الغربي على أراضيها، فأصبح من الطبيعي الاستيقاظ على أصوات المدافع والصواريخ التي يستخدمها الإرهابيون، الأدوات الوكيلة لدى العدوان الغربي، وفي أحيان كثيرة كانت صواريخ العدو الصهيوني تتجه صوب السماء السورية فأصبح أبناء الشعب العربي السوري معتادين على سماع دوي الانفجارات، لكن هذه المرة جاء الاستيقاظ للشعب بكامله إثر هزة أرضية قوية أدت إلى انهيار العديد من المباني في مناطق متفرقة من الجغرافيا العربية السورية وخلّفت وراءها مئات الضحايا والجرحى.
وعلى الفور تناقلت وكالات الأنباء المحلية والإقليمية والدولية الأخبار، ودارت الكاميرات صوب المناطق المنكوبة لتنقل للرأي العام العالمي حجم المأساة التي نتجت عن الكارثة الطبيعية، فشاهد العالم أطفالاً ونساء وشباباً ورجالاً وشيوخاً ينزفون الدماء تحت الأنقاض، في وقت عجزت فيه المعدات والآليات عن الإنقاذ، وكذلك لم تستوعب المستشفيات المصابين نتيجة عدم توافر الخدمات الطبية، في ظل حصار رهيب وعقوبات اقتصادية تتعرض لها سورية منذ سنوات.

من قال إننا نريد مساعدات من أميركا؟.. نريدها أن ترفع يدها عن سورية.. ترفع حصارها.. أن تكفَّ عن سرقتنا ونهب أرزاقنا وخيرات بلادنا

ووجهت الحكومة السورية نداءً عاجلاً للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية لمد يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر.
وفي التوقيت نفسه كان الزلزال الذي ضرب سورية قد ضرب تركيا، ومن خلال المتابعات اتضح أن المجتمع الدولي الذي قامت الحكومة السورية بتوجيه النداء إليه يستمع جيداً لنداءات تركيا في حين أن آذانه صماء فيما يتعلق بصوت سورية، ففي الوقت الذي هرولت فيه الحكومات الغربية لتعلن عن دعمها لتركيا وإرسال مساعدات عاجلة تتمثل في مد جسور جوية بين عواصم تلك الدول وتركيا ينقل من خلالها مساعدات غذائية وصحية ولوازم إيواء للمتضررين وفرقاً للبحث عن الأحياء الموجودين تحت الأنقاض وانتشال الجثث، في الوقت الذي لم نسمع عن مساعدات مماثلة لسورية من تلك الدول سواء على مستوى التصريحات أو على مستوى الواقع وهو ما يعني أن المجتمع الدولي يكيل بأكثر من مكيال فيما يتعلق بالكوارث الإنسانية، على الرغم من رفعه شعارات حقوق الإنسان.
وما يزيد من عمق الجرح أن تسير دول عربية على النهج الغربي نفسه، فالأولوية في تقديم العون والمساعدة لتركيا أولاً ثم يأتي ذكر سورية العربية على استحياء على الرغم من أن فقه الأولويات سواء على المستوى الدولي أو العربي كان يجب أن يتجه للأكثر احتياجاً، وبالطبع سورية العربية التي تخوض حرباً كونية على مدار 12 عاماً مع مئات الآلاف من الإرهابيين الذين انتشروا على كامل الجغرافيا السورية وجاؤوا بتحريض غربي من كل أصقاع الأرض ليعيثوا فساداً في الأرض السورية ودمروا الأخضر واليابس كانت هي الأَولى بالمساعدة لأن شعبها تعرض لعدوان ظالم، تبعه حصار اقتصادي رهيب وعقوبات اقتصادية حرمت الشعب العربي السوري من كثير من متطلبات الحياة، على عكس الشعب التركي الذي يعيش في ظل ظروف طبيعية.
في ظل هذا الوضع الكارثي الرهيب الذي يعيشه أبناء الشعب العربي السوري نطالب الضمير الإنساني العالمي بالتحرك صوب المنظمات الدولية ليصرخ بها لكي تتحرك تجاه دمشق لتقديم العون والمساعدة للشعب المنكوب ورفع الحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة عنه، وإلّا سوف نكفر بكل شعاراته التي يرفعها ويتحدث فيها عن حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته نطالب الضمير الشعبي العربي بالضغط على الحكومات العربية لتقوم بمسؤولياتها الأخلاقية تجاه سورية العربية وتطالب بفك الحصار وإسقاط العقوبات عنها، فسورية التي خاضت حربها عبر السنوات الماضية لم تخضها دفاعاً عن شعبها وأرضها فقط بل دفاعاً عن شرف وكرامة الأمة العربية من الماء إلى الماء.. اللهمَّ بلغت، اللهمَّ فاشهد.
كاتب من مصر

أقرأ أيضاً:

من القاهرة.. ارفعوا الحصار عن سورية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار