هل سيلغي المحسوبيات؟
في إطار تنظيم العلاقة الوظيفية بين الأقارب أصدرت وزارة التنمية الإدارية مؤخراً قراراً يقضي بضرورة تقديم الراغب بالتقدم لمسابقة التوظيف المركزية تصريحاً يشمل عدم وجود رابطة قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الثانية مع الرئيس الإداري الأعلى أو الرئيس الإداري المباشر أو مع عامل آخر في ذات الوحدة التنظيمية التي يرغب المتقدم بالتقدم إليها ضمن الجهة العامة.
في المنظور العام قد يحمل القرار بعض الإيجابيات في أنه سيحد من المحسوبيات و«الواسطات» في التعيين بهذه الجهة أو تلك، ولكن في المقابل قد يحمل في طياته استبعاد بعض الكفاءات، فلا يخفى أن الكثير من المتعاقدين منذ فترات طويلة في جهات يعمل بها أقاربهم وأصبحت لديهم خبرات في العمل، يريدون اليوم التقدم إلى المسابقة للتثبيت أو تحسين وضعهم، وهؤلاء تخولهم سنوات عملهم الحصول على علامات تثقيل للنجاح في المسابقة والتعيين في نفس الجهة التي يعملون بها، فهل ستكون صلة القرابة تلك عائقاً في تعيينهم بمكان عملهم وبالتالي خسارة مؤسستهم لخبراتهم والبدء بتدريب كوادر أخرى من جديد وتدريبهم أيضاً في مكان عملهم الجديد. وهذا قد يكون له تأثير ملحوظ في تراجع الأداء لفترة في بعض المؤسسات.
إذا كان الهدف الأساسي من هذا القرار تطبيق مبدأ الكفاءة بعيداً عن المحسوبيات، فهناك طرق يمكن أن يلجأ إليها بعض المديرين للتحايل على القرار في أن يعين شخصاً لديه مقابل تعيين قريب له في مكان آخر، على مبدأ (حكّلي لحكلك)، لذلك يمكن اللجوء إلى طرق أخرى قد تكون أكثر فاعلية، كأن يكون الامتحان مؤتمتاً بالكامل مع تخصيص درجات قليلة للمقابلة الشفهية التي يفترض أن تكون لجانها مركزية أو من خارج المؤسسة للحد من التأثير بمسار المسابقة والنزاهة في اختيار الكوادر.
نقطة أخرى يمكن الإشارة إليها وتمت ملاحظتها بأن بعض المؤسسات لم تطلب حاجتها الفعلية من الكوادر رغم النقص الكبير لديها في أعدادهم، وبعض الاختصاصات لم تلحظ في المسابقة وهذا ما سيحرم الكثيرين من الحصول على فرصة عمل وسيدفعهم للتوجه إلى القطاع الخاص أو العمل في غير اختصاصهم مع حاجة مؤسسات الدولة الفعلية لهم، فهل سينتظر هؤلاء كثيراً للإعلان عن مسابقات قادمة تبعد عنهم شبح البطالة وتكفيهم لقمة العيش؟.