يتواصل التحشيد العسكري الغربي وضخ الأسلحة القتالية الفتاكة إلى أوكرانيا وما حولها وتسخين الوضع في هذا البلد القريب من الحدود مع روسيا، مع استمرار الحرب الكلامية.
فماذا تخطط واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي”ناتو” من وراء هذه الاستفزازات؟
الهوس والضجيج الغربي غير المسبوقين تجاه روسيا بحجة الوضع في أوكرانيا تصدرتهما الولايات المتحدة التي أعلنت قبل أيام بأنها سترسل 3 آلاف عسكري إلى أوروبا الشرقية، يضاف هؤلاء إلى 8500 عسكري وضعتهم واشنطن الشهر الماضي في حال تأهّب استعداداً لنشرهم على وجه السرعة في قوة التدخّل السريع التابعة لحلف “ناتو”، كما اعلنت بريطانيا عن إرسال أكثر من 100 عسكري إلى أوكرانيا لتدريب القوات الخاصة الأوكرانية، فيما قالت ألمانيا إنها سترسل قوات إلى ليتوانيا، وقد تذرعت الدول الغربية بمزاعم وجود خطة لدى روسيا لغزو أوكرانيا وذلك للقيام بهذا التحشيد العسكري والإعلامي.
روسيا ومقابل هذا التصعيد الخطير أكدت أكثر من مرة أنها لا تنوي مهاجمة أي من دول الجوار وأنه ليست لديها خطط لغزو أوكرانيا، لكونه لا يوجد لهذا دافع ولا هدف استراتيجي ولا منطق سليم، مشيرة إلى أن ما يثيره الغرب في هذا الصدد هو من الجنون والخيال.
موسكو الداعية إلى الحوار لحل هذه الأزمة بينت أن الولايات المتحدة وبريطانيا اخترعتا مسألة سيناريو الهجوم الروسي المزعوم على أوكرانيا لتحويل الانتباه عن ازماتهما السياسية وخلق فرصة لاستنزاف المليارات لتسليح “الديمقراطيات الهشة” وطريقة لإحياء صورة “الذي لا يهزم” بعد الفشل في أفغانستان، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس طرفاً محايداً في الأزمة الأوكرانية، وهو يعتبر أوكرانيا مجالاً لنفوذه.
ولاشك أن الدول الغربية تهدف من وراء افتعال الأزمة في أوكرانيا إلى تنفيذ مخططاتها العدوانية ومنها محاصرة روسيا والضغط عليها لابتزازها وجعلها تغض النظر عن تمدد حلف “ناتو” باتجاه حدودها، وهو ما ترفضه موسكو رفضاً قاطعاً وتحذر منه، إضافة إلى زيادة الوجود العسكري في الدول المجاورة لغرب روسيا، خاصة بعد نجاح موسكو ودول معاهدة الأمن الجماعي في احتواء التوترات والاحتجاجات في كازاخستان الشهر الماضي، وفشل مخطط إثارة التوترات على الحدود الجنوبية لروسيا.
كما تريد الدول الغربية من هذا السيناريو الكاذب تصدير أزماتها الداخلية خاصة مع تفاقم وباء كورونا إضافة إلى التملص من الضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو والتي تضع حداً للأطماع الجيوسياسية الغربية تجاه روسيا.
ورغم المصالح الكبيرة بين دول أوروبا وروسيا لجهة إمدادها بالغاز الروسي لكونه رخيصاً ووفيراً، إلا أن أميركا ولأسباب جيوسياسية لا تريد أن يؤدي ذلك إلى المساهمة في نمو الاقتصاد الروسي، كما تستخدم واشنطن الدول الأوروبية المعادية لموسكو وبالتحديد دول البلطيق وبولندا لتأخير أو إلغاء مشاريع الغاز الروسية الجديدة إلى أوروبا وهي مشاريع تطالب بها دول مثل إيطاليا واليونان وبلغاريا، وهو ما يفسر من جانب آخر أسباب وخفايا الأزمة الحالية.