من القاهرة.. ارفعوا الحصار عن سورية

تشرين- أ‌.كريمة الروبي:
الوضع في سورية مأساوي إلى أبعد ما يتصوره أي عقل، الزلزال المدمر الذي تعرضت له فجر السادس من شباط 2023 يمكن أن يُصيب أي دولة مهما كانت قوتها بالشلل التام والعجز، فما بالك بدولة تعرضت لحرب طاحنة على مدار أكثر من عشر سنوات وعانى أهلها من القتل والتشريد وكانت مهددة بالتقسيم والتفتيت على أسس عرقية وطائفية ولم تنتهِ المؤامرة عند ذلك الحد، بل راح العالم الذي تآمر على سورية وأرسل لها شذاذ الآفاق من كل بقاع الأرض، يفرض حصاراً خانقاً انهارت معه كل القطاعات وعلى رأسها القطاع الطبي، فلا تجهيزات طبية ولا أدوية متوفرة حتى بات المريض ينتظر الموت في أي لحظة، أما عن الحياة فهي ليست حياة على الإطلاق، فلا كهرباء ولا غاز ولا مياه.
هذه الصورة القاتمة كانت قبل ذلك الزلزال المدمر الذي راح ضحيته المئات، والأعداد طبعاً مرشحة للزيادة بسبب نقص الإمكانات اللازمة لانتشال وإسعاف المصابين وإيواء المنكوبين، فالعالم يرى الآن بعينه نتيجة حصاره الذي ضاعف من آثار الزلزال، ومازال الحصار جاثماً على الشعب السوري، في أسوأ عقاب جماعي تشهده البشرية ولا تحرك ساكناً.

صور الضحايا ومشاهد الدمار تحاصر أميركا وتفضح زيف إنسانيتها فهل يتحرك المجتمع الدولي لرفع جرائمها عن الشعب السوري؟

ومن مصر أقول لكم إنّ سورية «خيرها» على الجميع، سورية التي قدمت ملحمة انتصار لمصر أثناء العدوان الثلاثي 1956 ففجرت أنابيب النفط واستشهد ضابطها (جول جمال) في معارك التصدي للعدوان وصدحت إذاعتها بالنداء المقدس (من دمشق.. هنا القاهرة) سورية التي لم تتأخر يوماً عن نجدة أي أخ عربي، سورية التي تدفع كل هذا ثمناً لاختيارها دعم المقاومة ولم تتخلَّ يوماً عن هذا الخيار رغم مرارة نتائجه، سورية الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة (مصر وسورية) التي غنينا معاً يوماً ما في وحدتنا:
وحدة ما يغلبها غلاب تباركها وحدة أحباب
توصلنا من الباب للباب ولا حايل ما بين الاتنين
و لا مانع ما بين الاتنين ولا حاجز ما بين الاتنين
أنا واقف فوق الأهرام وقدامى بساتين الشام
أشاهدها وأهالي كرام يقولوا لي قرّب يا زين
سورية العروبة لا تستحق منا أبداً هذا الصمت، لا تستحق أن نتركها وحيدة وهي التي لم تكفر بالعروبة رغم كل ما عانته من الإخوة والجيران ولكنها أبت إلّا أن تتمسك بعروبتها ولم تتنازل يوماً عنها.
إنّ القرار الأمريكي بحصار سورية هو عار علينا جميعاً، فلتأمر أمريكا الأنظمة بفرض الحصار كيفما تشاء ولكن الشعب العربي لا يمكن أن يقبل بهذا الوضع، فسورية لن تسقط ولكن الذي سيسقط هو شرفنا جميعاً إن استمر هذا الحصار الجائر، ولا بدّ من تحرك شعبي عربي على نطاق واسع لكسر الحصار عن سورية التي تدفع ثمن حريتنا جميعاً.
إنني أؤمن بأن الشعب العربي مازال بخير وأن هناك الملايين الذين يتمنون مساعدة أشقائهم في سورية ولكنهم لا يجدون الطريق الذي يسيرون فيه وهؤلاء أقول لهم إنّ سورية جديرة بكل الدعم ولكن مجرد كلمة تطالبون فيها برفع الحصار يمكن أن تؤتي ثمارها، لا تكلّوا من المطالبة برفع الحصار، اضغطوا على حكوماتكم فهي التي تنفذ الحصار عملياً بأوامر أمريكية، طالبوهم بإرسال المساعدات والتعاون مع الدولة السورية لتخفيف المعاناة وتخطي الأزمة.
إنّ سورية التي لم تتخلَّ يوماً عن واجبها تجاه عروبتها، لم تكن لتتخلى أبداً عن إخوتها لو كانوا في وضعها، فلا تبخلوا عليها بكلمة حق، لا تتركوا باباً إلّا وتطرقوه من أجل رفع الحصار، فلا خير فينا إن تركناها للموت ونحن ننعم بالدفء والحياة.
كوني بخير سورية.. قلوبنا وأرواحنا معك.. «من القاهرة.. هنا دمشق»
كاتبة من مصر

أقرأ أيضاً:

سورية بلد الجميع.. سورية القلب النابض.. عبد الساتر: الكارثة التي أصابت سورية لحظة مناسبة لكي ترفع أصوات الجميع برفع الحصار

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار